في المرة القادمة .. قصة صفاء عبد المنعم
سبت, 2013/02/02 - 5:12مساء

كل يوم، أنظر !لى وجهى فى المرآه . مازال صافيا، لكن أصابه الأرق .
أدخل ..
أفتح نافذة الحجرة، أطل على الباعة الجائلين، ينصرفون مهزومين، لأنه لا أحد يريد الشراء .
أنادى .
صوتى يذهب أدراج الريا. أردد فى داخلى، فى المرة القادمة، سوف ارفع صوتى لبعد حدود، لعل الكون يسمعنى .. وتحط الطيور على نافذتى و فأخذها بين احضانى، وأمرر يداى على ريشها الناعم، وربما تنبت لى أجنحة كثيرة فأطير مع الطائرين، وأحلق مع المحلقين .
ولكن أعود !
أعود .
أنظر فى المرآه ثانية . أرى قطارا بازغا من رأسى، وامرأة ممددة فى عربة الحريم، تمد ساقيها المتعبتين، المهروستين . يأتى شاب، طويل، نحيل يشبه القديسين، يجلس أمامها، أقصد جوارها .
العربات الأخرى خانقة، وهنا ربما أستريح .
أدارت المرأة راسها جهة اليمين و حيث البيوت والأعمدة تتوارى . ونظر هو جهة اليسار حيث المداخن والمصانع والأتربة . تنزوى هى أكثر وتلتصق بزجاج النافذة . ينتبه ببطء !لى نشيجها المتقطع . فيقول لها كلاما صافيا، يهز وتر القلب . ولكنها لا تسمعه، فهى لاهية بالنظر والصمت والدموع .
المرأة الجالسة ألقت بجعبتها خارج القطار، وركبت دون أن تحمل معها أى صفات للمراة السابقة .
وهو عندما رأها قرر أن يلقى بجعبته أسفل المقعد . حدثها، ناداها : أمى لماذا أنت صامتة ؟
تستدير له بعينين صافيتين . يرى وجها صغيرا لطفلة، ربما تكون فى التاسعة عشرة، أو الرابعة عشرة، فى السن الذى كان يعشق مداعبته .
قال لها : أسف . ولكن لماذا وجهك حزين هكذا ؟
قالت : تعودت على السفر، فصرت رهينة القطارات والليل .
- لماذا ؟
- لأنه الحلم !
قرر الرجل الجالس جوارها، أن يمد يده ويحتضنها، ولكنه قال فى نفسه : ربما تظننى متطفلا، ولكن فى المرة القادمة سوف أمد يدى وأمسح دموعها، وامد ذراعى، تريح عليه راسها، واعطيها قلبى رغيفا طازجا .
قالت هى فى نفسها : سوف أمد يدى ألتقط حبات العرق، وامد ذراعى واحتضن خصره، واجعل قلبى مهدا له
لكن توقف القطار . ونزلت المرأة ونزل الرجل . ونسيا ان يقول كل منهما ما بداخله للآخر وماذا يريد .
وعادت هى إلى مرآتها تنظر الى وجهها، وتردد فى المرة القادمة عندما ألقاه سوف أخذه .
وكذلك هو . أدار المفتاح فى بابه ودخل وقال : فى المرة القادمة عندما أراها سوف أأخذها وأأخذ قلبها .
وقابلها .
وقابلته .
وتركها .
وتركته .
وقالت : كيف أسلم له . هذا الساحر الذى مسنى بسحره .
فصار جسدى جحيما، أغوانى بشياطينه وجنياته اللاتى يخبئهن فى صدره .
وكلما أقتربت منهن نهرنى بشدة، وأبعدنى الى آخر حدود المعرفة .
وقال لى : يكفيك أن ترى، ولكن لا تلمسنى ما ترينه .
فى المرة القادمة، سادعوه الى العشاء فى مطعم فخم، واصر على دفع الحساب ليشعر بالمهانة والغصة .
عندما رآها، فتح يديه، ولمس بفمه اطراف اصابعها، فسحبها، واجلسها الى جواره على الرصيف، واشار الى المارة،.
