الثلاثاء، 3 أبريل 2012

لكل أرض ميلاد " أيام التحرير "

لكل أرض ميلاد " أيام التحرير "

الكتاب صدر عن مؤسسة أخبار اليوم ويضم 12 فصلا يتناول فيه الكاتب مشاهداته وتفاعلاته أثناء الثورة ( 25 يناير ) ورصد الثورة من عين مبدع وأب مصرى شارك فى أحداثها .
وأعتقد أن المبدع هو شاهد على العصر وما يحدث من تغيرات , وقد كان الروائى أبراهيم عبد المجيد بارعا ومحللا للتفاصيل فهو يلتقط الصورة ثم يعبر عنها فى كلمات أو جمل مع تحليل للحالة الشعورية التى يحياها لأنه فاعل وراصد للأحداث فهى تعتبر شهادة وتوثيقا للثورة أيضا والتجربة الصادقة ترصد لحظة بلحظة وما يحدث من توترات وأحداث حتى اللافتات المكتوبة بشكل ساخر وبسيط وكذلك فى حالة البحث عن الحقيقة عبر واقع افتراضى ( فيس بوك , وتويتر وغيرها من المواقع ) ويقرأ ما يكتبه الأصدقاء فى صفحاتهم ويعلق عليهم .
أذن كان يحاول الجمع بين عالمين , عالم الواقع ( ميدان التحرير ) والعالم الأفتراضى ( الفيس بوك وغيره ) وهو من خلال موقعه كأب يتواصل مع أبنائه الشباب ويعايش حكاياتهم ومشاعرهم وآلامهم وأحلامهم .
والعنوان " لكل ارض ميلاد " عنوان دال فى معناه فهو يشهد ميلادا جديدا للوطن ويرصد أيام التحرير ويرى كيف تكون الولادة الصعبة والمستحلية , لقد حلمت الجيال السابقة بهذا اليوم ولكن تعثرت فى التنفيذ وجاء ابنائهم لكى يحققوا هذا الحلم ويصبح واقعا , وجاء الدور على الاباء فى تشجيع أبنائهم والوقوف الى جوارهم .

هواجس أنسانة تحب بلدها .
عزيزى الستاذ أبراهيم عبد المجيد .
الكاتب الذى أحبه واحترمه , لقد بكيت بعد أنتهائى من قراءة كتاب ( أيام التحرير ) مثلما ضحكت بعد قراءة رواية ( فى كل اسبوع يوم جمعة ) واندهشت كثيرا فى بداية حياتى عندما قرات قصة ( الشجرة والعصافير ) .
ولكن المهم يا استاذى سوف أدخل فى حوار طويل معك , هلى تسمح لى بذلك ؟
ربما تقرأ هذا الكلام , وربما لا تقرأه , ولكن المهم هو أفراغ شحنتى العاطفية الثائرة والغاضبة والخائفة والمحتارة أحايا والقلقة على هذا الوطن الحبيب !
الآن تجلس أمامى ابنتى الصغيرة تستمع الى بعض الأغانى الهادئة وتذاكر مادة الدراسات التى لا تحبها !
وأنا أحاول أن أحثها على حب التاريخ وقراءته فهو بالنسبة لى يشبه مسامير القلاوظ التى تربط المفكوك من المعارف والعلاقات والأوضاع السابقة .
وعندما كنت أحكى لتلاميذى فى الفصل أننا الان بحاجة الى اناس شرفاء يتعبون من أجل هذا الوطن وينهضون به فكريا وثقافيا مثلما حدث فى عصر الدولة الحديثة فى عهد محمد على وجيل التنوريين فى بداية القرن العشرين منذ ثورة 1919 وكيف قاموا بنهضة عظيمة ودور الخديو اسماعيل ومحاولاته جعل مصر قطعة من اوربا والقاهرة تنافس باريس , وانشأ دار الأوبرا المصرية وغيرها من منشآت مازالت قائمة وكنت أشير لهم بيدى تجاه كوبرى قصر النيل وادعوهم لعبوره الى دار الأوبرا الجديدة واحكى لهم عن بطولات أجدادهم فى حى بولاق ابو العلا ضد الأحتلال الفرنسى وثورة القاهرة الثانية ضد الجنرال كليبر وكيف أشعل النار فى المنطقة لمدة ثلاثة ايام وعن شهامة أولاد البلد والشيخ البولاقى والشيخ البشتيلى وغيرهما من المشايخ فى ذلك الوقت وعن وجود المدرسة فى بجوار السلطان أبو العلا وموقعها الأستراتيجى بجوار وزارة الخارجية وعن مربع ماسبيرو ومحاولة اغتصابه من قبل رجال الأعمال وشراء الأراضى والبيوت القديمة فى شارع الشيخ على وظهر الجمال وغيره من المناطق الباقية والمحصورة بين مبنى التليفزيون وهيلتون رمسيس ووزارة الخارجية وسفارة ايطاليا ومدرسة كلودسوديان وهذا المربع السكنى الذى ياتى منه الأطفال الفقراء أبناء المدرسة .

