الكتابة بين عالمين
دراسة عن رواية كعب وعروسة وحصان للكاتبة إبتهال سالم
ندوة ورشة الزيتون يوم الأثنين
قراءة صفاء عبد المنعم
-------------------------------------------------------------------------
رواية كعب وعروسة وحصان صادرة عن دار إيزيس للنشر عام 2010
يصعب دائما تقدير المسافة الفاصلة بين عالمين , أحيانا متداخلين أو مندمجين , واحيانا أخرى منفصلين تماما عن بعضهما فى الزمان والمكان والنمط الثقافى المنتج لهما مثلما حدث فى رواية ( السماء لا تمطر أحبه ) لنفس الكااتبة .
نحن بصدد هذا التلاحم والتباعد والتشابك فى عالم الرواية .
والكاتبة إبتهال سالم منذ عدة أعمال سابقة اصبحت جديرة على المزج بين العالم الواقعى الثقافى الورقى المعاش وبين العالم الغيبى والشعبى بكل غرائبه وتناقضاته وتاريخه الممتد عبر ازمان سحيقة .
واستحضار الثقافة المصرية والتى داخلنا بشكل لاواعى لأنها النهر تحت النهر , بمعنى أن نهر النيل يجرى من الجنوب إلى الشمال حاملا الخير إلى مصر وأهل مصر , ويمتد أسفله وبنفس العمق التاريخى النهر الثقافى الشعبى والذى يجرى فى عروق المصريين ز
فهذا التاريخ الثقافى المصرى هو مثل النجوم التى يهتدى بها فى الليل المسافر و وتتلألأفى سماء حياتنا مهما تعالينا عليها .
فالثقافة الشعبية تعيش بداخلنا وتخرج وقتما يحلو لها وتتعارك , وتتجادل مع ثقافتنا الورقية ( التعليمية والقرائية ) .
فما ورثناه عن الأجداد يطل برأسه ويحيا بكل طقوسه وخرفاته مهما تعالينا عليه أو تم نفيه , فهو يخرج على هيئة حنين أو سخرية أو ممارسة للعادات والتقاليد .
وعنوان العمل يشى ويتحدث تارة بعقلانية وتراة أخرى بخوف من توغل هذا العالم الطقسى فى الروح ( كعب وعروسة وحصان )
المثقف الشعبى " يعرف جيدا معنى هذه الرموز ويجيد حل شفراتها ويعيد تركيب وترتيب هذا العالم فى مخيلته الثقافية سواء من خلال المعايشة أو من خلال الدراسة .
كعب / هو مايرمز إلى منطقة نهاية ألتقاء الساق بالقدم .
العروسة / هى عروسة الرقوة , أو عروسة المولد , أو عروسة القمح , أو عروسة النيل , أو العروسة اللعبة التى كانت تصنع قديما من القماش , أو العروس التى تزف إلى زوجها .
الحصان / هو الحصان الرمز فى كل القصص والسير الشعبية , وهو الحصان الحلاوة فى المولد النبوى , اأو حصان الشاطر حسن الأبيض الذى يخطف ست الحسن والجمال ويطير بها .
هذا على المستوى الثقافى الشعبى .
أما على المستوى الثقافى التعليمى فالرمز يختلف لأتساع الأفق الدلالى من ثقافات الشعوب المختلفة .
فالكعب / فى الأسطورة اليونانية ( الألياذة ) هو كعب أخيل وهو نقطة الضعف لأنه لم يعمد فى ماء النهر المقدس .
والعروسة / هى المرأة فى مرحلة الشباب والإعداد للزواج .
والحصان / هو حصان عنترة العبسى وأبو زيد الهلالى وصلاح الدين الأيوبى وامرؤ القيس ..الخ
ومن خلال هذا التزاوج بين الثقافتين ( الشعبية والورقية ) تبنى الرواية منذ السطر الأول لها فى حالة دائمة من النقاش وربما الفوضى والتجاوز الثقافى والتاريخى على نفس الصفحة .
