الأحد، 28 يناير 2018

مسافة خادعة

عدت بعد يومين من محاكمة القرن , وبعد جولة الأنتخابات الأولى .
الساعة الثانية صباحا , بعد منتصف الليل .
أمامى جهاز الكمبيوتر مفتوح على جميع المواقع ( الفيس بوك , تويتر , بوتيوب )  معظم التعليقات على لا للأخوان , ولا لأعادة النظام السايق . ما اشبه اليوم بالبارحة .
ميدان التحرير يعج بالمتظاهرين غضبا من الحكم الصادر على الرئيس المخلوع ووزير داخليته , وبراءة أعوانه الستة .
من قتل المتظاهرين أذن ؟
بدأت تتسرب تصريحات بأن الحدود كانت مفتوحة أمام كتائب القسام وحماس وحزب الله , وهم الذين فتحوا السجون , وهربوا المساجين , مستغلين غياب الشرطة وحدوث الفوضى .
قلبى لا يصدق هذا !
اليوم 5يونية , يوم نكسة 67 .
نحن نعيش نكسة ثانية الآن .
وعلينا أن نصدق الحواديت , ولكنها هذه الليلة غير محكمة الصنع . فبدأ الحر يتصاعد , ولا توجد أى نسمة طرية تلطف من هذا الليل الطويل .
قررت بينى وبين نفسى لن أنزل الأنتخابات ثانية حتى لا أساهم فى أختيار من لاأحب .
لا النوم يأتى , ولا الحكايات مسلية .
وعلى الأمهات الثكلى أن يخلعن العباءات السوداء ويرتدين زى المقاتلات , أن يتشبهن بنساء الأمازون, كل منهن تقطع ثديها وتحمل الرمح مجاهدة فى سبيل الحق والحرية , ويأخذن بثأر أبنائهن .
هل سيحدث هذا ؟
لقد خلا الخيال من احتمالات الحلم , وبقيت خيوط الخديعة .
من ذا الذى قتلك ياشهيد ؟
من ذا الذى جعل امك تصرخ حزنا والما عليك ؟
من ذا الذى ثقب كبدها ثقبا كبيرا .

مقالة

مسه , وأكمل هذه الحداثة حفيده أسماعيل باشا ,وكانت هذه الطبقة الجديدة التى بها (أطاعيين , كبار التجار , الطبقة الأرستقراطية التى تكونت , بالأضافة !لى الأجانب المقيمين فى مصر )

وكان أهتمام هذه الطبقة بالتعليم والفنون والأدب والمسرح والسينما والموسيقى والبالية وما !لى ذلك من فنون متنوعة .

وكذلك تكونت أخلاق أرستقراطية تحاكى الأجانب أو التربية الراقية لبنات العائلات فى ذلك الوقت .
كل هذا يحدث والمجتمع يتطور وأبناء الشعب المصرى ( الفلاحين ) يعيشون على الهامش أو هامش الهامش , وكانت لهم ثقفاتهم الخاصة بهم فى ذلك الوقت وهى ( الثقافة الشعبية بكل أوانها من ( حكايات , أغانى , مواويل , عادات وتقاليد )
فأصبح هناك ثقفاتان , طريقتان فى التفكير ,بمعنى أنه هناك نهر ثقافى يجرى مثل النيل منذ ألاف السنين , حقيقى الثقافة الشعبية تتطور وتدخل عليها مستحدثات جديدة من الواقع حتى هناك مفردات تدخل ضمن اللغة العامية أيضا , ومن خلال الأحتلال الذى مر على مصر منذ عصور طويلة و!لى الآن ( بتحفظ ) تداخلت ثقافات عديدة ومتنوعة لإاصبح هناك تعدد وديمقراطية حقيقية ظهرت ذروتها فى فترة الأربعينيات ( هناك نشاط حزبى حقيقى متمثلا فى حزب الوفد , هناك ثقافة ووعى لدى المثقفين والفنانين , توارد بعض الأدباء والفنانين من الدول العربية خاصة بلاد الشام .

وتطور هذا الحراك مع ثورة يوليو والحلم والأحباطات والطموحات التى قتلت على يد العسكر وهزيمة 67 .
فر من فر وسجن من سجن ومات من مات .

وجاء حرب أكتوبر وتبعة الأنفتاح 77
وظهرت طبقة جديدة ومختلفة تماما ( طبقة الطفيلين والنيو ريتش الجدد )
فكان لا بد من تصدير ثقافتهم للناس وخير دليل على ذلك ظهور أغانى مختلفة عن السائد فى ذلك الوقت ( عدوية على سبيل المثال )

ثم تبعتها السينما وجرت فى ذليلها الأدب ( بتحفظ )
وعاد من سافروا !لى الخليج بعد غياب سنوات طويلة .
ولابد من تصدير ثقافتهم أيضا التى تكونت فى الغربة ( خاصة الفكر الوهابى )
فبدأ المجتمع يغير من منظومة قيمه أيضا وعاداته وتقاليده على سبيل المثال أنتشار ظاهرة العقيقة بدلا من السبوع .
نماء الجماعات الأسلامية وتطورها عما سبق وأصبحت الآن تملك الشارع بسبب الخدمات والمساعدات التى تقدمها للناس البسطاء والأيتام .
فأصبح ولاء الجماعة الشعبية الفقيرة لهم وللأفكارهم .

أنهيار الطبقة المتوسطة

كانت الطبقة المتوسطة والتى حافظت على قيم وأخلاق الشعب لمدة طويلة وهى البوابة الكبرى فى المجتمع لكل شئ ( التعليم , الدين , الأخلاق , الثقافة ..الخ)
مع التضخم , والأقتصاد المفتوح هى لا تملك سوى الراتب الذى كانت تتقضاه من العمل الذى تقوم به ( الوظائف )
وكان هذا العمل يكفل لها الستر والعيشة على الحافة العليا .
وكان الأمل لدى هذه الطبقة هو تفوق أبنائها فى التعليم للصعود الأجتماعى ( طبيب , مهندس ..الخ )


ولكن مع الهزة الأقتصادية العنيفة ( سقط جزء كبير من هذه الطبقة وخصوصا بعد رفع يد الدولة عن التعيين )
فأصبح هناك شرائح متعددة داخل الطبقة الشعبية ولكنها لا تنتمى لهم بشكل كلى .

فيلم بنتين من مصر
يوضح الأنهيار التام والنهائى لأبناء هذه الطبقة .
بنتين متعلمات تعليم جامعى , شريفات بمعنى المفهوم القديم للشرف ( العفة الكلاسيكية )
طبيبة , وأمينة مكتبة ( بنات عم ) يساهمنا فى مصروف البيت ويحلمن بالعريس المناسب .
ولكن بلغن الثلاثين ولم يأتى أبن الحلال ( المناسب )

ورغم الأنهيار لا يفرطن فى القيم والأخلاق
ولكن يبدأ التنازل درجة درجة فى شروط العريس .