وأخذت تبحث بداخلها عن معنى مختلف . قالت : أذا تركتنى، سأجعلك تندم .
تبسم وجذب يديها اليه وقال : لن أتركك حتى أراك صامتة الى الأبد .
وفى هذه الليلة هبت نسمات باردة، جعلت اطرافها تتجمد حتى الصقيع .
ذهبت الى بيتها، وفتحت النافذة على آخرها، ودخلت الريح .
وظلت تطل عليه وهو يعبر الشارع منفردا، ويعزف لحنا بصفيره الذى جعل الريح تهب حوله، وابتعد مختفيا فى شفافية مذهلة .
قالت فى نفسها : هذا الجنى يريد أن يرهبنى بخوارقه وهو لم يعرف بعد خوارق المراة اذا هبت.
خرجت وراءه تتبعه وهى تجمع الريح من حوله، فصار روحا منفلته منها .
عادت وفتحت الباب، واغلقته بعنف، وقالت : والله فى المرة القادمة لأسحرنه، سأجعله ضفدعا يقفز، أو ربما اميته، اهرسه .
أتى اليها من ثقب الباب ودخل .
فتحولت سمكة طازجة . اخذها وتلذذ بها، ثم تجشا و واخرجها محارة، وتركها منزوية على نفسها فى ركن الحجرة و وخرج .
قالت ك هو مارد، أو ربما يكون عفريتا من الجن، فى اصابعه لذة مفرطة تجعلنى محارة رطبة أذن سوف استعين بقوة ذاكرتى، واستعيد داخلى كل المهات السابقات .
ورحلت تبحث عنه .
وجدته واقفا على طرف نهر صغير، يمد شباكه ويلقيها .
نزلت بهدوء، والقت بنفسها داخل الشبكة، سحبها متباطئا، خرجت سمكة متوحشة، خاف منها وتركها .
وعاد الى ثلجه، الى برودته، ولكنها صارت وراءه تتبعه لتهرس قلبه .
كان نائما ممددا فى استرخاء . ميتا .
جمعت شجاعتها و ولمسته فى شفتيه، وصبت توحشها داخله .
صحا من نومه رأى امرأة جميلة نائمة، ذهبت القشور عنها وذيلها اختفى .
قال فى نفسه : فى المرة القادمة لن أخدعها، وضمها لصدره .
ولكن عندما استيقظت، كانت الشمس قد اذابت الكوخ، وجف حلقها، فزحفت الى الماء ثانية، وتركته يعطش وحده .
وقالت فى المرة القادمة سوف اذيب هذا الجليد الذى بداخله، وارويه، أرويه الى أن تشبع الصحراء التى بداخله، وتنبت الأشجار و وتزهر الورود ز
ولكن أنا محتاجة لآن اثق فى نفسى أكثر من هذا، ولذا فى المرة القادمة سوف أمد يدى الى قلبه وانزعه بقوة أرادتى .
وعندما آتى . وضعت المرأة يدها على صدره وقالت ك يارب بقوة الحب اعنى على نزع قلبه وزرع قلبى مكانه .
وهى تفعل ذلك . مد يده على يدها وقال : يارب اعنها على نزع قلبى وزرع قلبها .
وبعدها خرج .
قالت المرأة صارخة : أن الشيطان يقف أمامي، لذا سوف اهزمه، وفى المرة القادمة سوف اهزمه، واحضر سكينا وانزع بها صخرة قلبه .
وجد أنه صار يشعر بمشاعر جديدة و يحن الى جسد تركه وحيدا فى غرفته .
فعاد مسرعا كى يرد قلبه .
ولكن كانت المرأة تختفى وراء الباب، وبيدها السكينة و وعندما راته عاجلته بطعنة .
أخرجت قلبه .
فأخذته سريعا ساخنا ووضعته فى جسدها، فصارت حزينة أبدية لنها رجعت الى توحشها وسقط على الرض جثة وقلبه ينبض جواره .
بكى الرجل وقال : ليتنى اعطيتها قلبى من قبل .
وبكت المرأة وقالت : ليتنى ما قتلته، ربما كان يحبنى فى المرة القادمة .
