الخميس، 25 يناير 2018

- عشر سنوات من الحب لا تكفى -
يناير 1988

     تقف على محطة 26 فتاة ترتدي جيب كاروه أحمر وجاكت صوف رمادي ، تنظر إلى ساعتها .
 يا وردتي /
                النار بتفتح سرتك .. والبحر صافى والندا مغبش عينيا .."
الساعة تقترب من الواحدة ظهراً .. وقفت ما يقرب من ساعتين .. ولم يأتي .. تركب ميكروباص المطرية .. يصعد السائق .. تتعلق عيناها .. ( بمشيته المرتبكة وخطواته السريعة ، وشنطته الثقيلة اللي مخدلة كتفه . )

تنط فرحة .
كده أتأخرت ؟
الميكروباص كان هيمشى !

" شميت عروقك ( الدهب بيفور ، وتطير .. نساير أخر سفينة رأيتها ) جمعت كل مابيا من نشوة وجرحت تحت السرة جرح خفيف ."

يا سلام !
تعرف لو كنت أتأخرت خمس دقائق ، والميكروباص مشى ، مكنتش شوفتنى . دا أنت متعرفنيش عنادية وكرامتي على طرف مناخيرى .
" كنت هاعرف أجيبك .
وانتى ..
من ريحة الليمون بتدخلي ."

" صافى 000
هل تدرين أننا لا يمكن يا حبيبتي الوحيدة والواحدة أن أكون ضد أي طاقة تشعرين فيها بحرية أكثر .. فحريتك الأكثر هي التي ستمنحني قدرة على أن أحبك بأكثر حرية ."

عندك مكان محدد نروح فيه ؟
" أنا النهاردة ملكك .
وديني مطرح ما يعجبك . "
عمرك شفت واحدة تستني واحد ساعتين ؟
" إمبارح كان رأس السنة 00وسهرنا طول الليل .
دا أنا حتى جاى من ألف مسكن ..حتى شوفي مسرحتش شعري . "
عندي مكان ع النيل خطير ورخيص .
تتأبط يده .. ويدخلان ،
على فين يا آنسة ؟
أنا عضوه فى النقابة
وده خطيبي عندك مانع
لا أبداً يا فندم اتفضلى .
أنا أسفه .
حطيت ايدى فى أيدك وقلت خطيبي عشان هما رخمين وممكن يغلسو علينا .
" المكان رائع والنيل بديع .
سيبنى عايم بين أيدك
سيبنى سابح فى المواجهه ..
أبتلى فى النور بضعفي ..
عن ملاقاة الشبك "

جرسون .
عايزة أحلى فطار عندك .. وأثنين شاي كشري سكر خفيف .
" مكنتش أعرف إنك جميلة كدا ؟
لو يدور القلب .. دوره .. خارج الطقس المطير ،
كنت أسلم جسمي للرعشة الفقيرة ، وأنزوي فى شهقة حبيب ..
كات حبيبته نفسها ترقص له .. رقص وأما فردت فى الهوا .. دراعتها .. طارت ."
يا عم .
خدنا ريحك .
أنا أجي أية جنب عينيك الجميلة ، ولا شعرك الكستنائى ، ودقنك الطويلة ،
عاملي فيها سايح ؟ " تعرفى .
إن شكلي ده وبشرتي دي بتسبب لي مشاكل ، كان نفسى تكون بشرتي سمره ، وشعري خشن أحس أنى مصري ، مش أجنبي . "
يا عمنا .
أية التواضع ده !
تعرف إن فيك شبه من وجوه الفيوم ؟
" أنا من الفيوم وليا أخت أسمها صفاء ، وساكن فى أم المصريين "