وطبعا السيخ ضارب الجميع شباب وبنات , لا ياتى العريس .
الأولى تلجأ للشات مع صديق ( لا منتمى لهذا العالم )
والثانية تصاب بمرض فى الرحم ولابد من شيله .

الأنوثة تموت بداخل كل منهن وتلجأ الثانية للطب النفسى .

ماذا بعد كل هذه الأنهيارات الكبرى تبقى لهذه الجماعة كى تتمسك ب( ....) 

الجمعة، 26 يناير 2018

أغانى شعبية للأطفال
منطقة الجمع بولاق أبو العلا
تلات معالق ع السفره
واحده ترن وواحده تزن
وواحده تقول ياماما
عايزه أكل مكرونه
والبقال معهوش فلوس
والفلوس فى الخزنه
والخزنه عايزه مفتاح
والمفتاح عايز فلاح
والفلاح عايز تفاح
والتفاح فى الميه
والميه عايزه حنفيه
أخص عليكى ياميه
ميه مصديه
الرواة : سما وسهيلة فصل 1-1
مدرسة أبو الفرج
شيكولاته يو
أى لف يو
ليه ياماما ليه
زعلتى بابا ليه
دا بابا لسه صغير
مش عارف ألف بيه
أشترى شيكولاته بالف جنيه
وأشترى عربيه بنص جنيه
دخل الحمام لبس فستان
نزل الملعب قال ياسلام
شيكولاته يو
أى لف يو
ليه ياماما ليه
زعلتى بابا ليه
دا بابا لسه صغير
مش عارف ألف بيه
أشترى شيكولاته بالف جنيه
وأشترى عربيه بنص جنيه
دخل الحمام لبس فستان
نزل الملعب قال ياسلام
ياللا ياماما صلى العصر
قبل مابابا يجى من مصر
بيب بيب بابا جه
نزل يدب طلع يدب
لقى الحمار بيقزقز لب
فتح الحله لقى تعبان
نط فى كرشه قال ياسلام
الننى الننى ياحلاوة ع الننى
يا أول شهرى ولا جتنيش ضهرى
ربى يعوض عليا
الننى الننى ياحلاوة ع الننى
ياتانى شهرى ولاجتنيش ضهرى
ربى يعض عليا
وتظل هكذا تعد هى بمفردها الى أن تصل الى الشهر التاسع
الننى الننى ياحلاوة ع الننى
ياتاسع شهرى وأهو جانى الننى
الننى الننى ياحلاوة ع الننى
( الننى هو تصغير ننه أى الطفل الرضيع أو المولود حديثا , وأحيانا تقال على ننى العين )
أغنية نحن القدماء المصريين
وضع اليد اليمنى على الكتف الأيسر على الأيمن وهكذا فى شكل مقص
ثم تنزل اليدين على الجنبين
مع الغناء
نحن قدماء المصريين
بالمفهومية معروفين
احنا اللى بنينا
السد العالى والأهرامات
خوفو خفرع منكاورع
أتوبيسى بيسى بيسى
رامسيسى سى سى سى
كوبرى العباسية
علمونا ف العلوم
أزاى نعرف نعوم
فى بحر اسكندرية
فتحت كتاب العربى
لقيت واحد بيربى
بيعملى كده هوه
( حركة وضع الذراعين على شكل تنويم طفل صغير )
فتحت كتاب الدراسات
لقيت واحد بيصطاد
يعملى كده كده كده
( تصنع يديها على شكل سنارة مع رفع أصبع السبابة كحركة الصيد )
فتحت كتاب الحساب
لقيت واحد حساب
بيعملى كده كده كده
( تحريك أصبع السبابة اليمنى بجوار المخ من الجهة اليمنى وتحريكة على شكل دائرة )
فتحت كتاب الدين
لقيت صلاح الدين
بيعملى كده كده كده
( يتم تحريك الذراع لأعلى على هيئة سيف ويطوح فى الهواء أستعداد للقتال )
فتحت كتاب العلوم
لقيت واحد بيعوم
بيعملى كده كده كده
( تحريك الذراعين على هيئة سباحة فى الماء )
ملاحظة
نلاحظ أن هذه الأغنية لتعريف اسماء المواد التى يتم دراستها فى المدرسة وادخال بعض المعلومات البسيطة خاصة بكل مادة
والحركة تفيد التأكيد اللفظى للمعنى .
مثلا
حركة السيف مع صلاح الدين
المعلومة صلاح الدين والأداة السيف الذى يستخدم فى الحرب
والحركة هى القتال .
أى أن المعنى الضمنى للحركة بأن السيف يستخدم فى الحرب وصلاح الدين هو بطل ن أبطال
الحروب العظيمة وجاء ذكره فى كتاب الدين . مع أن العكس المفروض ياتى ذكره فى كتاب الدراسات على أعتبار أنه بطل تاريخى
ولكن الجماعة الشعبية لا تهتم بشكل دقيق الا بما يعنيها هى فهو بطل دينى من وجهة نظرها لأنه أنتصر على أعداء الأسلام .
**************************************************************
جمع وتحليل صفاء عبد المنعم
أغنية أنا سندباد
مجموعة مكونة من بنتين , تصفق الأولى على يد الثانية فى حركة اليمين مع الشمال والعكس مرة للأعلى ومرة لأسفل
ثم تصفيق اليدين أمام بعضهما .
ثم ترفع كل منهما يديها على كتفها مع رفع أصبع الأبهام وضم الأصابع الأخرى ( حركة كده أوكيه )
الأغنية
انا سندباد أختى من بغداد
اختى ياسمينه عروسة المدينة
جابت لى قمصين فيهم زرارين
سمتهم على اسمين الحسن والحسين
اخويا علاء الدين جاب لى كتاب الدين من فلسطين
فلسطين بلدنا واليهود كلابنا
بيخبطوا على بابنا زى الشحاتين
تين تين تين يابتاع الفساتين
تتأبط كل منهما ذراع الأخرى , ويلففن حول بعضهما وكل واحدة وجهها بعكس الأخرى
أيس كريم أيس كريم
أيس كريم أيس كريم أنتو أنتو
أيس كريم أيس كريم أتفو أتفو
لعبة فتحى ياوردة الجديدة
ألعاب بنات
فتحى ياوردة قفلى ياوردة
يتم عمل دائرة من البنات , والحركة بشكل دائرى وهن متشابكات الأيدى 
مع الغناء
فتحى ياوردة قفلى ياوردة ( تصفيق ثلاث صقفات )
البنت الشاطرة طول عمرها شاطرة //
تعرفوا تعدو من واحد لعشرة //
ثم يتم التنطيط داخل الدائرة عشرة مرات مع العد
واحد اتنين تلاتة ...
من تنط عند العشرة وتكون القدمين مفتوحتين على شكل v تخرج من الدائرة
والمضمومة القدمين تظل مكانها وتكمل اللعبة .