وهكذا عادت المرأة من القطار، ودخلت البيت، ونظرت الى المرآه فلم تجد وجهها .
أدخل ..
أفتح نافذة الحجرة، أطل على الباعة الجائلين، ينصرفون مهزومين، لأنه لا أحد يريد الشراء .
أنادى .
صوتى يذهب أدراج الريا. أردد فى داخلى، فى المرة القادمة، سوف ارفع صوتى لبعد حدود، لعل الكون يسمعنى .. وتحط الطيور على نافذتى و فأخذها بين احضانى، وأمرر يداى على ريشها الناعم، وربما تنبت لى أجنحة كثيرة فأطير مع الطائرين، وأحلق مع المحلقين .
ولكن أعود !
أعود .
أنظر فى المرآه ثانية . أرى قطارا بازغا من رأسى، وامرأة ممددة فى عربة الحريم، تمد ساقيها المتعبتين، المهروستين . يأتى شاب، طويل، نحيل يشبه القديسين، يجلس أمامها، أقصد جوارها .
العربات الأخرى خانقة، وهنا ربما أستريح .
أدارت المرأة راسها جهة اليمين و حيث البيوت والأعمدة تتوارى . ونظر هو جهة اليسار حيث المداخن والمصانع والأتربة . تنزوى هى أكثر وتلتصق بزجاج النافذة . ينتبه ببطء !لى نشيجها المتقطع . فيقول لها كلاما صافيا، يهز وتر القلب . ولكنها لا تسمعه، فهى لاهية بالنظر والصمت والدموع .
المرأة الجالسة ألقت بجعبتها خارج القطار، وركبت دون أن تحمل معها أى صفات للمراة السابقة .
وهو عندما رأها قرر أن يلقى بجعبته أسفل المقعد . حدثها، ناداها : أمى لماذا أنت صامتة ؟
تستدير له بعينين صافيتين . يرى وجها صغيرا لطفلة، ربما تكون فى التاسعة عشرة، أو الرابعة عشرة، فى السن الذى كان يعشق مداعبته .
قال لها : أسف . ولكن لماذا وجهك حزين هكذا ؟
قالت : تعودت على السفر، فصرت رهينة القطارات والليل .
- لماذا ؟
- لأنه الحلم !
قرر الرجل الجالس جوارها، أن يمد يده ويحتضنها، ولكنه قال فى نفسه : ربما تظننى متطفلا، ولكن فى المرة القادمة سوف أمد يدى وأمسح دموعها، وامد ذراعى، تريح عليه راسها، واعطيها قلبى رغيفا طازجا .
قالت هى فى نفسها : سوف أمد يدى ألتقط حبات العرق، وامد ذراعى واحتضن خصره، واجعل قلبى مهدا له
لكن توقف القطار . ونزلت المرأة ونزل الرجل . ونسيا ان يقول كل منهما ما بداخله للآخر وماذا يريد .
وعادت هى إلى مرآتها تنظر الى وجهها، وتردد فى المرة القادمة عندما ألقاه سوف أخذه .
وكذلك هو . أدار المفتاح فى بابه ودخل وقال : فى المرة القادمة عندما أراها سوف أأخذها وأأخذ قلبها .
وقابلها .
وقابلته .
وتركها .
وتركته .
وقالت : كيف أسلم له . هذا الساحر الذى مسنى بسحره .
فصار جسدى جحيما، أغوانى بشياطينه وجنياته اللاتى يخبئهن فى صدره .
وكلما أقتربت منهن نهرنى بشدة، وأبعدنى الى آخر حدود المعرفة .
وقال لى : يكفيك أن ترى، ولكن لا تلمسنى ما ترينه .
فى المرة القادمة، سادعوه الى العشاء فى مطعم فخم، واصر على دفع الحساب ليشعر بالمهانة والغصة .
عندما رآها، فتح يديه، ولمس بفمه اطراف اصابعها، فسحبها، واجلسها الى جواره على الرصيف، واشار الى المارة،.
وأخذت تبحث بداخلها عن معنى مختلف . قالت : أذا تركتنى، سأجعلك تندم .