ومنذ صورة الغلاف هو عنوان واضح وصريح لهذا التجاوز الثقافى , حصان مجنح , عروسة ورقية تشبه رسوم الأطفال عليها بعض الكتابات من النص ولكن كأنها كتابات تعويذية .
فى نهاية الصفحة فانوس علاء الدين السحرى يخرج منه دخان أسود و وكانه هذه الأشياء السابقة خرجت من ناره , وإبرة فى طرفها يتدلى خيط رفيع وكأنها تخيط الماضى بالمستقبل .
هذه الصور المتجاورة والمختلفة ثقافيا ى محور العمل الأدبى بشكل واضح وصريح , وتشى بان الأشياء ترقد فى مأمن داخل الذاكرة .
وأنا لا لأعيب على وجود ( الرمز الفانوس ) لأنه ليس من لحمة الصور الشعبية و ولكنه من لحمة الذاكرة المتراصة والمتداخلة .
نقرأ عل ظهر الغلاف بعض كلمات هى مفاتيح للنص ( الساعة - الوحدة ..)
وسؤال جوهرى
آه ياخالتى أوتدرين مافعلت عروستك بى ؟
السؤال هو بداية الشرارة الأولى لم فعلته الخالة وعروستها المحترقة بكعب البطلة .
الكتابة بين التفرد والوحدة .
يعانى المبدع من سطوة الوحدة والإحساس العالى بالذاتية , وقوة القهر الداخلى والخارجى , خاصة إذا كان لا ينتمى غلى مؤسسة ثقافية أو حزبية ظاو عمل جماعى , فيتضخم عنده الإحساس بالذات وتزداد السلطة الداخلية بين حالة شد وجذب دائم مع السلطة الخارجية .
والسلطة الداخلية متمثلة فى آليات الكبت والزمن والخوف والروب والتحوط وى فى مجملها آليات نفسية جوانية .
والسلطات الخارجية متمثلة فى الموروث الثقافى والمقدس والمدنس والقهر والظلم الإجتماعى والأنا العليا .
وهذه الآليات تسيطر على الروح وتيمن على السلوك ويهيمن التابو ويسيطر .
فتصبح الكتابة ضربا من مقاومة السلطة الداخلية وتحررا من القمع .
وذلك نلاحظ فى المقطع الأتى ( الآن .. يلامس ظهرى الحائط ..
الليلة .. يدهمنى الأرق بلا رحمة , فأسجل فى أوراق صغيرة اسماء متفرقة وبعود ثقاب زيل , أشعل النار فيها وأظل أرقبها وأنتظر .
والسؤال الفارق هنا هو محمور الأرتكاز بين السلطة الخارجية والداخلية :
ترى .. أكنت أقتص من عروسة خالتى البائسة ؟
الكاتبة تضع السؤال لكى نجيب عليه , أو ننتظر الإجابة , ويكون أول ذكر للعروسة التى سوف تكون على طوال العمل متأرجحة بين الذات / الأنا / الكاتبة / وبين الخالة / الموروث / المجتمع .
والإجابة :
" أو كنت أقتص من نفسى التى أصابها الرماد وكبا حصانها , فلم تعد تملك الإ بقايا ذكريات ؟؟
ونلتقى مع رحلة البحث عن الوجود المتصالح مع الذات الآخرين خالتى والعروسة .
:" هكذا استسلمت بعد معافرة لرغبة خالتى " الخالة هنا هى ( السلطة الخارجية بكل قوتها وجبروتها وما تحمله من تراث ثقافى شفاهى توارثته عن الجماعة الشعبية وتؤمن به وتمارس سلطاتها الخارجية من خلاله لدرجة الأيمان به ورغبة فى تحققه .