حوار أشرف قاسم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
س رحلة طويلة وشاقة بأتها صفاء عبد المنعم، وهى مازالت صغيرة، صدرت مجموعتك القصصية (حكايات الليل) 1984، مالذى أغراك فى عالم الكتابة؟ وماذا كان هدفك من ولوج هذا العالم فى سن مبكرة؟

ج فكرة الكتابة عندى بدأت فى المرحلة الثانوية، بكتابة شعر فى المناسبات، والإذاعة المدرسية، وفى حفلة عيد الأم، ثم ذهبت إلى مكتبة مركز شباب المنشية الجديدة بشبرا الخيمة كى أستعير بعض الكتب للقراءة، وهناك عرض على الأستاذ سيد أمين المكتبة فكرة عمل ندوة أسبوعية، وأنضم ألينا عازف الموسيقى الأستاذ عادل وكان يكتب الشعر، وبدأت الندوة بثلاث شخصيات، وكانت تقام يوم الثلاثاء من كل أسبوع، ثم كتبت أول قصة لى (يوم عاصف) وأعجب بها الجميع ، ونشرت فى جريدة القليوبية، ومن يومها أصبحت أكتب القصة، واستمرت الندوة سنوات طويلة، وأصبح من روادها كثير من الكتاب والشعراء الشباب،وهم الآن من مشاهير الكتاب على الساحة، وفى مرة كنا فى رحلة إلى أسوان، وهناك طرح على الأستاذ فوزى مدير مركز الشباب، طبع كتاب لى على نفقتى الشخصية كى يكون باكورة إنتاجى، وبالفعل عملنا مجموعة مشتركة أنا وصديق لى عماد شندى، وكانت مجموعة (حكايات الليل) طبعة خاصة لى بها 4 قصص قصيرة، وأقيمت لها ندوات فى جميع مراكز الشباب، وفى قصر ثقافة شبرا الخيمة وناقشها الأساتذة (محمود العزب ونبيل عبد الحميد ومحمد السيد عيد وعبد العال الحمامصى) فى عام 1984 .

س "سوف تفتح الحجرة، ويأتى أخريات مهووسات بالعزلة والوحدة والكتابة مثلى" آخر سطر فى روايتك الفاتنة (امرأة الريح) هل هو ملخص لحياة صفاء عبد المنعم؟

نعم.
كل كاتب يكتب فى كل عمل له جزء من حياته، سواء الماضية أو القادمة (المستقبل) ومن هنا تأتى فكرة النبؤة، فالمبدع الحقيقى لديه درجة عالية من الشفافية والوعى، خاصة إذا كان صادقاً مع نفسه، ومن هنا كانت رواية امرأة الريح، المرأة/ الكاتبة التى تحلم بجائزة نوبل، كى تكون تتويجاً لعملها الإبداعى الطويل، الجائزة حلم أى مبدع، وقد تأتى أو لا تأتى، فالجوائز تذهب للمحظوظين، هناك كتاب كثر يستحقون الجائزة وأكثر لكن الحظ لم يحالفهم، وظل يوسف أدريس يحلم بها هو غيره، ولكنها ذهبت إلى نجيب محفوظ، هكذا شاء الله .

والكتابة ليست حكراً على أحد وتنتهى بعده، الكتابة والإبداع مستمران بأستمرار الحياة، يذهب كاتب ويأتى كاتب، هكذا هى الحياة، نقرأها ونكتبها ونرحل، ويأتى أخرين يكملون أو يتقاطعون مع ماسبق ، لكنها الستمرارية هى سنة الحياة.


س القصة القصيرة:
كانت البداية مع القصة ثم مع الرواية ثم مع أدب الأطفال والدراسات الشعبية، كيف تستطعين الموازنة بين هذه الأجناس الأدبية؟
ج فى البداية عام 1982 كتب أول قصة قصيرة لى (يوم عاصف) وكنت فى تلك الفترة اقرأ تشيكوف وقد أحببته جداً، وأعجبنى اسلوبة، ثم قرأت يوسف أدريس وعشقته، وقرأت العمال الكاملة للراحل يحيى الطاهر عبد الله وكانت كتابة مختلفة وثرية وبها رائحة طين الأرض والخرافات والحكايات فهى مزيج واعى من السرد الغنى بمفهو القص، ثم قرأت الأديب العالمى ماركيز عندما حصل على جائزة نوبل عام 1982 ورائعته(مائة عام من العزلة) وهنا توقفت كثيرا، لماذا لا أكتب مثل ماركيز، خصوصاً أن شخصية( أرسولا) الجدة كانت تشبه جدتى تماماً، وكأنه كان يعيش معنا، ومن هنا ظللت أحلم بكتابة عمل إبداعى روائى مثل مائة عام من العزلة .
 وكتبت رواية ( من حلاوة الروح) صدرت عام 2000 وهى أول رواية تكتب بالعامية المصرية كاملة، كنت قد قرأت رواية مصطفى مشرفة( قنطرة الذى كفر) وأعجبتنى، أول رواية كتبتها كانت من عشقى للرواية بسبب ماركيز، ومن يومها أصبحت أكتب القصة والرواية.
 أدب الأطفال :
 قبل النوم كنت أحكى لبناتى حدوتة قبل النوم مثلما كانت تفعل جدتى معنا ونحن أطفال صغار، وربما تكون هذه الحكايات هى السبب الحقيقى فى الكتابة عندى، عالم واسع من الخيال، والتسلية والترفيه، وتعلم الفروسية والبطولة، وخصوصاً حكايات ( ست الحسن والجمال والشاطر حسن، وأمنا الغولة) وأنتصار الخير على الشر مهما كانت العقبات، وهكذا أحببت أن أعلم أولادى ما تعلمته، وانقل لهم التاريخ الشفاهى من الحكايت، ولكن أنتهت الحكايات التى أحفظها، فكنت أألف لهم الحكايات، ومن هنا جاءت فكرة كتابة القصص للأطفال، وصدرت لى ثلاث مجموعات قصصية، وعندى ثلاث مجموعات تحت الطبع الآن.
وأول مجموعة لى للأطفال هى( سفينة الحلوى) وصدرت عن كتاب قطر الندى. ومنذ عام 2011 وأنا أقوم بعمل ورشة لتدريب الأطفال الموهوبين، وورشة للحكى، أحكى للأطفال الحكايات الشعبية التى سمعتها أو قرأتها.
الدراسات الشعبية:
كانت البداية عام 1990 عندما ألتحق مجدى الجابرى بمعهد الدراسات الشعبية، وكنت أنزل معه نجمع الحكايات الشعبية من الأهل والجيران، فأعجبت بالفكرة، وكنت أدرس وأقرأ معه الكتب والأدب الشعبى، وتعلمت الكثير من العظيم عبد الحميد يونس، فجمعت كتاب( أغانى والعاب شعبية للأطفال) وصدر عن سلسلة دراسات شعبية عام 2004 ، وأستمر هذا الشغف معى وألتحقت بأكاديمية الفنون عام 2005 قسم تذوق فنى، ثم معهد الدراسات الشعبية عام 2007 وجمعت كتاب( داية وماشطة) عن عمل الداية والعادات والتقاليد والطقوس من بداية الحمل حتى الميلاد وهو الآن تحت الطبع.