تبسم وجذب يديها اليه وقال : لن أتركك حتى أراك صامتة الى الأبد .
وفى هذه الليلة هبت نسمات باردة، جعلت اطرافها تتجمد حتى الصقيع .
ذهبت الى بيتها، وفتحت النافذة على آخرها، ودخلت الريح .
وظلت تطل عليه وهو يعبر الشارع منفردا، ويعزف لحنا بصفيره الذى جعل الريح تهب حوله، وابتعد مختفيا فى شفافية مذهلة .
قالت فى نفسها : هذا الجنى يريد أن يرهبنى بخوارقه وهو لم يعرف بعد خوارق المراة اذا هبت.
خرجت وراءه تتبعه وهى تجمع الريح من حوله، فصار روحا منفلته منها .
عادت وفتحت الباب، واغلقته بعنف، وقالت : والله فى المرة القادمة لأسحرنه، سأجعله ضفدعا يقفز، أو ربما اميته، اهرسه .
أتى اليها من ثقب الباب ودخل .
فتحولت سمكة طازجة . اخذها وتلذذ بها، ثم تجشا و واخرجها محارة، وتركها منزوية على نفسها فى ركن الحجرة و وخرج .
قالت ك هو مارد، أو ربما يكون عفريتا من الجن، فى اصابعه لذة مفرطة تجعلنى محارة رطبة أذن سوف استعين بقوة ذاكرتى، واستعيد داخلى كل المهات السابقات .
ورحلت تبحث عنه .
وجدته واقفا على طرف نهر صغير، يمد شباكه ويلقيها .
نزلت بهدوء، والقت بنفسها داخل الشبكة، سحبها متباطئا، خرجت سمكة متوحشة، خاف منها وتركها .
وعاد الى ثلجه، الى برودته، ولكنها صارت وراءه تتبعه لتهرس قلبه .
كان نائما ممددا فى استرخاء . ميتا .
جمعت شجاعتها و ولمسته فى شفتيه، وصبت توحشها داخله .
صحا من نومه رأى امرأة جميلة نائمة، ذهبت القشور عنها وذيلها اختفى .
قال فى نفسه : فى المرة القادمة لن أخدعها، وضمها لصدره .
ولكن عندما استيقظت، كانت الشمس قد اذابت الكوخ، وجف حلقها، فزحفت الى الماء ثانية، وتركته يعطش وحده .
وقالت فى المرة القادمة سوف اذيب هذا الجليد الذى بداخله، وارويه، أرويه الى أن تشبع الصحراء التى بداخله، وتنبت الأشجار و وتزهر الورود ز
ولكن أنا محتاجة لآن اثق فى نفسى أكثر من هذا، ولذا فى المرة القادمة سوف أمد يدى الى قلبه وانزعه بقوة أرادتى .
وعندما آتى . وضعت المرأة يدها على صدره وقالت ك يارب بقوة الحب اعنى على نزع قلبه وزرع قلبى مكانه .
وهى تفعل ذلك . مد يده على يدها وقال : يارب اعنها على نزع قلبى وزرع قلبها .
وبعدها خرج .
قالت المرأة صارخة : أن الشيطان يقف أمامي، لذا سوف اهزمه، وفى المرة القادمة سوف اهزمه، واحضر سكينا وانزع بها صخرة قلبه .
وجد أنه صار يشعر بمشاعر جديدة و يحن الى جسد تركه وحيدا فى غرفته .
فعاد مسرعا كى يرد قلبه .
ولكن كانت المرأة تختفى وراء الباب، وبيدها السكينة و وعندما راته عاجلته بطعنة .
أخرجت قلبه .
فأخذته سريعا ساخنا ووضعته فى جسدها، فصارت حزينة أبدية لنها رجعت الى توحشها وسقط على الرض جثة وقلبه ينبض جواره .
بكى الرجل وقال : ليتنى اعطيتها قلبى من قبل .
وبكت المرأة وقالت : ليتنى ما قتلته، ربما كان يحبنى فى المرة القادمة .
وهكذا عادت المرأة من القطار، ودخلت البيت، ونظرت الى المرآه فلم تجد وجهها .
هذا المو