" رفعت أمى ساقى , بينما أمسكت خالتى بإحدى يديها عروسة مقصوصة برداءة وباليد الأخرى إبرة طويلة صدئة تثقب بها العروسة عدة ثقوب ..( من عين فلان , ومن عين فلانه .. ومن عين اللى شاف ولا صلى على النبى ) هذا الطقس ( حرق العروسة وغرث سن الإبرة فى الورقة وذكر اسماء الحساد وخرق أعينهم , هو طقس الرقوة المشهور , وهو جزء من الموروث الشعبى فى المعتقدات لطرد الأرواح الشريرة التى تلبست الشخصية ( البنت ) وتقوم الخالة بمساعدة الأم بعمل هذا الطقس بهمة ونشاط وإيمان , ويتعارض هذا تماما مع ثقافة الأب والبنت المتعليمين .
ولكن الرماد سكن روح الطفلة الصغيرة , فظل يطاردها دائما عن طريق العروسة المحترقة والتى تمثل أحيانا فى هى / الذات / الكاتبة .
" أغابت تلك النار عنى ؟
أم استوطنت قلبى , لتظل تشاطرنى روحى وتستلبنى غظلى حد الجنون )
أصبح بعد الحرق لدينا أنشطار فى الذات داخليا / وخارجيا , وسلطتين تمارسان الكبت الداخلى , والعنف الخارجى , وتضغطان على الشخصية .
" وأجدنى محاصرة بين ساقى المعلقة .. وتلك العروسة الورقية البائسة المتأرجحة فى يد خالتى "
ستظل هذه الصورة الذهنية تطارد البطلة فى مرات عديدة وتحاول بقدر الإمكان السيطرة على الروح الهاربة من فتحة الساق المعلقة .
النار تطهر الروح , مثلما تطهر الجسد أثر الكى أو الحرق بعد الموت فى بعض الثقافات .
نشاذ العلاقة بين الثقافة الشعبية والورقية فى الذات المبدعة , نلاحظ أن المقطع ص14 متسق مع المفهوم الشعبى للأم والخالة والذى تتمرد عليه الطفلة .
ومقطع ( حكاية كعب أخيل ) من الوعى الثقافى الورقى القرائى للكاتبة يأتى مثل النتوء فى الجسد ( تجاور الثقافتين من الوعى الحاضر و ثم تعود للثقافة الشعبية فى لعبة ( ياعم ياجمال ) لأنه هو الطاغى والأقوى فى الوعى الطفولى .
المهمش الأيجابى والمهمش السلبى فى فصل ( حصان يخصنى وحدى ) صـ29
كانت دائما تسأل , كيف تصنع لنفسها مساحة من الوجود المتصالح مع الذات والآخريين .
وتريد أن تصنع مساحة للوجود والمتعة والحلم فى قلب ذه الحياة الهامشية التى تحياها دون قصد .
المهمش الأيجابى
هو المجدد الفائق صانع المستقبل , المتخطى للحاضر , المشرق والرؤيوى .
المهمش السلبى
هو الضعيف العاجز المزاح بعيدا عن أفق النظر و المحروم , المكبوت , وقد يكون المجرم الخاطىء .
الأيجابى دائما يرنو إلى الخير والعدل والحرية .
والمهمش داخل البيئة أو الأسرة فهو السلبى .
والأديب بوصفه مهمش فهو متكلم يبوح بهاميشيته بخطاب ذاتى ( يلأتينى الشاطر حسن فى أحلامى , يداعبنى , يبهجنى بنشر الزهور حولى كلما خطوت , فتتورد أيامى , هكذا كنت وكان حالى ..)
للهروب من الخارج الضاغط غلى الداخل الحانى فى حالة حلم رومانسى بالشاطر حسن الذى سوف يخطفها ويخلصا من الضغط
دراسة عن رواية كعب وعروسة وحصان للكاتبة إبتهال سالم
ندوة ورشة الزيتون يوم الأثنين
قراءة صفاء عبد المنعم
-------------------------------------------------------------------------
رواية كعب وعروسة وحصان صادرة عن دار إيزيس للنشر عام 2010
يصعب دائما تقدير المسافة الفاصلة بين عالمين , أحيانا متداخلين أو مندمجين , واحيانا أخرى منفصلين تماما عن بعضهما فى الزمان والمكان والنمط الثقافى المنتج لهما مثلما حدث فى رواية ( السماء لا تمطر أحبه ) لنفس الكااتبة .
