حوار دار لمار
س1 بما تصفين
(صفاء عبد المنعم) لمن لا يعرفها ؟
ج صفاء عبد
المنعم حدوتة مصرية .
امرأة طموحة،
تعشق الحرية، وتحب العلم والثقافة، نشأة فى أسرة متوسطة، وأستفادة من إنجازات عبد
الناصر(التعليم المجانى، والتعين عن طريق القوى العاملة) تعمل فى إدارة المدرسة
بالديمقراطية التى تؤمن بها، ربت بنتين على قيم الخير والجمال والعدل وحب العلم
والإبداع .
س2 لكل أنسان
ناجح عوامل تضافرت فأنجحته، فما سر نجاحك؟ وهل يمكنك تحديد العوامل التى خلقته؟
ح أول عامل ساهم
فى نجاحى هو تفوقى فى الدراسة والأصرار على الأستمرار ، وعدم السماح لأى شخص مهما
كان فى تغير أفكارى وقنعاتى وقرارتى .
- التفكير فى
نموذج جيد للرجل الذى أريد الأرتباط به ، كنت عكس كل البنات فى ذلك الوقت يحلمن
بالشبكة والعفش والشقة ، أنا كنت أحلم برجل مختلف ، يحترم عقل المرأة ويقدر وعيها
وطموحها، لقائى بالشاعر مجدى الجابرى أثبت صحة وجهة نظرى عن الزوج المثالى
العوامل التى خلقت النجاح :
- التفكير
بأكثر من طريقة لحل المشكلة مهما كانت صعبة أو مستحيلة .
- ترتيب الأولويات .
- القراءة
المستمرة بشكل يومى .
- التفكير بمنطق المكسب / المكسب .
- حرية الفكر وتحديد الأهداف، ماذا تريد ؟ وماذا تفعل؟
وماذا تحب؟
- القراءة المتنوعة فى كل المجالات وليس الأدب فقط .
- عشقى لمصريتى وأعتزازى بهويتى .
- أنتهاز الفرص للتدريب والمعرفة وحب العلم .
- الأطلاع على كل ماهو جديد ومثمر .
- القراءة اليومية لمدة لا تقل عن 3 ساعات يوميا.
س3 كيف ساهمت بيئتك فى خلق نجاحك ؟ وما أبرز عناصر تلك
البيئة ؟ وإلى أى مدى أنتِ راضية عنها ؟
ج لقد تربيت فى طفولتى فى حى شعبى ، وهو حى المطرية ، ويقع
بالقرب من منطقة المسلة، وله حضارة قديمة ، وبه العديد من الأماكن الأثرية الدينية
وكثير من الأضرحة للأولياء الله ، وقد تعلمت كثيرا من الثقافة الشعبية السائدة فى
فترة الستينات ، والأنجازات المهمة التى حدثت فيها ، وأذكر على سبيل المثال عشقى
لخطابات جمال عبد الناصروفكرة البطل النموذج المثالى ، وكنت أجلس مع الأسرة
للأستماع إليها بحب وشغف ، وماساهمت به فى تسيس الشعب المصرى ، ولكن الآن الأحياء
الشعبية لم يعد لها الصدى القوى مثل السابق وأندثر الكثير من العادات والتقاليد من
حياة المصريين ، وتبدلت بعض القيم المثالية مثل الجار للجار وغيرها .
س4 إلى أى مدى يمكن للبيئة المحيطة أن تيسر أو تعيق
أنطلاقة امرأة تهتم بالشأن العام وتريد أن تنجح ؟
ج عندما نترك للأخرين تقيم ما نفعله أو أنتظار رد الفعل
الإيجابى منهم ، ولكن الأنفصال عن البيئة المحيطة مهم جداَ خصوصاَ فى مجال الإبداع
لأنه أحيانا لا يفهم مصطلح (كاتبة) عكس (صحفية) ولكن لا تنظر للواقع نظرة متعالية
، أن تعايش الواقع ولكن بصورة مختلفة هى ليست الأندماج والأندياح التام فى الواقع
، ولكنها علاقة أتصال أنفصال ، وأحيانا الوقوف عن بعد لمشاهدة وتقيم هذا الواقع
المتعين أمامك خصوصاً فى المناطق العشوائية والتى تكونت بعد فترة السبعينيات وفيها
الكثير من السلبيات على الروح والثقافة ، وأنفصال الناس بشكل كلى عن أحترام
خصوصيات الآخر والجهل التام به .