عزيزى الأستاذ أبراهيم عبد المجيد .
لا تغضب منى فهذه هواجس انسانة تحب بلدها وتعشق ترابه وتخاف عليه أحيانا تكون عميقة الفكرة مهزوزة المشاعر حزينة طوال الوقت يائسة من انتظار الأمل الطويل فى التغير , لم أكن فى يوم من اليام مقتنعة أن الثورة عند كوبرى قصر النيل !
ولم أشك لحظة فى ظهور المارد المصرى الذى يفيض مثل فيضان النيل أذا طفح به الكيل ولكن كان سؤالى متى ؟
عندما انشغلت بالسياسة فى بداية الثمانينات لبعض الوقت والتردد على مقار حزب التجمع بشبرا الخيمة , لم أر نفسى فى يوم من اليام أننى سوف أعمل بالسياسة أو استفيد منها وكنت عندما اقرأ بوليتزر وكارل ماركس والفلسفة الوجودية بوجه عام أقول فى نفسى لماذا كل هذا العبء والأنشغال ؟
وعندما وضعت أقدامى على طريق كتابة القصة وخصوصا بعد صدور مجموعة ( تلك القاهرة تغرينى بسيقانها العرية 90 ) عدت بشكل مختلف أبحث عن السياسة مع مجموعة من الأصدقاء اثناء حرب الخليج الأولى وغزو العراق للكويت . وصنعنا دائرة صغيرة للمناقشة والحوار عن دور المثقف والسلطة واتسعت الدائرة وتفتحت المدارك وقرانا كتب طه حسين ولويس عوض وسمير امين و وعندما صدر كتاب ماذا حدث للمصريين للأستاذ جلال امين وكتاب مصر رايحة على فين للأستاذ سعيد شعيب كنت أسأل نفسى بعد كل مظاهرة يقوم بها الطلاب أو جماعة 6أبريل وكذلك مظاهرات القضاة أين ومتى تكون الثورة الكبرى ؟
ان الحزن على الشباب الذين استشهدوا أثناء الثورة والحيرة والقلق على البلد ومهزلة محاكمة رؤوس النظام السابق والمظاهرات الفئوية والحقوق المجهضة واندساس البلطجية ومحاولة تشويه صورة الثورة كل هذا له نهاية وسوف يزول .
ولكن ما يقلقنى هو الجهل وحرب الأفكار وزيادة البلطجة الجدد وترويع الآمنين كل يوم , ترى عينى اشياء مشوهة وخرائب نفسية وضمائر وغزو الفكر ( النفطى والصحراوى ) لكى يجور على ثقافتنا وهويتنا المصرية والفضاء الواسع مع الجهل وضياع الهوية المصرية هو مايقلقنى الآن .. حقيقى يا أستاذى أن تعيش بمفردك وسط هذا العالم الجديد مثل شجرة الجميز العجوز هذا استشهاد مختلف وجديد وان تحافظ على هويتك من الندثار هذه بطولة تشبه بطولة النوم فى ميدان التحرير ليلا وانت أعزل وتحت سماء تحرسها الملائكة .
الله كان يحرس الثوار . ليس لدى مسمى آخر غير ما رايت وقرات فى كتابك الممتع ( أيام التحرير ) أن الله وجنوده وملائكته هم حراس هذا الوطن ( مصر ) .

فصل من رواية عطية الشمس

  (عطية الشمس)  رواية صفاء عبد المنعم -----------------------   إهداء إلى/ أبطال رواية من حلاوة الروح --------------------------...

المتابعون