نحن بصدد هذا التلاحم والتباعد والتشابك فى عالم الرواية .
والكاتبة إبتهال سالم منذ عدة أعمال سابقة اصبحت جديرة على المزج بين العالم الواقعى الثقافى الورقى المعاش وبين العالم الغيبى والشعبى بكل غرائبه وتناقضاته وتاريخه الممتد عبر ازمان سحيقة .
واستحضار الثقافة المصرية والتى داخلنا بشكل لاواعى لأنها النهر تحت النهر , بمعنى أن نهر النيل يجرى من الجنوب إلى الشمال حاملا الخير إلى مصر وأهل مصر , ويمتد أسفله وبنفس العمق التاريخى النهر الثقافى الشعبى والذى يجرى فى عروق المصريين ز
فهذا التاريخ الثقافى المصرى هو مثل النجوم التى يهتدى بها فى الليل المسافر و وتتلألأفى سماء حياتنا مهما تعالينا عليها .
فالثقافة الشعبية تعيش بداخلنا وتخرج وقتما يحلو لها وتتعارك , وتتجادل مع ثقافتنا الورقية ( التعليمية والقرائية ) .
فما ورثناه عن الأجداد يطل برأسه ويحيا بكل طقوسه وخرفاته مهما تعالينا عليه أو تم نفيه , فهو يخرج على هيئة حنين أو سخرية أو ممارسة للعادات والتقاليد .
وعنوان العمل يشى ويتحدث تارة بعقلانية وتراة أخرى بخوف من توغل هذا العالم الطقسى فى الروح ( كعب وعروسة وحصان )
المثقف الشعبى " يعرف جيدا معنى هذه الرموز ويجيد حل شفراتها ويعيد تركيب وترتيب هذا العالم فى مخيلته الثقافية سواء من خلال المعايشة أو من خلال الدراسة .
كعب / هو مايرمز إلى منطقة نهاية ألتقاء الساق بالقدم .
العروسة / هى عروسة الرقوة , أو عروسة المولد , أو عروسة القمح , أو عروسة النيل , أو العروسة اللعبة التى كانت تصنع قديما من القماش , أو العروس التى تزف إلى زوجها .
الحصان / هو الحصان الرمز فى كل القصص والسير الشعبية , وهو الحصان الحلاوة فى المولد النبوى , اأو حصان الشاطر حسن الأبيض الذى يخطف ست الحسن والجمال ويطير بها .
هذا على المستوى الثقافى الشعبى .
أما على المستوى الثقافى التعليمى فالرمز يختلف لأتساع الأفق الدلالى من ثقافات الشعوب المختلفة .
فالكعب / فى الأسطورة اليونانية ( الألياذة ) هو كعب أخيل وهو نقطة الضعف لأنه لم يعمد فى ماء النهر المقدس .
والعروسة / هى المرأة فى مرحلة الشباب والإعداد للزواج .
والحصان / هو حصان عنترة العبسى وأبو زيد الهلالى وصلاح الدين الأيوبى وامرؤ القيس ..الخ
ومن خلال هذا التزاوج بين الثقافتين ( الشعبية والورقية ) تبنى الرواية منذ السطر الأول لها فى حالة دائمة من النقاش وربما الفوضى والتجاوز الثقافى والتاريخى على نفس الصفحة .
ومنذ صورة الغلاف هو عنوان واضح وصريح لهذا التجاوز الثقافى , حصان مجنح , عروسة ورقية تشبه رسوم الأطفال عليها بعض الكتابات من النص ولكن كأنها كتابات تعويذية .
فى نهاية الصفحة فانوس علاء الدين السحرى يخرج منه دخان أسود و وكانه هذه الأشياء السابقة خرجت من ناره , وإبرة فى طرفها يتدلى خيط رفيع وكأنها تخيط الماضى بالمستقبل .
هذه الصور المتجاورة والمختلفة ثقافيا ى محور العمل الأدبى بشكل واضح وصريح , وتشى بان الأشياء ترقد فى مأمن داخل الذاكرة .