س5 ما تقيمك لنسبة النجاح الذى حققته حتى الآن؟
وماتفسيرك لهذه النسبة؟
ج بالنسبة لى ،النجاح الذى حققته حتى الآن (كثير ومشرف)
ولكن بالنسبة لشخصية مثلى طموحة لا ترضى أو تقتنع بما أنجزته ، لآنها تشعر بشكل
دائم أنه مازال هناك الكثير والعديد من المشاريع التى لم تنجز بعد . وأحيانا تكون
هناك معوقات عديدة خارجة عنك مثل العمل والعلاقات الإجتماعية والمسؤولية المادية .
س6 ماذا يمثل النجاح فى رأيك؟ ومتى نعتبر الإنسان ناجحا؟
النجاح يمثل لى الحياة التى أربو أليها ، واكتب ما أريد
دون خوف أو عمل حسابات لعلاقات خارجية مثل
النشر ، ماذا أحصل من وراء هذا العمل ؟ أنت تكتب لأنك تشعر بحرية واستمتاع ومسؤولية
.
الأنسان الناجح هو الذى يحقق مايطمح إليه وليس مايريده
فقط ، أن تصل إلى الهدف الحقيقى حتى فى عملك .
س7 تأسيسا على السؤال السابق ، ما العوامل التى لو
اجتمعت تضمن للإنسان الفشل؟
ج فقد البوصلة الخاصة بك .
عندما يترك الأنسان أرادته فى يد غيره يسيرها له ، ويغيب
الوعى ، ولا يسعى جاهدأ لتحقيق مايريده هو ، وليس مايريده الآخرين له أو منه ، حتى
لو فشل ، يحاول مرة وأثنين وثلاثة ، وإذا أخطأ هو الذى يحاسب ويقيم نفسه ويتعلم
الدرس بشكل جيد . ويتحمل نتيجة أختيارته ، وتبعات الأختيار .
س8 بعد أن وجدت ذاتك، ووصلتي إلى معادلة ما أنجحتك، لنتصور أنك تبدئين
اليوم حياتك العامة، من أين ستبدئين؟ وهل ستختارين الطريق نفسه؟ وعن أي شيء
ستتخلين؟ وبأي شيء سوف تتمسكين؟
ج كنت سأتخلى عن المثالية المفرطة ، وكنت
سأتمسك كثيرا بأموالى بشكل خاص . وأواصل العلم حتى الحصول على الدكتوراة . وماعدى
ذلك فمعظم أختياراتى ناجحة ومهمة ، وفعلتها عن قناعة تامة .
س9 أحياناً يفكر الإنسان، خلال مرحلة ما،
في الرجوع للخلف قليلاً، أو تجاوز تغيير المسار، أو التراجع عن قرار اتخذه. هل
فكرت في تغيير مسارك يوماً؟ أو تراجعت عن قرار مصيري؟
ج لا ولكن هناك سؤال هل لو كنت ظللت فى
وزارة الثقافة والتى أنتدبت إليها عام 1986 ولم أعد إلى وزارة التربية والتعليم
ماذا كنت أكون عليه الآن ؟
س10 نجاح المرأة، هل يحتاج إلى داعم، أو
راعي، أو مساند بصورة ما؟ أو لا يحتاج؟ ولماذا؟
ج نجاح المرأة يتوقف على مدى إيمانها
بذاتها كأنثى أولاً ثم ككاتبة ثانية .
الدعم ربما يوفر بعض الوقت أوالفرص ، ولكنه
لا ينتج إبداعاً حقيقيا .والأعتماد الكلى على الداعم الخارجى يقد يسبب السقوط أو
الفشل عند عدم تواجده أو البحث عن وجه آخر ، فتنهار وتفشل .