س مجدى الجابرى هو العنوان الأبرز فى حياة صفاء عبد المنعم، ولذا نراه مازال حاضراً بروحه وإبداعه الباقى، إلى أى مدى كان تاثيره فى مشوارك الإبداعى؟
ج تعرفت على مجدى الجابرى من خلال ندوة مركز شباب المنشية الجديدة كان يأتى نادراً، وكان صديق الشاعر محمود الحلوانى، ثم أصبح يأتى إلى ندوة الكاتب الكبير محمد جبريل والتى كانت تقام فى جريدة المساء المبنى القديم كل يوم أربعاء، ثم ندوة الغورى بقصر ثقافة الغورى، فى الثمانينات كانت الندوات كثيرة وتقام فى كل مكان ، وكنت قد توسعت فى علاقتى بالوسط الأدبى، واصبحت أحضر ندوة نادى القصة يوم الأثنين، وندوة محمد جبريل يوم الأربعاء،وندوة الغورى، ثم نذهب إلى مقهى الفيشاوى أو السكرية أو الجمالية ونسهر مع الأصدقاء، وفى ندوة نادى بهتيم الرياضى وقصر ثقافة شبرا الخيمة ، والكثير والكثيرمن مراكز الشباب ، لقد أتسعت الدائرة، فى عام 1988 عرض على مجدى الجابرى الزواج، وكان خائفاً أن ارفضه، لأنه بلا عمل ، ولكننى أقنعت أبى وعشنا فى بيتنا بالمطرية لمدة 8 سنوات ، وكان مجدى قد أصدر ديوان( أغسطس) 1991ولقى صدى كبيرا فى الوسط الثقافى، واصدرت مجموعة(تلك القاهرة تغرينى بسقانها العارية) عن اصدارات مصرية، وكانت كتابة جديدة ومختلفة فى ذلك الوقت، وكانت بداية الكاتبة النسوية كما قال البعض وناقشها الأستاذ ( إبراهيم فتحى) فى ندوة المساء، وعلاقتى بمجدى الجابرى هى علاقة الإيمان بالإبداع، فهو لم يحرمنى من الكتابة أو النشر، بالعكس أتسعت دائرة الأصدقاء، وتعددت القراءات وكنا نتبادل الحوار والمناقشة، وأقمنا فى منزلنا بالمطرية (ندوة كل يوم جمعة) وكنا ننقاش فيها الكتب والأصدرات للأصدقاء، ناقشتنا منتصر القفاش عندما أصدر كتاب( السرائر) وناقشنا سناء المصرى عندما أصدرت كتاب( خلف الحجاب) وناقشنا الكثير والكثير، وخصوصاً عندما حدثت حرب الخليج الولى عام 1991 ، أقمنا الندوات الكثيرة، وأقمنا المؤتمرات، كنا نشعر بأن الأدب والفن والثقافة لهم دوراً كبيراً، ومن هنا جاء أيمانى بقيمة المثقف الواعى، أو المثقف العضوى الفاعل فى المجتمع، وأنضممت إلى جماعة( بنت الأرض) بالمنصورة، وغيرها من الأماكن، كنت أبحث عن دور حقيقى للمرأة المثقفة.
وربما تكون وفاة مجدى مبكراً وهو فى أوج إبداعه الشعرى جعلنى أحافظ على تجربته ، ونشرت له 4 كتب بعد وفاته، ثم الأعمال الكاملة عام 2014 على نفقتى الشخصية عن دار وعد . كنت أتمنى أن تصدر عن هيئة الكتاب أو الهيئة العامة لقصور الثقافة مثل كثيرين ولكن للأسف الشديد لم استطع .

س إلى أى مدى استطاع النقد أن يواكب تجربتك الإبداعية الممتدة والتى أثمرت حتى الآن 25 كتاب و5 كتب تحت الطبع بين القصة والرواية وأدب الطفل والدراسات الشعبية؟
ج النقد لا يواكب أى مبدع !
ولا توجد نظرية نقدية تبشر أو تستشرف القادم مثلما كان يحدث فى المدارس القديمة أو الجماعات الأدبية، لكن المبدع يكتب، وينشر على نفقته الشخصية أحيانا ويقيم الندوة أو حفل التوقيع ويتصل بالناقد وبالأصدقاء ويتشترى النسخ من كتابة ويوزعها بيده على الأصدقاء ويقرأ او لا يقرأ ، وظهور مجموعة من الكتاب الصحفيين أحتلوا الساحة الإبداعية بسبب عملهم فى الصحافة ، فتفشت ظاهرة سلبية، أخفت المبدع الحقيقى المستقل عن الساحة، فلا يكتب عنه، ولا تقام له ندوات ، وإذا قام بعمل ندوة لا يحضر إلا القليل ثلاثة أو أربعة فقط ، فأصبح يوجد على الساحة( تبادل المنفعة) أنت تعمل فى جريدة، لك عمود، رئيس تحرير سلسلة، لك الحظوة والنقد والتهليل والتثقيف، أنت مبدع على باب الله أكتب فى صمت، وانشر بعد عذاب، وانصحك لا تقيم ندوة، لن يأتى لك احد وستظل الكراسى خاوية، وهذا شكل مهين، أخر مرة أقمت ندوة لى كانت فى دار نفرو بعد صدور رواية( قال لها ياإنانا) وبعدها توقفت عن عمل ندوات لى منذ عام 2007 تقريبا.

س الجوائز العربية، كيف تراها صفاء عبد المنعم؟ واين هذه الجوائز من مشروعك الأدبى؟
ج الجوائز تذهب لأصحاب الحظ بعيداً عن جودة العمل أو لا ، وهناك أصبح مايعرف بالكتابة على الموضة فمثلا : رواية كبيرة الحجم فازت بجائزة، يقوم الكتبة، بكتابة رواية لا تقل عن 500 أو 600 صفحة ولكه حشو يمكن تلقى بالكثير فى سلة المهملات ولكنها الموضة، رواية فازت لأنه شتم الوطن وكتب عن المسكوت عنه، الكتبة يكتبون كذلك، فاصبح الإبداع حسب موضة الجائزة، وليس من أجل الإبداع، وعمر ماكانت الرواية بالكيلو أطلاقاً ، فمسألة الجوائز لنا الله داخل مصر وخارجها، وفى جوائز تحدد السن أزاى وممكن كاتب يبقى عنده 60 سنة ولم يحصل على أى جائزة ، أحسن شىء انا اكتب وأبدع من يريد القراءة يقرأ، ومن يريد منحى جائزة يمنح ، والحمد لله . بخلاف القائمين على الجوائز لهم أغراض لا نعرفها، وحظك حلو لو تعرف حد فى مطبخ الجوائز، ومحدش يكدب، ويقول خدها كدا.

                                                                     صفاء عبد المنعم
                                                                            
  

.

