السبت، 9 يونيو 2018

أخيرا يوجد مطر

- أخيراً يوجد مطر -
 

     في نهاية اليوم ، ستجلس امرأة وحيدة فى شرفة حجرتها ، تحيك قميصاً مبتلاً .. وتنزل ستائر الدنتيلا .
     ستجلس تحيك قميصا مبتلا ، وتنزل ستائر الدنتيلا دون أن تبتهج ، دون أن تنظر إلى الشرفات . دون أن تدمع عيناها .. فقط تجلس تخيط قميصاً .
     عامودان من النور ينزلقان فوق رأسها . تفتح عينيها فى هدوء ، ونعومة ، تنظر إلى السماء ترى سحباً قد تجمعت .
     تغلق عينيها على المشهد ، وتسبح مع الأحلام ، مع المطر . تنزلق من الشرفة إلى الشارع .تزيح المارين أمامها . ينزلق شعرها الأبيض منسابا ، ناعما ، هادئا ، مبتلاً .
     تنزلق الأيام على تنورنها ، فتسير عبر الطرقات بلا تنور ، بلا حذاء ، بلا أيام ، بلا قميص تحيك  فقط تسير مع المطر .
بشعرات بيضاء ، هائمة مثل مراهقة ، فى الثالثة عشرة ، تهوى صيد الحكايات ، وتبحث عبر فتحات النوافذ والمداخل عن نظرة ناعسة تغزوها .
فتفر هاربة ، منبطحة على وجهها .
يُخرج المطر رائحتها ،
يخرج المطر قلبها ،
يخرج المطر ردفيها المتأرجحين فى نشوة ،
يخرج المطر ثدييها النابتين تحت القميص البفتة ،
يخرج المطر حنينها إلى طفولة بعيدة .. بعيدة .
     إذا رأيت هذه المرأة العجوز ، المراهقة ، الطفلة ،
لا تقف أمامها ،
لا تسد الطريق عليها ،
لا تنشر رائحتك حولها ،
لا تحاول أن تحتويها بين ذراعيك ،
فقط أتركها تمر .
أتركها تنشر أعضاءها المبتلة عبر الشوارع و الميادين .
أتركها تتخلص من أسرها ،
من نشوتها ،
من تاريخ أصابعها ،
أتركها تمرق ، ولا تتبعها ،
أتركها تمر من أمام الباب مبعثرة الشعر
تنظر إلى المدخل المظلم .
تتخيل حبيباً يقف على مبعدة ، يمد ذراعيه لاحتوائها .
تحت السلم .
فتفر منه هاربة .
ربما يطول قبلة أو يتركها .
ربما يجعلها تمر فرحة بإفلاتها .
ربما يجعلها منساقة إلى المجهول .
ربما لا يكون هناك حبيبا .
 فقط تمر منتشية . فاردة ذراعيها .
فاردة ذراعيها،
فاقدة تنورنها ،
ناشرة خصلات شعرها ، فاردة أصابعها نحو المطر .
     هذه المرأة ، المراهقة ، الطفلة ، التي تحتوى العالم ، ولا تبال بك.
هي ابنة هذا العمر ،
هي ابنة الثالثة عشرة ،
هي التي تستدعى طفلة فى عينيها ،
تنشر أصابعها للمطر مبتهجة ، تحمل أنقاض العمر ، تحمل رائحة الماضي ، فتتخلص منه على الإسفلت ، تسكبه على الأرض .
يونية 2000

قصة فأل سئ

  فأل سئ لا أعرف بالضبط ماذا حدث لي؟ منذ ليلة أمس وأنا تنتابني حالة من العراك والغضب الزائد، لقد ألغيت لقاءً كان مهما بالنسبة لي في العم...

المتابعون