الخميس، 5 مارس 2015

حوار معى


الغرب يورد إلى العرب بضاعتهم الثقافية بعد تغليفها في كرتون

الغرب يورد إلى العرب بضاعتهم الثقافية بعد تغليفها في كرتون


2015/03/05
    يحتاج الطفل إلى أدب يخصب خيالهُ المُزدحم اليوم بما تصبه الفضائيات في مخيلته من سلبيات.. فهل هجر الطفل القراءة والاستماع إلى (حدوتة) الأجداد التي كانت تعد نجم السماء في ليالي القرى.. ليجد الطفل كفايته في الأسرة الممتدة.. ومن يكتب للطفل؟، وكيف ينزل الكاتب إلى مستواه؟، ولماذا الثقافة الموجهة للطفل في الغرب متنامية الفكر والصورة؟ وما الدور الذي قدمته المجلات المخصصة للطفل؟ حول ذلك الموضوع تدلي الروائية والقاصة والباحثة والكاتبة للطفل صفاء عبدالمنعم برؤيتها من واقع خبراتها المتعددة في هذا المجال.
. متى بدأ أدب الطفل؟
- بداية أدب الطفل من وجهة نظري منذ أن كان الإنسان يخرج للصيد وعندما يعود يقوم بالحكي لأولاده عن أنواع الحيوانات وخطورتها وكيفية صيدها، ثم قام برسم كل ذلك على جدران الكهوف.
ثم عندما تكرر غياب الأب وزاد الخوف في قلوب الأطفال بدأت الأم تحكي لهم الحكايات حتى تزيل الخوف عن قلوبهم الصغيرة، ثم بدأت تحكي لهم حكايات عن القبيلة فهي تنقل التاريخ بشكل شفاهي ثم بدأت تعلمهم الحكمة والأخلاق وتعاليم الأجداد عن طريق الحكي.
ولهذا كانت أول قصص مكتوبة مثل حكايات كليلة ودمنة وخرافات أيسوب جاءت على لسان الحيوان لأنه الأقرب إلى قلوب الأطفال وأضاف إليه المبدع بعض أخلاقيات البشر، وهذا ما فعله الفيلسوف بيدبا وغيره.
حتى الحكايات الشعبية كان الحيوان بطل فيها أيضاً وتحكى عنه الحكايات الخرافية والشخصية المشهورة في الحكي الشعبي المصري شخصية أمنا (الغولة) فهي ربما تكون حيواناً مفترساً.
الإشباع.. وثقافة الطفل
. كيف يكون إشباع الطفل بالأدب العربي؟
- يكون إشباع الطفل بالأدب العربي عن طريق الحكي أولا ًحتى ننمي لديه ملكة الخيال، وهذا يعتبر دوراً مهماً للأم والمعلمين في المدارس وواضعي مناهج اللغة العربية كذلك، لأن الحكي القصصي يجعل الطفل محبباً عنده ُالخيال والدهشة، ثم يتعلم القراءة فيقرأ، ولا بد أن يتوافر في كل بيت مكتبة، وبها رف خاص لقصص الأطفال.
. في ظل التغييرات في استسقاء الثقافة الطفلية هل ما زال هناك أطفال يقرؤون رغم تأفف الأطفال من الكتب المدرسية؟
- نعم ما زال هناك أطفال يقرؤون في ظل كل هذه المتغيرات، وهناك أباء حريصون على شراء الكتب والمجلات لأولادهم، القراءة عادة مهمة ولا بد من تنميتها، برغم تأفف الأطفال من الكتب الدراسية وهذا موضوع مهم لا بد أن يفرد له حوار خاص عن صناعة الكتب الدراسية والموضوعات التي توجد بها.
وأعرف أطفالاً كثيرين مازالوا يحرصون على شراء مجلات سمير وميكي وغيرها من المجلات.
الأدب المترجم
. ما الفائدة التي تعود على الطفل من قراءة الأعمال المترجمة؟
- الفوائد كثيرة، فهو يتعرف على ثقافة الآخر، واهتماماته، ومناخ بلاده، وجغرافية بديلة عن بيئته، وتاريخ مغاير، وفكر مختلف أيضاً، ولكن يتوقف كل ذلك على وجهة نظر المترجم ومدى الأمانة في الترجمة، والحس الفني لديه.
. هل يفقه الطفل أثناء قراءته الأعمال المترجمة الفروق بين المجتمعات الغربية والمجتمعات العربية؟
- نعم الطفل ذكي ولديه حس فطرى يجعله يثق في هذا ويترك ذاك ويبهره العالم المختلف عن عالمه، والأجمل أن يقرأ الكتب بلغة بلدها فذلك يثري لغته بشكل أفضل.