 

نشر هذا الحوار ضمن كتاب أسرار الكاتبات

حوار دار لمار
س1  بما تصفين (صفاء عبد المنعم) لمن لا يعرفها ؟
ج  صفاء عبد المنعم حدوتة مصرية .
 امرأة طموحة، تعشق الحرية، وتحب العلم والثقافة، نشأة فى أسرة متوسطة، وأستفادة من إنجازات عبد الناصر(التعليم المجانى، والتعين عن طريق القوى العاملة) تعمل فى إدارة المدرسة بالديمقراطية التى تؤمن بها، ربت بنتين على قيم الخير والجمال والعدل وحب العلم والإبداع .
س2  لكل أنسان ناجح عوامل تضافرت فأنجحته، فما سر نجاحك؟ وهل يمكنك تحديد العوامل التى خلقته؟
ح  أول عامل ساهم فى نجاحى هو تفوقى فى الدراسة والأصرار على الأستمرار ، وعدم السماح لأى شخص مهما كان فى تغير أفكارى وقنعاتى وقرارتى .
  - التفكير فى نموذج جيد للرجل الذى أريد الأرتباط به ، كنت عكس كل البنات فى ذلك الوقت يحلمن بالشبكة والعفش والشقة ، أنا كنت أحلم برجل مختلف ، يحترم عقل المرأة ويقدر وعيها وطموحها، لقائى بالشاعر مجدى الجابرى أثبت صحة وجهة نظرى عن الزوج المثالى
العوامل التى خلقت النجاح :
  - التفكير بأكثر من طريقة لحل المشكلة مهما كانت صعبة أو مستحيلة .
- ترتيب الأولويات .
-  القراءة المستمرة بشكل يومى .
- التفكير بمنطق المكسب / المكسب .
- حرية الفكر وتحديد الأهداف، ماذا تريد ؟ وماذا تفعل؟ وماذا تحب؟
- القراءة المتنوعة فى كل المجالات وليس الأدب فقط .
- عشقى لمصريتى وأعتزازى بهويتى .
- أنتهاز الفرص للتدريب والمعرفة وحب العلم .
- الأطلاع على كل ماهو جديد ومثمر .
- القراءة اليومية لمدة لا تقل عن 3 ساعات يوميا.
س3 كيف ساهمت بيئتك فى خلق نجاحك ؟ وما أبرز عناصر تلك البيئة ؟ وإلى أى مدى أنتِ راضية عنها ؟
ج لقد تربيت فى طفولتى فى حى شعبى ، وهو حى المطرية ، ويقع بالقرب من منطقة المسلة، وله حضارة قديمة ، وبه العديد من الأماكن الأثرية الدينية وكثير من الأضرحة للأولياء الله ، وقد تعلمت كثيرا من الثقافة الشعبية السائدة فى فترة الستينات ، والأنجازات المهمة التى حدثت فيها ، وأذكر على سبيل المثال عشقى لخطابات جمال عبد الناصروفكرة البطل النموذج المثالى ، وكنت أجلس مع الأسرة للأستماع إليها بحب وشغف ، وماساهمت به فى تسيس الشعب المصرى ، ولكن الآن الأحياء الشعبية لم يعد لها الصدى القوى مثل السابق وأندثر الكثير من العادات والتقاليد من حياة المصريين ، وتبدلت بعض القيم المثالية مثل الجار للجار وغيرها .
س4 إلى أى مدى يمكن للبيئة المحيطة أن تيسر أو تعيق أنطلاقة امرأة تهتم بالشأن العام وتريد أن تنجح ؟
ج عندما نترك للأخرين تقيم ما نفعله أو أنتظار رد الفعل الإيجابى منهم ، ولكن الأنفصال عن البيئة المحيطة مهم جداَ خصوصاَ فى مجال الإبداع لأنه أحيانا لا يفهم مصطلح (كاتبة) عكس (صحفية) ولكن لا تنظر للواقع نظرة متعالية ، أن تعايش الواقع ولكن بصورة مختلفة هى ليست الأندماج والأندياح التام فى الواقع ، ولكنها علاقة أتصال أنفصال ، وأحيانا الوقوف عن بعد لمشاهدة وتقيم هذا الواقع المتعين أمامك خصوصاً فى المناطق العشوائية والتى تكونت بعد فترة السبعينيات وفيها الكثير من السلبيات على الروح والثقافة ، وأنفصال الناس بشكل كلى عن أحترام خصوصيات الآخر والجهل التام به .
س5 ما تقيمك لنسبة النجاح الذى حققته حتى الآن؟ وماتفسيرك لهذه النسبة؟
ج بالنسبة لى ،النجاح الذى حققته حتى الآن (كثير ومشرف) ولكن بالنسبة لشخصية مثلى طموحة لا ترضى أو تقتنع بما أنجزته ، لآنها تشعر بشكل دائم أنه مازال هناك الكثير والعديد من المشاريع التى لم تنجز بعد . وأحيانا تكون هناك معوقات عديدة خارجة عنك مثل العمل والعلاقات الإجتماعية والمسؤولية المادية .

س6 ماذا يمثل النجاح فى رأيك؟ ومتى نعتبر الإنسان ناجحا؟
النجاح يمثل لى الحياة التى أربو أليها ، واكتب ما أريد دون خوف أو عمل حسابات لعلاقات  خارجية مثل النشر ، ماذا أحصل من وراء هذا العمل ؟ أنت تكتب لأنك تشعر بحرية واستمتاع ومسؤولية .
الأنسان الناجح هو الذى يحقق مايطمح إليه وليس مايريده فقط ، أن تصل إلى الهدف الحقيقى حتى فى عملك .
س7 تأسيسا على السؤال السابق ، ما العوامل التى لو اجتمعت تضمن للإنسان الفشل؟
ج فقد البوصلة الخاصة بك .
عندما يترك الأنسان أرادته فى يد غيره يسيرها له ، ويغيب الوعى ، ولا يسعى جاهدأ لتحقيق مايريده هو ، وليس مايريده الآخرين له أو منه ، حتى لو فشل ، يحاول مرة وأثنين وثلاثة ، وإذا أخطأ هو الذى يحاسب ويقيم نفسه ويتعلم الدرس بشكل جيد . ويتحمل نتيجة أختيارته ، وتبعات الأختيار .
س8 بعد أن وجدت ذاتك، ووصلتي إلى معادلة ما أنجحتك، لنتصور أنك تبدئين اليوم حياتك العامة، من أين ستبدئين؟ وهل ستختارين الطريق نفسه؟ وعن أي شيء ستتخلين؟ وبأي شيء سوف تتمسكين؟
ج كنت سأتخلى عن المثالية المفرطة ، وكنت سأتمسك كثيرا بأموالى بشكل خاص . وأواصل العلم حتى الحصول على الدكتوراة . وماعدى ذلك فمعظم أختياراتى ناجحة ومهمة ، وفعلتها عن قناعة تامة .
س9 أحياناً يفكر الإنسان، خلال مرحلة ما، في الرجوع للخلف قليلاً، أو تجاوز تغيير المسار، أو التراجع عن قرار اتخذه. هل فكرت في تغيير مسارك يوماً؟ أو تراجعت عن قرار مصيري؟
ج لا ولكن هناك سؤال هل لو كنت ظللت فى وزارة الثقافة والتى أنتدبت إليها عام 1986 ولم أعد إلى وزارة التربية والتعليم ماذا كنت أكون عليه الآن ؟