س11 لنفترض أنك إنساناً آخر غير الذي أنت
عليه الآن، وصادفت كتاباً يحمل اسم "صفاء عبدالمنعم" على إحدى رفوف
مكتبة، أو في معرض ما، ماذا سيكون قرارك، هل تقتنيه، أم تفكري قليلاً، أو تنصرفي
عنه؟ ولماذا؟
ج سوف أقتنيه من منطق التعرف على الجديد عن
قرب وليس عن السماع ، وتقيم العمل منفصلا عن الشخص ، هناك أصدقاء لا اقرأ لهم ،
وهناك اسماء أبحث دائما عن كل جديد لهم دون معرفة أو لقاء .
س12 بمَ تصفين أسلوبك في الكتابة؟ وما الذي
يميز كتاباتك؟
ج أسلوبى دائما يحير الآخرين ، لأن كل عمل
لى له طريقة كتابة مختلفة وتقنية جديدة ، الذى يميز كتابتى هو الصدق المشاعرى ،
تأصيل الهوية ، تفتيت بعض الثوابت فى العلاقات وتخلخلها بشكل فنى علمى وبأسلوب
أدبى .
س 13 إذا كان عليك الاختيار بين أن تنشري
لنفسك أو لغيرك، ماذا ستقررين، وما المكسب أو الخسارة في الحالتين؟
ج هو حقيقة أفكر وبشكل جدى فى عمل دار نشر
خاصة لنشر الإبداع المختلف والجديد والمميز لى أو لغيرى سيان ، مايهمنى الإبداع
أكثر من المبدع حتى لو فى أى مكان .
س 14 أي كتبك أقرب إليك؟ ولماذا؟
ج كلهم أبنائى ، ولكن هناك مثلا التجربة
الأولى ، أو الأكثر رواجا.
أحب مجموعة قصص بنات فى بنات ورواية من
حلاوة الروح والتى كتبتها كاملة باللغة العامية وصدرت عام 2000 وهى أول رواية صدرت
لى .
س15 هل لك أن تحكي لنا متى بدأت الكتابة؟
وكيف كان شعورك عند صدور أول كتبك؟ وهل نجح في الوصول إلى جمهورك المقصود؟
ج بدأت الكتابة عام 1982 ، وكونت أنا
ومجموعة من الأصدقاء ندوة باسم جماعة جذور بمركز شباب المنشية الجديدة بشبرا
الخيمة . شعورى عند صدور أول كتاب لى سعادة بالغة ولذة لم أحققها حتى الآن ، ورغم
بساطة صناعة الكتاب والإبداع إلا أن المجموعة لاقت ترحيبا جميلا . بدأت الحكاية فى
عام 1984 عندما قررت أنا وصديق لى أن نقوم بطبع كتاب ماستر مشترك ، 4 قصص لى وهو
كذلك ، وكانت تكلفة الكتاب حوالى 75 جنيها ، اسم المجموعة (حكايات الليل) .
س16 لنتعرف من خلالك على بيئة الكتابة في
مصر، ما الذي يميزها، وماذا يعيبها؟ ما التحديات التي تعترض الكاتبة، وكيف هي
معاملة دور النشر لها؟
ج بيئة الكتابة فى مصر الآن مختلفة عما
بدأت أنا مثلا فى عام 1982 ، أصبح هناك تعدد فى الآراء ، وكثير من دور النشر
الخاصة التى تتيح فرصة النشر بشكل أوسع وأكبر عما سبق حتى لو قمت بدفع ثمن تكلفة
الكتاب أو ساهمت بجزء منه ، يعيبها ما يميزها أنتشار بعض الإبداع الغث وزيادة عدد
المبدعات ، ولكن مفرزة التاريخ والقراءة تجعل البعض يستمر ، والبعض ينحسر ،
التحديات التى تعترض الكاتبة النظرة الدونية للمرأة بشكل عام ، الزحف الوهابى
والمتطرف فى الأفكار، دور النشر الخاصة تختلف من دار إلى أخرى حسب النظام الداخلى
فما يعانية الرجل المبدع تعانية المرأة المبدعة
وكذلك فى النشر العام أيضا ، أنتظار الدور واحيانا الواسطة ، أو تقيم
المسؤول للشخص المبدع أو ابداعه حسب الأهواء الشخصية .