. من القادر على القراءة للطفل (الأم، الأب، المعلم) وما القواعد التي يفترض أن يتبعها كل منهم؟
- القادر على القراءة للطفل (الأم – والأب – والمعلم) لأن لكل منهم دوره في تنشيط خيال الطفل، فالأم هي المعلم الأول بالنسبة للطفل ويتلقى منها أولى معارفه بحكم الميلاد، والأب يضيف خبرات مختلفة لم تعشها الأم، والمعلم يكمل لأنه يظل مع الطفل في المدرسة أطول وقت ممكن، ولديه القدرة التربوية على إرشاد الطفل واختيار الأعمال المناسبة للمرحلة العمرية (جميعهم) مكمل للآخر ويضيف له.
. هل ما زالت (حدوتها) ما قبل اليوم وجبة مغذية في عصرنا الحالي للأطفال؟
- حدوتة قبل النوم لعبت عند الأجيال السابقة دوراً مهماً خصوصاً قبل انتشار الفضائيات والعالم الافتراضي، فالطفل سابقاً كان لا ينام قبل أن تحكي له أمه حدوتة، والجدات قمن بهذا الدور جيداً خصوصاً في الأسرة الممتدة، فالجد والجدة كانوا يعيشون معهم في بيت واحد بيت (العيلة).
ما زال هناك أطفال إلى الآن يحبون سماع الحكايات خصوصاً في القرى، لأن هذا يعطي نوعاً من الأمان النفسي للطفل قبل الدخول في النوم.
. نسمع دائماً أن من يكتب للطفل لا بد أن ينزل إلى مستواه كيف يكون ذلك؟
- من يكتب للطفل لا بد أن يكون محافظاً على الطفل الداخلي عندهُ، ومازال يندهش لرؤية الأشياء مثل الأطفال (طفل كبير) ويكون لديه القدرة على الصبر والاطلاع الواسع، حتى يكون موسوعي المعرفة، وهذا يفيده كثيراً عند الكتابة، قاموسه متسع، وقارئ جيد.
وبالمناسبة الكتابة للطفل ليست سهلة أو بسيطة، ولكن نستخدم كلمات يدركها الطفل ويستوعبها، ليست لغة متعالية.. والطفل لا يقتنع بسهولة، ولا يمكن أقناعهُ لكثرة الأسئلة عنده.
التراث العربي
. علاء الدين والسندباد من أشهر الأعمال التي شاعت من التراث العربي فأين بقية التراث العربي؟
- علاء الدين وحكايات السندباد من أشهر الأعمال وشاعت كثيراً لأن الغرب أخذ هذه الحكايات وعمل أفلاماً كرتونية، والتراث العربي هذا ملف مهم وشخصيات وأفلام عادية ثم أعاد تصديرها لنا مرة أخرى.
وللأسف نحن عالم مستهلك للثقافة التي نملكها بمنطق (بضاعتنا ردت إلينا) أتمنى أن تقوم مؤسسة حكومية كبيرة وتتبنى فكرة جمع التراث، وإعادة كتابته مرة أخرى للكبار وللأطفال حتى يكون كتاب العرب المهم، والشعب الذي يفقد تراثه يفقد هويته وخصوصيته، والتراث العربي مليء بالحكايات الرائعة.
. المادة المقدمة للطفل في الغرب في تنامٍ، قصة تتحول فيما بعد إلى عمل مرئي فكيف ذلك؟
- الغرب يعرف كيف يصنع من مادة بسيطة أو حكاية واحدة آلاف الأعمال كرتون ومجسمات وسينما ومسرح وملصقات ودمى وغيرها فهو لا يترك شيء فني إلا ويستخدمه، والغرب يهتم بتثقيف الأب والأم لأهمية الرعاية من جميع النواحي الصحية والفكرية فتكون البيئة المحيطة بالطفل مهيأة لاستقباله بشكل جيد.
. كيف ندرج القصة المكتوبة إلى فن محكي من خلال مسرح العرائس؟
- هذا يتوقف على الفنان الذي لديه القدرة والرؤية لعمل ذلك، والمثال الأكثر شهرة (أوبريت الليلة الكبيرة) لصلاح جاهين، وإخراج صلاح السقا وغيره من الأعمال.
. اللهجة المحلية تشكل كفتين متوازيتين لإشباع ثقافة الطفل العربي أم أن اللغة العربية هي الممثل لذلك؟
- اللهجة المحلية هي اللغة الأولى التي يتعلمها الطفل من البيئة المحيطة به، ثم يذهب إلى المدرسة ويتعلم لغة جديدة وهى الفصحى فيحدث انفصال ذهني عند البعض وأحياناً يفشل دراسياً لأنه لا يستطيع مواكبة التطور اللغوي. فهو يفكر بالعامية ويكتب بالفصحى (اللهجة الخاصة به) فيصبح مشتت الذهن وكذلك ينتج ازدواج في الشخصية.