س10 نجاح المرأة، هل يحتاج إلى داعم، أو راعي، أو مساند بصورة ما؟ أو لا يحتاج؟ ولماذا؟
ج نجاح المرأة يتوقف على مدى إيمانها بذاتها كأنثى أولاً ثم ككاتبة ثانية .
الدعم ربما يوفر بعض الوقت أوالفرص ، ولكنه لا ينتج إبداعاً حقيقيا .والأعتماد الكلى على الداعم الخارجى يقد يسبب السقوط أو الفشل عند عدم تواجده أو البحث عن وجه آخر ، فتنهار وتفشل .
س11 لنفترض أنك إنساناً آخر غير الذي أنت عليه الآن، وصادفت كتاباً يحمل اسم "صفاء عبدالمنعم" على إحدى رفوف مكتبة، أو في معرض ما، ماذا سيكون قرارك، هل تقتنيه، أم تفكري قليلاً، أو تنصرفي عنه؟ ولماذا؟
ج سوف أقتنيه من منطق التعرف على الجديد عن قرب وليس عن السماع ، وتقيم العمل منفصلا عن الشخص ، هناك أصدقاء لا اقرأ لهم ، وهناك اسماء أبحث دائما عن كل جديد لهم دون معرفة أو لقاء .
س12 بمَ تصفين أسلوبك في الكتابة؟ وما الذي يميز كتاباتك؟
ج أسلوبى دائما يحير الآخرين ، لأن كل عمل لى له طريقة كتابة مختلفة وتقنية جديدة ، الذى يميز كتابتى هو الصدق المشاعرى ، تأصيل الهوية ، تفتيت بعض الثوابت فى العلاقات وتخلخلها بشكل فنى علمى وبأسلوب أدبى .
س 13 إذا كان عليك الاختيار بين أن تنشري لنفسك أو لغيرك، ماذا ستقررين، وما المكسب أو الخسارة في الحالتين؟
ج هو حقيقة أفكر وبشكل جدى فى عمل دار نشر خاصة لنشر الإبداع المختلف والجديد والمميز لى أو لغيرى سيان ، مايهمنى الإبداع أكثر من المبدع حتى لو فى أى مكان .