س17 يشكو كثيرون ممن أصدروا أعمالاً من
ضآلة التوزيع، ليس فقط بالنسبة للمبتدئين، بل حتى نجيب محفوظ تحدث عن كساد مبيعاته
في حديث له مع فاروق شوشة، وهو من هو. فما تفسيرك لكساد التوزيع في مصر، وكيف يمكن
معالجة هذه المشكلة؟
ج سوء التوزيع فى مصر متوقف على عدم أهمية
الناس بقيمة القراءة وفائدتها فى النضج العقلي ، المعرفة توسع دائرة الإدراك ،
وتساهم بصورة جيدة فى أتخاذ القرارات ، يصبح هناك متعدد لحل المشكلة ، وسوء
الداعية عن الكتب أيضا ، الأعلام بشتى نواحية لا يروج للكتب حتى الجرائد والمجلات
المتخصصة أيضا . حتى ظاهرة البست سلر ليست عن جودة العمل فقط .
س18 لمن تكتبين، ولمن تنوين الكتابة في
المستقبل؟ هل هناك فئات ما لم تصل إليها أفكارك؟ ما هي؟ ولماذا؟
ج أكتب أولا لقارئ خاص ومختلف هو يبحث عن
نصى وأنا أبحث عنه وربما نلتقى فى يوم ما ، فى المستقبل أنوى الكتابة للجميع ولا أستثنى
أحدا ، نعم هناك الشباب الجدد ،قارئ لم أصل إليه بسبب سوء التوزيع والدعاية الجيدة
للعمل ، وسوء الفهم عما هو الإبداع بشكل عام ، هناك نماذج يحبها الشباب الآن وبعض
الكتاب يعرفون ذلك مثل الكتابة عن الجنس والعنف وخلافة بصورة أنا لا أكتب بها ،
لأن هناك قناعات لكل مبدع ، وللقارئ أيضا
س19 ما زالت صناعة الكتب في مصر، وربما في
عالمنا العربي لا تحقق مردوداً للناشرين؟ لماذا؟
ج نعم ، لأن الكتاب حركة تراكمية ، وليس
سلعة موسمية مثل الملابس وحسب الموضة ، شكسبير مازال يقرأ إلى الآن رغم مرور هذه
السنوات وغيره أيضا ، وسوء الدعاية من الناشر ، وغلو الأسعار ، أى شاب يستطيع شراء
رواية بمبلغ 120 جنية مثلا .
س 20 لنتحدث قليلاً عن تفضيلاتك في
القراءة، لمن تقرئين؟ وماذا يعجبك في أسلوبه؟ وما مآخذك عليه؟
ج أحب الأدب الكلاسيكى بشكل عام ، وأفضل
قراءة كافكا ، يعجبنى الأهتمام بدواخل الذات وتقلباتها وعبث القدر معها ، أسلوبه
يجعل ذهن القارئ متحفز دائما وغير كسول ، فهو يقرأ بشكل مختلف عن القارئ المستريح
والمطمئن ،المأخذ عليه السوداوية المفرطة .
س 21 هل تضعين في اعتبارك جمهوراً ما حين
تكتبين؟ وهل حاولت يوماً أن تتفهمي طبيعة جمهورك؟
وكيف في رأيك يمكن الإلمام بخصائص الجمهور المناسب؟
ج نعم أضع جمهورا معينا لعملى حتى لو قليل،
وأتفهم طبيعة مايريد والجديد الذى ينتظره منى فى الفكر والتقنية والأسلوب ،
الألمام بخصائص الجمهور تأتى مع الوقت وكثرة الإبداع ، انا أحب القارئ الذى يضيف
للعمل بقراءته ، لا ينتظر أن يقول له العمل كل شئ وهذا نادر .