صدفة ، ولا مقصودة ؟ !
" معر فش أية اللي خلاني أجي !
رغم أنى أتأخرت ساعتين .
كان فيه إحساس إنك مستنيانى .. طول عمري بخاف أكون زى الحمام اللي يترمى له الحب وينزل يلقطه ، فيقع فى الفخ . "
عشان كدا !
كنت بتهرب من الندوات
" الفضل يرجع لواحد صاحبي هو اللي لفت نظري ، قال لي : البت صفاء دي حاجة تمس القلب ، وتمس من جوه .. حسيت إنه بيقول أللي جوا يا ، خفت منه ، خصوصاً طول الليل فضل يتكلم عنك ، كأنه يعرفك من زمان ، وكنت غيران منه ، وعايز أضربه ، بس عقاباً ليه أكلته أكبر طبق فول ممكن يكله فى حياته . "

……… !
" للبت ريحة تشد تسحب مشاعرك للكهوف بالليل ، لحفيف ورق الشجر لحظة طلوع الروح ، وكبرت على غفلة ، واتجوزت ، وخلفت بنت ورا بنت ، وطبيعي .
إن أبوك يخاف عليك وعلى أخواتك من الموت ، أية اللي حصل ده ؟!
يرضه نقطة العرق الملعونة اللي بتلمع على ضهر أيدى فى أوقات مش هيه .
الواحد ..
تعبان وهمدان وما عندوش روح للمناقره ..
الواحد ..
واقف قدام حالة بكا .. بالملابس الداخلية وجسمه مبلول وفاتر ..
ومشاعره منعكشة .
اللي أنا وهيه اتفقنا
نحمى بعض م اللي جاى
نفذت وعدها معايا
كنت كاهن صغير
أعرف بالظبط مكان القلب
الموت /
            لحظة دخولنا فى الجوابات الحبيبه .. بلا استئذان .
كنك ما عدتيش على القهوة ولا شفتيش بار قص مع الدراويش .
أسمع كلامي يا بدن واقلعني .
أسمع كلامي يا وسيع الملامح .
غمض عينك ..
وأنزل فى هذا البحر
بوش
بوش
بوش
بوشت .


أكتوبر 1998

            عشر سنوات من الحب لا تكفى !

     دعونا أصدقائنا المقربين لزيارة بيتنا المتواضع  والاحتفال معنا بمرور عشر سنوات على زواجنا  ودخل من الباب ضاحكاً .

" شوفتى يا ست توته .
كل العيال اختفوا ، مجاش حد منهم ،
يا سلام يا بوبو
ولا يهمك
يمكن عندهم أعذار
" كلهم عندهم أعذار "
ولا يهمك
أنت عندي بالدنيا .
يقترب ، يضع قبله على رأسها كما كان يحلو له أن يقبلها .
" كل سنه وأنت طيبة يا توته .
يا ميسو ، يا لولو ، يا بوبى ، يا هو .
تعالو يا حبيبي شوفو جبت لكم أية ؟
شيبسى ، وبوزو ، ولبان .."

" تعرفي يا توته .. لو خدتى تفرغ السنه دي كمان يبقى عظيم تلخصى الرواية "
تفتكر اللي زينا يخدو تفرغ تانى ؟
ولا كانت غلطة !

0 وحدث ما توقعناه .. التفرغ ذهب للمحظوظين ، والاستثناءات مستمرة باحثو الأدب الشعبي .. تعرضوا للظلم

أنت زعلت يا مجدي ؟
طب كان نفسي أستريح من الشغل ، والأطلس ، والمكتبة ، وأعمل حاجة بجد لها معنى ."
يا بابا خليك واقعي .
إحنا هامشيين .. إحنا نهم مين ؟
" بيت وعيال وديون .. لكن  ولا يهمك خدي أجازة بدون مرتب وأنا فيه وعود أنى أمسك سلسلة أو أشتغل ديسك فى أي جر نال .."