س 14 أي كتبك أقرب إليك؟ ولماذا؟
ج كلهم أبنائى ، ولكن هناك مثلا التجربة الأولى ، أو الأكثر رواجا.
أحب مجموعة قصص بنات فى بنات ورواية من حلاوة الروح والتى كتبتها كاملة باللغة العامية وصدرت عام 2000 وهى أول رواية صدرت لى .
س15 هل لك أن تحكي لنا متى بدأت الكتابة؟ وكيف كان شعورك عند صدور أول كتبك؟ وهل نجح في الوصول إلى جمهورك المقصود؟
ج بدأت الكتابة عام 1982 ، وكونت أنا ومجموعة من الأصدقاء ندوة باسم جماعة جذور بمركز شباب المنشية الجديدة بشبرا الخيمة . شعورى عند صدور أول كتاب لى سعادة بالغة ولذة لم أحققها حتى الآن ، ورغم بساطة صناعة الكتاب والإبداع إلا أن المجموعة لاقت ترحيبا جميلا . بدأت الحكاية فى عام 1984 عندما قررت أنا وصديق لى أن نقوم بطبع كتاب ماستر مشترك ، 4 قصص لى وهو كذلك ، وكانت تكلفة الكتاب حوالى 75 جنيها ، اسم المجموعة (حكايات الليل) .
س16 لنتعرف من خلالك على بيئة الكتابة في مصر، ما الذي يميزها، وماذا يعيبها؟ ما التحديات التي تعترض الكاتبة، وكيف هي معاملة دور النشر لها؟
ج بيئة الكتابة فى مصر الآن مختلفة عما بدأت أنا مثلا فى عام 1982 ، أصبح هناك تعدد فى الآراء ، وكثير من دور النشر الخاصة التى تتيح فرصة النشر بشكل أوسع وأكبر عما سبق حتى لو قمت بدفع ثمن تكلفة الكتاب أو ساهمت بجزء منه ، يعيبها ما يميزها أنتشار بعض الإبداع الغث وزيادة عدد المبدعات ، ولكن مفرزة التاريخ والقراءة تجعل البعض يستمر ، والبعض ينحسر ، التحديات التى تعترض الكاتبة النظرة الدونية للمرأة بشكل عام ، الزحف الوهابى والمتطرف فى الأفكار، دور النشر الخاصة تختلف من دار إلى أخرى حسب النظام الداخلى فما يعانية الرجل المبدع تعانية المرأة المبدعة  وكذلك فى النشر العام أيضا ، أنتظار الدور واحيانا الواسطة ، أو تقيم المسؤول للشخص المبدع أو ابداعه حسب الأهواء الشخصية .
س17 يشكو كثيرون ممن أصدروا أعمالاً من ضآلة التوزيع، ليس فقط بالنسبة للمبتدئين، بل حتى نجيب محفوظ تحدث عن كساد مبيعاته في حديث له مع فاروق شوشة، وهو من هو. فما تفسيرك لكساد التوزيع في مصر، وكيف يمكن معالجة هذه المشكلة؟
ج سوء التوزيع فى مصر متوقف على عدم أهمية الناس بقيمة القراءة وفائدتها فى النضج العقلي ، المعرفة توسع دائرة الإدراك ، وتساهم بصورة جيدة فى أتخاذ القرارات ، يصبح هناك متعدد لحل المشكلة ، وسوء الداعية عن الكتب أيضا ، الأعلام بشتى نواحية لا يروج للكتب حتى الجرائد والمجلات المتخصصة أيضا . حتى ظاهرة البست سلر ليست عن جودة العمل فقط .
س18 لمن تكتبين، ولمن تنوين الكتابة في المستقبل؟ هل هناك فئات ما لم تصل إليها أفكارك؟ ما هي؟ ولماذا؟
ج أكتب أولا لقارئ خاص ومختلف هو يبحث عن نصى وأنا أبحث عنه وربما نلتقى فى يوم ما ، فى المستقبل أنوى الكتابة للجميع ولا أستثنى أحدا ، نعم هناك الشباب الجدد ،قارئ لم أصل إليه بسبب سوء التوزيع والدعاية الجيدة للعمل ، وسوء الفهم عما هو الإبداع بشكل عام ، هناك نماذج يحبها الشباب الآن وبعض الكتاب يعرفون ذلك مثل الكتابة عن الجنس والعنف وخلافة بصورة أنا لا أكتب بها ، لأن هناك قناعات لكل مبدع ، وللقارئ أيضا
س19 ما زالت صناعة الكتب في مصر، وربما في عالمنا العربي لا تحقق مردوداً للناشرين؟ لماذا؟
ج نعم ، لأن الكتاب حركة تراكمية ، وليس سلعة موسمية مثل الملابس وحسب الموضة ، شكسبير مازال يقرأ إلى الآن رغم مرور هذه السنوات وغيره أيضا ، وسوء الدعاية من الناشر ، وغلو الأسعار ، أى شاب يستطيع شراء رواية بمبلغ 120 جنية مثلا .
س 20 لنتحدث قليلاً عن تفضيلاتك في القراءة، لمن تقرئين؟ وماذا يعجبك في أسلوبه؟ وما مآخذك عليه؟
ج أحب الأدب الكلاسيكى بشكل عام ، وأفضل قراءة كافكا ، يعجبنى الأهتمام بدواخل الذات وتقلباتها وعبث القدر معها ، أسلوبه يجعل ذهن القارئ متحفز دائما وغير كسول ، فهو يقرأ بشكل مختلف عن القارئ المستريح والمطمئن ،المأخذ عليه السوداوية المفرطة .
س 21 هل تضعين في اعتبارك جمهوراً ما حين تكتبين؟ وهل حاولت يوماً أن تتفهمي طبيعة جمهورك؟  وكيف في رأيك يمكن الإلمام بخصائص الجمهور المناسب؟
ج نعم أضع جمهورا معينا لعملى حتى لو قليل، وأتفهم طبيعة مايريد والجديد الذى ينتظره منى فى الفكر والتقنية والأسلوب ، الألمام بخصائص الجمهور تأتى مع الوقت وكثرة الإبداع ، انا أحب القارئ الذى يضيف للعمل بقراءته ، لا ينتظر أن يقول له العمل كل شئ وهذا نادر .
س22 الرجل في حياتك ماذا يمثل؟ وأيهم أكثر ثقلاً، الأب، الزوج، الأخ، الابن، الزميل، أو الصديق؟
ج الرجل فى حياتى هو ليس محور الكون ، وكنت لا أجلس واضعة يدى على خدى فى انتظاره ، ولكنه يمثل لى نقله فى الوعى والمعرفة ، مثلما حدث بالضبط مع زوجى الشاعر مجدى الجابرى . الحمد لله لم يمثل أحدا لى ثقلا فى عائلتى بأى شكل من الأشكال سوى الأختلاف فى وجهات النظر أحيانا ربما يكون أبى فى البداية مثل كل أب يريد أن يفرح بزواج أبنته فقط .
س23 متى يصبح الرجل عبئاً على المرأة، وكيف يمكن منع أثره السلبي على فرص نجاحها، هل باستقلالها المادي؟ أم بالانفصام عنه؟
ج الرجل بشكل عام من خلال الثقافة الذكورية يشكل عبئا ثقيلا على المرأة بشكل عام ، ويتحكم فيها بشكل كبير وخصوصا الآن بعد تراجع المكاسب الكثيرة من التفكير الليبرالى الذى حدث بعد ثورة 1919 وأنتهى بالتفكير الرديكالى (الأصولى) فأصبح الرجل الآن وبشكل كبير يستحوذ على أفكار المرأة وهى التى سمحت له بذلك عندما تخلت عن المكاسب التى حصلت عليها فى السابق ، وعدم تفعيل العمل النسوى بشكل جيد وفعال فى الواقع .الأستقلال المادى أصبح ظاهرة صحية خصوصا بعد خروج المرأة للعمل ، وهناك ملايين من النساء مسؤلات مسؤلية كاملة عن الحياة والبيت والأولاد حتى فى وجود الرجل ،الرجل أصبح فى بعض المناطق والمنازل وجود عينى فقط ، وكثير من السيدات الان يرفضن الأرتباط بشكل كبير .
س24  لنتحدث قليلاً عن الفنون، أيها أقرب إليك؟ وهل لديك أي محاولات لتجربة أي منها بنفسك؟ ولماذا تراجع الجيد منها وساد الرديء في مجتمعنا حالياً؟
ج أقرب الفنون إلى قلبى هى الموسيقى ، لقد حصلت على دبلوم تذوق من المعهد العالى للفنون ، ولكننى لم أمارس العزف سوى فى معهد المعلمات كنت أعزف على الأكرديون وكنت تخصص موسيقى مع اللغة العربية ، تراجع الجيد لأنه لم يعد هناك ثقافة سماعية ، والمبدع الجيد يعانى الآن من سوء التوزيع والمستمع المثقف ، ساد الردئ بسبب الصعود والأختراق الطبقى الذى حدث فى السبعينيات ، وأصبح من يمتلك المادة(القوة الشرائية) لشرائط الكاسيت هم الصنايعية والعمال اللذين ذهبوا إلى دول الخليج ، وعادوا بقيم أستهلاكية مختلفة .