س22 الرجل في حياتك ماذا يمثل؟ وأيهم أكثر
ثقلاً، الأب، الزوج، الأخ، الابن، الزميل، أو الصديق؟
ج الرجل فى حياتى هو ليس محور الكون ، وكنت
لا أجلس واضعة يدى على خدى فى انتظاره ، ولكنه يمثل لى نقله فى الوعى والمعرفة ،
مثلما حدث بالضبط مع زوجى الشاعر مجدى الجابرى . الحمد لله لم يمثل أحدا لى ثقلا
فى عائلتى بأى شكل من الأشكال سوى الأختلاف فى وجهات النظر أحيانا ربما يكون أبى
فى البداية مثل كل أب يريد أن يفرح بزواج أبنته فقط .
س23 متى يصبح الرجل عبئاً على المرأة، وكيف
يمكن منع أثره السلبي على فرص نجاحها، هل باستقلالها المادي؟ أم بالانفصام عنه؟
ج الرجل بشكل عام من خلال الثقافة الذكورية
يشكل عبئا ثقيلا على المرأة بشكل عام ، ويتحكم فيها بشكل كبير وخصوصا الآن بعد
تراجع المكاسب الكثيرة من التفكير الليبرالى الذى حدث بعد ثورة 1919 وأنتهى
بالتفكير الرديكالى (الأصولى) فأصبح الرجل الآن وبشكل كبير يستحوذ على أفكار
المرأة وهى التى سمحت له بذلك عندما تخلت عن المكاسب التى حصلت عليها فى السابق ،
وعدم تفعيل العمل النسوى بشكل جيد وفعال فى الواقع .الأستقلال المادى أصبح ظاهرة
صحية خصوصا بعد خروج المرأة للعمل ، وهناك ملايين من النساء مسؤلات مسؤلية كاملة
عن الحياة والبيت والأولاد حتى فى وجود الرجل ،الرجل أصبح فى بعض المناطق والمنازل
وجود عينى فقط ، وكثير من السيدات الان يرفضن الأرتباط بشكل كبير .
س24 لنتحدث قليلاً عن الفنون، أيها أقرب إليك؟ وهل
لديك أي محاولات لتجربة أي منها بنفسك؟ ولماذا تراجع الجيد منها وساد الرديء في
مجتمعنا حالياً؟
ج أقرب الفنون إلى قلبى هى الموسيقى ، لقد حصلت
على دبلوم تذوق من المعهد العالى للفنون ، ولكننى لم أمارس العزف سوى فى معهد
المعلمات كنت أعزف على الأكرديون وكنت تخصص موسيقى مع اللغة العربية ، تراجع الجيد
لأنه لم يعد هناك ثقافة سماعية ، والمبدع الجيد يعانى الآن من سوء التوزيع
والمستمع المثقف ، ساد الردئ بسبب الصعود والأختراق الطبقى الذى حدث فى السبعينيات
، وأصبح من يمتلك المادة(القوة الشرائية) لشرائط الكاسيت هم الصنايعية والعمال
اللذين ذهبوا إلى دول الخليج ، وعادوا بقيم أستهلاكية مختلفة .
س25 ماذا يمكن أن يفعل الفن الهادف في
مجتمعنا؟
ج الفن بشكل عام هو القاطرة التى تتقدم
المجتمع وتجذبه إلى الأمام ، ولو فهم المبدع والمثقف دوره الحقيقى فى قوة التأثير
على المجتمع سوف يتغير كثيرا للأفضل ، الفن الهادف مازال له جمهور طيب رغم قلته .
س26 ما الفنون المنسية في مجتمعنا؟ وماذا
خسرنا بفقدانها؟
ج الفنون المنسية الآن فى المجتمع كثيرة
(البالية،الفنون الشعبية،الموسيقى،النحت) خسرنا بفقدانها الرقى والجمال وحب الخير
والعدل والضمير أيضا .