مش أنت يا مجدي اللي يطاطى .
" ثقي فى مره ، وجربى "
يا حبيبي العيب مش فيك .
العيب فى آلية المصالح المشتركة .
" يا ستى ..
دي كلها صرا عات فارغة . وأنا أكبر منها .
تصبحي على خير . "


يناير 1999

     حبيبي / بوبو
صباح جميل .
على أجمل بوبو فى الدنيا ، نفسى أشوف نظرة الحب الباسمة فى عينيك .
ولهفة الشوق ، وصدرك الذي يتسع فوق ما يجب .. أراك جالساً على قهوة السكرية ، وأنا إلى جوارك ، ولم يكن معنا سوى خمس جنيهات أعطاها لك جدك كي تحلق ذقنك وشعرك الذي طال .
فندفعها ثمناً للقهوة والشاي والقرفة باللبن ، وتضحك ( جدي كل ما يشوفني يقوللى : أية يا مجدي دقنك طويلة ليه ؟ أنت زعلان ! )


مايو 1999

      حبيبي / بوبو
الجميع يسألون عنك ، وأتصل بك العديد من الأصدقاء .
أحدهم يوصيني                                                                                                   عليك كثيراً فهل نسى أنك أنت قلبي ، وقلب طفلتين صغيرتين ، تنتظران أن تملأ حياتهما بهجة .
حبيبي أحبك حتى انفجارنا .


22 مايو 1999

     " توتة / الشقيقة
لأني فجأة صحيت وفى صدري ريحتك وأنت عريانة قدامى وأنا مش موجود ، وفجأة أتعرت عضامى من لحم الأحباب والأهل ، فما شفتش مين أللي سدت عليا إمبارح باب الحمام ؟ ومين فرشت شعرها الخشن المبلول تحتي على الكرسي فى أتوبيس26؟
عشان كده
كانت بصمتي فيكى / ها ميس ومي .
وكانت بصمتك فيا / الكتابة .
وأنا مشغول عنى بيكى .
ومشغول عنك بريحة حياة أفضل هنا والآن .
                                                                                 الحبيب العاري من ذاته
                                                                                     مجدي الجابري  "


يوليو 1999

     حبيبي / بوبو
بكتب لك دلوقتى ، وأنا قاعدة لوحدى ، بعدما عدى الأربعين ، وبعد ما حطيت صورتك الجديدة فى البرواز ( واللي صممت أصورها لك وإحنا راجعين من إتحاد الكتاب، وبعد تسجيل القناة 7 ) وفضلت تشخط ، وتسب على الصور ، والتسجيل ، وأنك مش قادر تمشى من ميدان الجيزة لأم المصريين ، مع إنك حكيت لي أنك مشيت من شبرا الخيمة لأم المصريين .. ووصلت الفجر ، بعد ما عديت على كام وردية ، وكام ظابط ونزلوا فيك سلخ .
- ماشى ليه بالليل ؟
- فين البطاقة ؟
- أسمك أية ؟
- وليه مروح مشى ؟
طب أية جرى ؟
ما أنت هو أنت ؟
وأنا هو أنا !
توتة حبيبتك اللي مصر تناديها توتة .. وتزعل لما تقولك يا مجدي .
مع إنها والله بتحب أسمك قوى .
وتحب تناديك بيه .
وتحب تناغشك .

     طب أية رأيك فى صينية كيكه . وشوية شاي كشري ، وكرسيين فى البلكونة .
البنتين سربتهم عند أمي .
تعال وأرمى ورا ضهرك ( الكوبالت / والمسح الذرى / والورم / والعضم / وألم العمود الفقري . )
وأشرب الشاي ، وخد حتة كيكه .
- ........
طب والله يا شيخ ، أنا تخنت معاك من كتر الحب والسعادة ، أنا عارفة إنك ما بتحبش اللون الأسود وبتكره كل ملابسي السود ه .. ورميت العباية اللي اشترتها إمبارح .
لكن سامحني ..
غصب عنى ها لبس ملابس سوده
بيقولوا واحد عزيز عليا مات .
ومش قادرة أصدق .
_ .......
طب والله .
ومالك عليا يمين أنا فاكره إنك فى حلايب ، أو عند أمك ، أو فى مهرجان الإسماعيلية ومشغول عنى ومش فاضي .
واعتبرته مات !
- .............
طب أعمل أية بها ميس ومي .
بالنهار بعمل شجاعة ، وأضحك قدام الناس .. وأقعد لوحدى بالليل أفضل أبكى .. أبكى .. لحد ما دماغي تصدع .. ونام .
- ..........
إمبارح سمعت أغنية ( منير ) على صوتك . وعند كلمة ولا انكسار ولا انهزام .
فضلت أصوت زى المجنونة وأقول : ما أنكسر خلاص .
انكسر ما قامش .
هو مين أللي انكسر ؟
                                                                                                                                           