س25 ماذا يمكن أن يفعل الفن الهادف في مجتمعنا؟
ج الفن بشكل عام هو القاطرة التى تتقدم المجتمع وتجذبه إلى الأمام ، ولو فهم المبدع والمثقف دوره الحقيقى فى قوة التأثير على المجتمع سوف يتغير كثيرا للأفضل ، الفن الهادف مازال له جمهور طيب رغم قلته .
س26 ما الفنون المنسية في مجتمعنا؟ وماذا خسرنا بفقدانها؟
ج الفنون المنسية الآن فى المجتمع كثيرة (البالية،الفنون الشعبية،الموسيقى،النحت) خسرنا بفقدانها الرقى والجمال وحب الخير والعدل والضمير أيضا .
س27 من عازفك المفضل، ومن مطربك أو مطربتك، سواء من مصر أو خارجها؟ وهل تفضلين نمطاً موسيقياً معينا؟ وهل لديك مقطوعة ما تجعلك تكتبين؟
ج العازف المفضل هوعمر خورشيد ، والمطرب هو عبد الحليم حافظ، أفضل كل الموسيقى الكلاسيك وخصوصا موتسرت وبيتهوفن، موسيقى شهر زاد .
س28 هل من طقوس معينة تحضك على الكتابة، وتجعل مزاج التأليف مؤاتياً لبدء عمل جديد؟ وهل يتحكم عقلك في اختيار الموضوع أم قلبك؟
ج لا ليس هناك طقوس بعينها ، ولكننى أكتب فى الشتاء أكثر من الصيف ، وأحب الكتاب الذى يستفزنى ويحثنى على الكتابة ، قلبى هو الأكثر تدخلا عند الكتابة ، وعقلى يقوم بعد ذلك بعمل الناقد فهو الذى يحزف ويضيف بعد ذلك للعمل .
س29  هل تملكين الجرأة للكتابة عن إحساسك الشخصي؟ أو عن تجربة ما مررتِ بها؟ أم تفضلين الكتابة كشخص آخر؟ وما الذي يشجعك على هذا أو يمنعك عنه؟
ج ربما أكون من الكاتبات اللاتى كتبن بشكل كبير عن تجربتهن الشخصية فى الحب والمرض والزواج والفقد ، والذى يشجعنى على ذلك هو الوعى وصدق العاطفة ، فانا احيا كأنسان طبيعى فى الحياة يحب ويتألم ويفرح ويحزن ، وكل هذه العوامل مشتركة مع الجميع ، واحيانا يأخذها البعض كمأخذ الكتابة عن السيرة الذاتية ، ولكن هذا لا يهمنى طالما أكتب عن أنسان يحيا حياة حقيقية وتجربة صادقة وصادمة أحيانا ، والذى يشجعنى هو نجاح هذه الأعمال سواء الروايات أو المجموعات القصصية .
س30 هل يجب أن يخضع الكاتب للتيار السائد في المجتمع أو بمعنى آخر يساير الموجة حتى لا تصاب أعماله بالكساد؟ أم عليه أن يصمد على قناعاته؟
ج المبدع الجيد الحقيقى يصمد أمام أى تيار ويواصل الكتابة حتى أن لم يقرأه سوى قلة ، لأنه مقتنع أقتناع حقيقى عما يكتب ومقتنع بتجربته فى الإبداع ، هناك كتاب عظام كتب عنهم واشتهروا بشكل جيد بعد وفاتهم ، لنه يكتب للأدب بشكله الواسع ، أما المكاسب المادية أو الشهرة فهى قابلة للزوال ، ويبقى الإبداع الجيد الذى يضيف ، ويحدث نقلة نوعية أو أدبية كبيرة للفن .
س31 كيف ترين دور الناقد في تقويم مسيرة الكاتب أو تطوير أدواته؟ وما تقييمك لحركة النقد في مجتمعنا؟ وما طبيعة القصور الذي ينتابها؟ وما السبيل لتقويمه؟
ج للأسف الآن تحديدا لا يوجد نقد بالشكل الذى وجدناه فى السابق أيام مندور وجيله ، ودور الناقد الواعى مهم فى تقيم الحركة الإبداعية بشكل عام ، والمبدع بشكل خاص ، ولكن أنهماك الناقد فى العمل الأكاديمة وأنفصال الكثير منهم عن الواقع الإبداعى سمح بوجود مساحة كبيرة لبعض الكتاب فى ممارسة النقد لأنفسهم وللأخرين ، والقلة القليلة تبحث عن مبدع مشهور فتكتب عنه عندما يحصل على جائزة ما .
س32 الحرية الشخصية أصبحت قضية شديدة الحساسية في مجتمعنا منذ ثورة 25 يناير، وبات كثيرون يتمسكون بها بغض النظر عن مدى اتساقها أو تناقضها مع تفضيلات المجتمع وقناعاته. ما الحاصل من وجهة نظرك؟ ماذا بقي لنا، وماذا تغير منذ الثورة؟
ج الحرية الشخصية شئ مهم وضرورى لتقدم المبدع والشعوب أيضا ، ولكن حرية بدون وعى تصبح عدوا لصاحبها وللمجتمع ، ثورة 25 يناير قام بها الشباب المثقف الواعى الذى تربى خارج الحظيرة الجاهزة للنظام ، ولكن للأسف خطفها منه الكثيرون ، وضاع هو وتوارى وعاد إلى الخلف ، والآن هناك بعد الشواهد والدلائل لتدفيع هذا الشباب وتحميله مسؤولية مايحدث الآن من بعض الفوضى والقشور السياسية غير الواعية ، بقى لنا الأمل أن ماحدث يمكن ان يحدث فى زمن ما ولكن بشكل أفضل عن سابقه ، تغير منذ الثورة الأحساس بالفردية وهذا جيد عند البعض الذى يملك الوعى ، وردئ عند العامة .
س33 العزلة الاختيارية ينظر إليها عادة على أنها جينات متأصلة في معشر المثقفين. إلى أي مدى يفترض أن يكون المثقف متفاعلاً مع مجتمعه؟ ومتى عليه أن يتصادم معه، أو يعتزله؟
ج العزلة عند المبدع تكون فقط لحظة الإبداع ، ويعود بعدها لممارسة حياته العادية ، والمثقف ينعزل قليلا لكى يقيم تجربته وتجارب الأخرين ، يكون متفاعلا مع مجتمعه فى الأزمات والثورات والشدائد أيضا ،يتصادم مع المجتمع عندما يرى الأحلام والمثل والقيم تضيع وتنتهك ، ويعتزله بشكل تام عندما لا يصبح لوجوده أى معنى أو تأثير .
س34 متى تصبح الكتابة نعمة لمن يمارسها، ومتى تتحول إلى نقمة؟
ج الكتابة نعمة لصاحبها عندما يشعر بالتفاعل مع قراءه القليلين ، ويشعر بيقيمته الأنسانية المبدعة لا تنتهك أو يتم الأستهتار بها خصوصا لو كان كاتبا صاحب رؤية ودور مؤثر ، تتحول إلى نقمة عندما يسخر قلمه لغير وجهته الحقيقية ، ويكتب مايريده الآخرون حتى لو تحقق له الكثير من المكاسب المادية أو الشخصية مثل الشهرة والمكانة ، والألعن لو أصبح بوقا للنظام وهو يعلم انه منافق .
س35 أخيراً، ماذا تأملين من:
أ‌.الكاتبات المصريات:
ب‌.الناشرين:
ت‌.النقاد:
ث‌.القراء:
ج اتمنى من الكاتبات المصريات أن نبحث عن معنى قوى يجمعنا ، ونحاول أن نكون معا نمثل الأمل للفتيات القادمات ، وربما نحاول أن ندفع بالمجتمع والأفكار الجديدة للأمام .
- أطلب من الناشر أن يهتم بالكتاب كسلعة ، فيقدم صناعة جيدة تستحق الشراء ، ويهتم بالدعاية عن الكتب لأن هذا سوف يعود عليه بشكل جيد ، ويشكل قوة شرائية مهمة له .
- النقاد أقول لهم حاولوا مرة أخرى العودة إلى أرض الإبداع والفن ومحاولة خلق مدارس نقدية ترى وتقرأ الواقع الأدبى وتستشرف المستقبل .
- القراء ، أقول له عزيزى القارىء ، اقرأ ، أبحث ، جرب ، أختار، ربما تتعب فى البداية ولكن مع مرور الوقت سوف يتشكل لديك ذائقة جيدة تجعلك تختار بشكل جيد ، والعالم القارئ يضيف كثيرا عن العالم الجاهل ، التقدم والأمل فى مستقبل أفضل ومختلف لن ياتى إلا عن طريق القراءة بشكل منتظم ومتنوع .
                                                     صفاء عبد المنعم
                                                   القاهرة
                                                   يوليو 2017 





قصة صورة

  صورة ---------------- كانت تقصد. بالتأكيد كانت تقصد. وفعلت ذلك عن عمد. ربما تكون غير محترفة! ربما! عندما أعطيتها الموبايل وط...

المتابعون