س27 من عازفك المفضل، ومن مطربك أو مطربتك،
سواء من مصر أو خارجها؟ وهل تفضلين نمطاً موسيقياً معينا؟ وهل لديك مقطوعة ما
تجعلك تكتبين؟
ج العازف المفضل هوعمر خورشيد ، والمطرب هو
عبد الحليم حافظ، أفضل كل الموسيقى الكلاسيك وخصوصا موتسرت وبيتهوفن، موسيقى شهر
زاد .
س28 هل من طقوس معينة تحضك على الكتابة،
وتجعل مزاج التأليف مؤاتياً لبدء عمل جديد؟ وهل يتحكم عقلك في اختيار الموضوع أم
قلبك؟
ج لا ليس هناك طقوس بعينها ، ولكننى أكتب
فى الشتاء أكثر من الصيف ، وأحب الكتاب الذى يستفزنى ويحثنى على الكتابة ، قلبى هو
الأكثر تدخلا عند الكتابة ، وعقلى يقوم بعد ذلك بعمل الناقد فهو الذى يحزف ويضيف
بعد ذلك للعمل .
س29 هل تملكين الجرأة للكتابة عن إحساسك الشخصي؟ أو
عن تجربة ما مررتِ بها؟ أم تفضلين الكتابة كشخص آخر؟ وما الذي يشجعك على هذا أو
يمنعك عنه؟
ج ربما أكون من الكاتبات اللاتى كتبن بشكل
كبير عن تجربتهن الشخصية فى الحب والمرض والزواج والفقد ، والذى يشجعنى على ذلك هو
الوعى وصدق العاطفة ، فانا احيا كأنسان طبيعى فى الحياة يحب ويتألم ويفرح ويحزن ،
وكل هذه العوامل مشتركة مع الجميع ، واحيانا يأخذها البعض كمأخذ الكتابة عن السيرة
الذاتية ، ولكن هذا لا يهمنى طالما أكتب عن أنسان يحيا حياة حقيقية وتجربة صادقة
وصادمة أحيانا ، والذى يشجعنى هو نجاح هذه الأعمال سواء الروايات أو المجموعات
القصصية .
س30 هل يجب أن يخضع الكاتب للتيار السائد
في المجتمع أو بمعنى آخر يساير الموجة حتى لا تصاب أعماله بالكساد؟ أم عليه أن
يصمد على قناعاته؟
ج المبدع الجيد الحقيقى يصمد أمام أى تيار
ويواصل الكتابة حتى أن لم يقرأه سوى قلة ، لأنه مقتنع أقتناع حقيقى عما يكتب
ومقتنع بتجربته فى الإبداع ، هناك كتاب عظام كتب عنهم واشتهروا بشكل جيد بعد
وفاتهم ، لنه يكتب للأدب بشكله الواسع ، أما المكاسب المادية أو الشهرة فهى قابلة
للزوال ، ويبقى الإبداع الجيد الذى يضيف ، ويحدث نقلة نوعية أو أدبية كبيرة للفن .
س31 كيف ترين دور الناقد في تقويم مسيرة
الكاتب أو تطوير أدواته؟ وما تقييمك لحركة النقد في مجتمعنا؟ وما طبيعة القصور
الذي ينتابها؟ وما السبيل لتقويمه؟
ج للأسف الآن تحديدا لا يوجد نقد بالشكل
الذى وجدناه فى السابق أيام مندور وجيله ، ودور الناقد الواعى مهم فى تقيم الحركة
الإبداعية بشكل عام ، والمبدع بشكل خاص ، ولكن أنهماك الناقد فى العمل الأكاديمة
وأنفصال الكثير منهم عن الواقع الإبداعى سمح بوجود مساحة كبيرة لبعض الكتاب فى
ممارسة النقد لأنفسهم وللأخرين ، والقلة القليلة تبحث عن مبدع مشهور فتكتب عنه
عندما يحصل على جائزة ما .