أنت / بوبو حبيبي .
اللي ياما شالني لفوق ، وحدفنى ولقفني ، وحب على راسي  ؟ وقال لي           : سامحيني يا توتة عذبتك معايا .
- ........
ولا أنت / بوبو حبيبي .
أللي نايم على السرير فى معهد الأورام الدور العاشر حجرة 2 . ودخل بسنتيمتر ورم فى الرئة ، وعارفة إنه هيموت من شهرين ، وخدت رأسه على صدري ، وراح فى غيبوبة طويلة ، وفضلت أشحط فى الدكتور وأقوله : دا مات .. مات . وأنت مش عارف حاجة !
ونزلت بوس فى أيدك وراسك وشفايفك ، وغطيتك وشلتك ، ونزلتك الثلاجة .
- ........
ولا أنت / بوبو حبيبي
أللي خدني الفيوم .
وفسحني ، ومرجحنى ، ودانى البركة ، وكلنا سمك موسى .وفضل يضحك ، ويشدني فى الميه ، ويحكى فى عن لب العباد ، والشاي المسود ، والنخلة العجوز اللي فضلوا يقطعوا فيها يومين .
- .......
أنت مين ولا مين ؟
" أنا واحد عديد الموت "
سيبك من ا لموت وتعال جبني .
وأفتكر يوم ما شفتك أول مرة .
وأول بوسه ، وأول حضن ، وأول طفله ، وأول عيد ميلاد مع بعض .
سيبك ، سيبك ، وتعال نحكى .
قول . وأنا أسمع .
ولما تخلص كلام قوللى : دوشتك يا توتة .
أقولك : يا بوبو كلامك حلو .
ونطفي النور ، ونقيد شمعة ، ونحط شريط فيروز ( حييتك بالصيف ) وتصر إنك تعيش الحب ع الكنبة . وأنا أضحك ، وأضحك ، وأقولك : يا مجرم ، وأجز على سناني .
فتضحك . أسد بقك بأيدي وأقولك : يا وسخ أغسل سنانك ، ريحتك سجاير .
أنا عارفة بحبك على أية ؟
تضحك وتقولي : عبيطة .
رحت السوق ، لقيت أخر واحد مع الراجل صعب عليك وخدتيه .
عشان تعرفي يا توتة ، خدتى مقلب
" والله واقف عليكى بخسارة .. "
تضحك . وأنا أضحك
- ..........
بوبو الشاي برد .
نطفي الشمعة ونام .. تقيل / خفيف / جسمي ابتدأ يعرق . وأنت رحت فى نوم عميق .
أخاف عليك من البرد ، أغطيك ، وأضمك لصدري .

" حبيبتي / صافى
أيتها  الساحرة الجميلة ،جمال السر الناري الأعظم . ما زلت مصراً على إنضاج صلصالي الغفل فى مرجلك الأبدي . فزيدينى عمقاً وغموضاً ، أزداد فيكى كشفاً وتألهاً .
هل نتراشق بالماء المشتعل ؟
هل يفاجئنا الرمز ونحن عرايا فتنفرط : كتابة الجسد أو جسد الكتابة ."

ـــــــــــــــــــــــــ
هامش
مابين القوسين مختارات من أشعار مجدي ورسائله الخاصة .

يوليو 1999

فصل من رواية عطية الشمس

  (عطية الشمس)  رواية صفاء عبد المنعم -----------------------   إهداء إلى/ أبطال رواية من حلاوة الروح --------------------------...

المتابعون