الثلاثاء، 25 يونيو 2013

قصة الصوت المتشابه

أخذ نفس الصوت والشكل !

كنت ومازلت أحاول أن أفهم ما بعد الحداثة .
والكلمات الكثيرة والمصطلحات أصبحت تؤرقنى ، وبوادر الشطط تحل على ذهنى فى بعض الأحيان .

وقف قبالتى فى النافذة وكان المشهد كا الأتى ، أخذ ينادى على أخيهالصغير وعلى أبنه وبنته بصوت مرتفع ، وبين النداء والنداء يقوم ببعض النحنحات الخفيفة ، ويتحرك يمنه ويسره فى النافذة باحثا عن الصغار .
نفس المشهد والحركة والوقفة والصوت الرخيم المرتع .
كان يفعلها أباه بعدما يستيقظ من النوم فى العاشرة تماما ، يقف فى النافذة وينادى على أبنه ليأتى له بباكو المعسل من البقال ، ثم يتنحنح بعض النحنحات الخفيفة ويبدأ فى الصباح على الجيران فى الشارع . 
أنا أعرف جيدا أنه كان أعمى ، ولكنه كان يعرف الجميع ويميزهم من خلال أصواتهم ، وكان ضخم الجثة ، لهذا كان يتحرك يمنه ويسره وهو واقفا فى النافذة كأنه يتحرك ليريح قدم ويقف على القدم الأخرى .
وهكذا ..
ماذا فى هذا المشهد لفت نظرى ، بداية أنه الصوت .
بعد وفاة الأب بعدة أيام وقف أبنه الأكبر فى نفس النافذة صباحا وأخذ ينادى على أبنه ليأتى له بعلبة سجائر كليوباترا .
هل يوجد غرابة فى شىء ؟
نعم .
إنه الصوت الرخيم الجهورى المشابه لصوت الأب والذى لأول مرة أنتبه له ، أنه بنفس النبرة ، وكأن الأب هو الذى ينادى .
لحظتها تنبهت جيدا ، وأغلقت الكتاب الذى كان فى يدى ، وكنت أقرأه بتمعن أنه كتاب ( البديل الثالث ) للكاتب الأمريكى أر أتش كوفى والذى قرأت له من قبل كتاب ( العادات السبع للناس الأكثر فاعلية ) وأعجيت به كثيرا ووضعت خطوطا كثيرة أسفل الجمل التى وجدت فيها نفسى ، حتى عندما أعطيته لأبنتى الصغرى وقرأته كانت تندهش وتنادينى : أنت أهه ياماما !
كوفى يكتب عنك .
فأضحك من بعيد وأناديها بأفتخار وأعتزاز بالذات  : عشان تعرفى أنا مشهورة يابنتى .
بالطبع هو لم يكتب عنى أنا صفاء عبد المنعم الكاتبة والمتعينة فى الوجود الأنى  ولا يعرفنى .
ولكن أبنتى وجدتنى أتشابه مع المقولات والفاعليات التى يكتب عنها ، أنها أكتشفت وجودى الغائب عنه هو والحاضر بالنسبة لها بين دفتى الكتاب الفكرى والثقافى والأبداعى وقبضت علىّ .
بالضبط مثلما حدث معى اليوم عندما سمعت الصوت المتشابة قبضت على الأب والأبن فى نفس اللحظة ، وربما كنت أسمعهما كثيرا يناديان ويتحركان ويطلان من نفس النافذة عادى .
ولكن القبض فى لحظة  الأكتشاف الوجودى الغائب ، بمعنى أبنتى أكتشفت وجودى الغائب بالنسبة للكاتب وكذلك أنا أكتشفت وجود الأب الغائب فى الأبن الحاضر فى الصوت .
وهكذا ...
تتوالى الأكتشافات فى لحظة هنا والآن ، ندرك الشىء عندما نقبض عليه فى لحظة وجوده المتمثل فى الوجود الفعلى عند الآخر الشبيه .

قصة فأل سئ

  فأل سئ لا أعرف بالضبط ماذا حدث لي؟ منذ ليلة أمس وأنا تنتابني حالة من العراك والغضب الزائد، لقد ألغيت لقاءً كان مهما بالنسبة لي في العم...

المتابعون