. أسهل شيء يسأل عنه الطفل بعد قراءته الأعمال المترجمة كيف أربي كلباً أو قطاً بخلاف الجمل والخيل؟
- دائماً يسأل الطفل عن طريقة تربية الحيوانات التي قرأ عنها في الكتب المترجمة، خصوصاً الكلب والقط، لأنه ببساطة يمكن الحصول عليه بسهولة، ويعيش معه في المنزل، وهو منتشر في البيئة المحيطة به، على عكس الجمل والحصان فصعب شراؤه، ويعيش في بيئة بدوية أكثر.
. اكتساب الطفل للغة من خلال متابعة برامج الأطفال هل في ذلك فائدة أم خلل تربوي؟
- برامج الأطفال تُبث من وجهة نظر المعد والمخرج ومن يعمل في هذا الحقل الإعلامي، لكنها أحياناً لا تنتمي لثقافة أو بيئة جميع الأطفال فهي تصور مسبق عما يريده الطفل، وبث بعض الأفكار التي تكون أحياناً مضللة أو بعيدة عن حقيقة الطفل ومداركه.. والمجتمع متعدد وليس على وتيرة واحدة، فالطفل البدوي غير الحضري.. وهكذا.
. من خلال بحوثك في التراث هل يحتاج الطفل إلى جرعات من ذلك؟
- من خلال عملي في جمع التراث، نعم الطفل يحتاج أن يعرف تراث بلده، التراث ثقافة وحضارة شعب وطريقة تفكير والبعد عنه يسبب خللاً في هوية الطفل فهو لا يعرف شيئاً عن ماضية، فكيف يسير نحو حاضره ويطوره.
. ما الأسس التي يحتاجها المجتمع العربي لخلق بيئة ثقافية سليمة للطفل؟
- المجتمع يحتاج إلى الوعي الكافي بأهمية رعاية الطفل فكرياً وثقافياً، لأنه هو رجل الغد، وخصوصاً بعد طوفان العولمة وما بعد الحداثة ومحاولة تنميط البشر، وتحويل الإنسان العربي إلى مستهلك فكرياً إضافة إلى استهلاك السلعة، وبث أفكار غريبة عنه.. والتكنولوجيا لها دور كبير في ذلك.
. ما الفائدة التي تعود على الأطفال من الورش المخصصة لهم؟
- الورش المخصصة للطفل سهلة وبسيطة ولا تحتاج إلى إمكانات ضخمة سواء لتعلم حرف يدوية أم ورش حكي، كله من البيئة المحيطة بالطفل ويمكن صنعها داخل المنازل والمدارس والنوادي وتحت الشجرة، في القرى فكرة المصطبة تصلح أيضاً. لأن الاهتمام يكون بالخيال أكثر من الخامة.
. أيهما أقدر على كتابة قصص الأطفال الرجل أو المرأة؟
- الأقدر على الكتابة للأطفال الرجل والمرأة (الاثنان) لأنه يتوقف على وجهة النظر والثقافة والعطاء وليس بالنوع، المهم هو إلى أي ثقافة تنحاز.
. ما رأيك في المجلات المخصصة لطفل؟
- المجلات المخصصة للطفل، أولاً قليلة جداً، والجيد منها نادر، وللأسف هناك بعض المجلات تسيطر عليها فئة معينة، أو العاملون فيها يتحولون إلى كتاب للأطفال وذلك من أجل المكافأة، ويحرمون كتاباً آخرين، وهذا يقلل فرصة التنوع والاختلاف أيضاً كي نعطي للطفل حرية الاختيار والمفاضلة بين الأعمال وكتابها.
. ماذا تقول صفاء لمن أراد أن يكتب للطفل ولمن كتب للطفل؟
- أقول لمن يكتب للطفل من الشخصيات الكبيرة والمشهورة، أفسحوا مجالاً للكتاب الجدد حتى لو مختلف معه، لا تسيطر على كل منافذ النشر بحكم العلاقات والخبرة.
وأقول للكاتب الجديد: اقرأ ثم اقرأ، نوع قراءتك، في كل شيء، أجمع معلومات سافر، اسمع موسيقى، شاهد سينما ومسرحاً، اندمج في وسط الأطفال والعب معهم.
وفى النهاية أمنيتي المتواضعة عمل ورشة من جميع أطفال الوطن العربي يشتركون فيها يلعبون ويغنون ويحكون ويكتبون.

قصة قصيرة (عزيزي أصلان)

  عزيزى أصلان     الآن وللمرة الثانية انتهى من وردية ليل . لم يكن يشغل بالى سوى العم بيومى وهو يرفع وجهه ( أول دور مش تانى دور ) جملة ...

المتابعون