العمة توتة
هل تعرف من نحن ؟!
نحن أخوة ، نعيش فى مكان بعيد عن العاصمة
التى تسكن فيها العمة توتة .
فاسمها الحقيقى سوف تجده على غلاف الكتاب الذى
فى يدك .
فى كبيرة ومشهورة ، وتبلغ من العمر .. لا
داعى ، كى لا تغضب منا نحن أبناء أخيها الصغار .
العمة توتة ، عمة صارمة وحادة الطباع ،
ولكنها طيبة وجذابة ، وشيقة عندما تحكى لنا الحكايات ، ونادرا ما تأتى إلينا فى
العيد .
وأحيانا قليلة تأتى فى عطلة نصف العام ، أو
فى الأجازة الصيفية ، فهى دائما مشغولة جدا ، فهى تحب القراءة كثيرا ، والسفر
بعيدا .
تأتى غلينا محملة بالهدايا والبسكويت اللذيذ
الذى نحبه ، والملابس الجميلة التى تنتقيها أثناء سفرها .
وأحيانا تشترى لنا لعب حديثة فى مناسبات
النجاح ، تشترى لكل واحد الهدية التى يحلم بها ، وكأنها تقرأ أفكاره ، وتعرف ماذا
يريد .
العمة توتة تحب الأطفال المتفوقين وخاصة
البنات فهى تقول دائما البنت مثل الولد لها ماله من حقوق ، وعليها ماعليه من
واجبات ، وهى نصف المجتمع ، وفتاة المستقبل ، ومربية الأجيال .
ودائما تذكرنا ببيت الشعر لأحمد شوقى ( الأم
مدرسة ، إذا اعددتها ، أعددت شعبا طيب الأعراق ) .
العمة توتة التى تحب الأطفال وخاصة البنات
وتشترى الهدايا الكثيرة ، دائما تشترى القصص والكتب ، وتشجعنا على القراءة
والأطلاع .
ثم فى الليل نتحلق حولها تحى لنا الحكايات المسلية والتى كانت تحكيها لها
جدتها قديما .
وتضحك وتهش فى وجوههنا : ماذا تريدون أيها
الشياطين .
وأحيانا من باب الدلع تقول لنا : أيها
الملاعين الصغار .
وكان كل ذلك يحدث حسب الحالة المزاجية التى
عليها العمة توتة .
فكلمة الملاعين تعنى عندها المداعبة والضحك ،
وكلمة الشياطين تعنى عندها الشقاوة والمشاغبة .
فنضحك ، ونقترب منها فى حظر حتى لا تغضب
خصوصا إذا كانت مشغولة بقراءة كتاب أو جريدة ، أو تكتب قصة جديدة ..
أو تستعد للنوم .
فالوقت المناسب الذى تحكى لنا فيه الحكايات عندما
تكون تشرب الشاى مع أبى وتبتسم ، وتمد يدها نحونا بحب وعطف وتقول : تعالوا أجلسوا هنا إلى جوارى .
أما إذا كانت غاضبة فلا نقترب منها حتى تهدأ
.
ولكن اليوم ونحن فى نهاية العام ، جلسنا بهدوء فغدا رأس السنة الميلادية
الجديدة .
والعمة توتة تحب أن تحتفل بعيد ميلادها فى
هذا اليوم ، نهاية عام وبداية عام جديد .
ونحن الصغار قررنا أن نسبقها ونستعد للأحتفال
بها هذا العام ، أشترينا الهدية ، ودخلنا الحجرة على أطراف اصابعنا ، وقلنا فى نفس
واحد : مساء الخير أيتها العامة توتة الغالية .
كل عام وأنت بخير .
وعيد ميلاد سعيد .
وتقدمنا بضع خطوات بطيئة ، وبأيد مرتعشة
قدمنا الهدية لها .
أخذتها بهدوء ، واشارت لنا أن نجلس إلى
جوارها على السرير حتى تنتهى من صلاة العشاء ، وقالت بود ملحوظ : تعالوا ياأحبابى
الصغار ، كل عام وأنتم جميعا بخير وسعادة ، وعام ميلادى جديد .
ثم فتحت الهدية المغلفة بورق سليفان ملون ،
وبهرت بشدة وهى ترى مجموعة من الصور النادرة لها داخل ألبوم جميل .
فأبتسمت أبتسامة عريضة وواسعة ، وقالت : من
صاحب هذه الفكرة ، ومن أين هذه الصور القديمة .
ضحكنا جميعا وقلنا لها فى نفس واحد : من
ألبوم بابا .
ضحكت بفرح شديد ، واخذتنا فى حضنها الكبير
الدافىء ، وقالت : أشكركم كثيرا على هذه الصور النادرة لى .
ولكن من صاحب هذه الفكرة الجميلة ؟
قال أحدنا : نحن جميعا فكرنا فى فكرة جديدة
وغريبة وسعيدة .
ذهبنا وأشترينا الألبوم ، واعطانا ابى الصور
.
وبعد لحظات سمعنا طرقات خفيفة على باب الحجرة
، ودخل أبى وامى يحملان تورتة جميلة وبها شمعة واحدة وهم يغنون : عيد ميلاد سعيد
ياتوتة ، عيد ميلاد سعيد .
وقلنا كلنا فى نفس واحد : عيد ميلاد سعيد
ايتها العمة الكبيرة .
ونفخنا فى نفس واحد واطفأنا الشمعة جميعا ،
واكلنا من التورتة مع العمة الحبيبة .