س32 الحرية الشخصية أصبحت قضية شديدة
الحساسية في مجتمعنا منذ ثورة 25 يناير، وبات كثيرون يتمسكون بها بغض النظر عن مدى
اتساقها أو تناقضها مع تفضيلات المجتمع وقناعاته. ما الحاصل من وجهة نظرك؟ ماذا
بقي لنا، وماذا تغير منذ الثورة؟
ج الحرية الشخصية شئ مهم وضرورى لتقدم
المبدع والشعوب أيضا ، ولكن حرية بدون وعى تصبح عدوا لصاحبها وللمجتمع ، ثورة 25
يناير قام بها الشباب المثقف الواعى الذى تربى خارج الحظيرة الجاهزة للنظام ، ولكن
للأسف خطفها منه الكثيرون ، وضاع هو وتوارى وعاد إلى الخلف ، والآن هناك بعد
الشواهد والدلائل لتدفيع هذا الشباب وتحميله مسؤولية مايحدث الآن من بعض الفوضى
والقشور السياسية غير الواعية ، بقى لنا الأمل أن ماحدث يمكن ان يحدث فى زمن ما
ولكن بشكل أفضل عن سابقه ، تغير منذ الثورة الأحساس بالفردية وهذا جيد عند البعض
الذى يملك الوعى ، وردئ عند العامة .
س33 العزلة الاختيارية ينظر إليها عادة على
أنها جينات متأصلة في معشر المثقفين. إلى أي مدى يفترض أن يكون المثقف متفاعلاً مع
مجتمعه؟ ومتى عليه أن يتصادم معه، أو يعتزله؟
ج العزلة عند المبدع تكون فقط لحظة الإبداع
، ويعود بعدها لممارسة حياته العادية ، والمثقف ينعزل قليلا لكى يقيم تجربته
وتجارب الأخرين ، يكون متفاعلا مع مجتمعه فى الأزمات والثورات والشدائد أيضا
،يتصادم مع المجتمع عندما يرى الأحلام والمثل والقيم تضيع وتنتهك ، ويعتزله بشكل
تام عندما لا يصبح لوجوده أى معنى أو تأثير .
س34 متى تصبح الكتابة نعمة لمن يمارسها،
ومتى تتحول إلى نقمة؟
ج الكتابة نعمة لصاحبها عندما يشعر
بالتفاعل مع قراءه القليلين ، ويشعر بيقيمته الأنسانية المبدعة لا تنتهك أو يتم
الأستهتار بها خصوصا لو كان كاتبا صاحب رؤية ودور مؤثر ، تتحول إلى نقمة عندما
يسخر قلمه لغير وجهته الحقيقية ، ويكتب مايريده الآخرون حتى لو تحقق له الكثير من
المكاسب المادية أو الشخصية مثل الشهرة والمكانة ، والألعن لو أصبح بوقا للنظام
وهو يعلم انه منافق .
س35 أخيراً، ماذا تأملين من:
أ.الكاتبات
المصريات:
ب.الناشرين:
ت.النقاد:
ث.القراء:
ج اتمنى من الكاتبات المصريات أن نبحث عن
معنى قوى يجمعنا ، ونحاول أن نكون معا نمثل الأمل للفتيات القادمات ، وربما نحاول
أن ندفع بالمجتمع والأفكار الجديدة للأمام .
- أطلب من الناشر أن يهتم بالكتاب كسلعة ،
فيقدم صناعة جيدة تستحق الشراء ، ويهتم بالدعاية عن الكتب لأن هذا سوف يعود عليه
بشكل جيد ، ويشكل قوة شرائية مهمة له .
- النقاد أقول لهم حاولوا مرة أخرى العودة
إلى أرض الإبداع والفن ومحاولة خلق مدارس نقدية ترى وتقرأ الواقع الأدبى وتستشرف
المستقبل .
- القراء ، أقول له عزيزى القارىء ، اقرأ ،
أبحث ، جرب ، أختار، ربما تتعب فى البداية ولكن مع مرور الوقت سوف يتشكل لديك
ذائقة جيدة تجعلك تختار بشكل جيد ، والعالم القارئ يضيف كثيرا عن العالم الجاهل ،
التقدم والأمل فى مستقبل أفضل ومختلف لن ياتى إلا عن طريق القراءة بشكل منتظم
ومتنوع .
صفاء عبد المنعم
القاهرة
يوليو 2017