وأنا لا لأعيب على وجود ( الرمز الفانوس ) لأنه ليس من لحمة الصور الشعبية و ولكنه من لحمة الذاكرة المتراصة والمتداخلة .
نقرأ عل ظهر الغلاف بعض كلمات هى مفاتيح للنص ( الساعة - الوحدة ..)
وسؤال جوهرى
آه ياخالتى أوتدرين مافعلت عروستك بى ؟
السؤال هو بداية الشرارة الأولى لم فعلته الخالة وعروستها المحترقة بكعب البطلة .
الكتابة بين التفرد والوحدة .
يعانى المبدع من سطوة الوحدة والإحساس العالى بالذاتية , وقوة القهر الداخلى والخارجى , خاصة إذا كان لا ينتمى غلى مؤسسة ثقافية أو حزبية ظاو عمل جماعى , فيتضخم عنده الإحساس بالذات وتزداد السلطة الداخلية بين حالة شد وجذب دائم مع السلطة الخارجية .
والسلطة الداخلية متمثلة فى آليات الكبت والزمن والخوف والروب والتحوط وى فى مجملها آليات نفسية جوانية .
والسلطات الخارجية متمثلة فى الموروث الثقافى والمقدس والمدنس والقهر والظلم الإجتماعى والأنا العليا .
وهذه الآليات تسيطر على الروح وتيمن على السلوك ويهيمن التابو ويسيطر .
فتصبح الكتابة ضربا من مقاومة السلطة الداخلية وتحررا من القمع .
وذلك نلاحظ فى المقطع الأتى ( الآن .. يلامس ظهرى الحائط ..
الليلة .. يدهمنى الأرق بلا رحمة , فأسجل فى أوراق صغيرة اسماء متفرقة وبعود ثقاب زيل , أشعل النار فيها وأظل أرقبها وأنتظر .
والسؤال الفارق هنا هو محمور الأرتكاز بين السلطة الخارجية والداخلية :
ترى .. أكنت أقتص من عروسة خالتى البائسة ؟
الكاتبة تضع السؤال لكى نجيب عليه , أو ننتظر الإجابة , ويكون أول ذكر للعروسة التى سوف تكون على طوال العمل متأرجحة بين الذات / الأنا / الكاتبة / وبين الخالة / الموروث / المجتمع .
والإجابة :
" أو كنت أقتص من نفسى التى أصابها الرماد وكبا حصانها , فلم تعد تملك الإ بقايا ذكريات ؟؟
ونلتقى مع رحلة البحث عن الوجود المتصالح مع الذات الآخرين خالتى والعروسة .
:" هكذا استسلمت بعد معافرة لرغبة خالتى " الخالة هنا هى ( السلطة الخارجية بكل قوتها وجبروتها وما تحمله من تراث ثقافى شفاهى توارثته عن الجماعة الشعبية وتؤمن به وتمارس سلطاتها الخارجية من خلاله لدرجة الأيمان به ورغبة فى تحققه .
" رفعت أمى ساقى , بينما أمسكت خالتى بإحدى يديها عروسة مقصوصة برداءة وباليد الأخرى إبرة طويلة صدئة تثقب بها العروسة عدة ثقوب ..( من عين فلان , ومن عين فلانه .. ومن عين اللى شاف ولا صلى على النبى ) هذا الطقس ( حرق العروسة وغرث سن الإبرة فى الورقة وذكر اسماء الحساد وخرق أعينهم , هو طقس الرقوة المشهور , وهو جزء من الموروث الشعبى فى المعتقدات لطرد الأرواح الشريرة التى تلبست الشخصية ( البنت ) وتقوم الخالة بمساعدة الأم بعمل هذا الطقس بهمة ونشاط وإيمان , ويتعارض هذا تماما مع ثقافة الأب والبنت المتعليمين .
ولكن الرماد سكن روح الطفلة الصغيرة , فظل يطاردها دائما عن طريق العروسة المحترقة والتى تمثل أحيانا فى هى / الذات / الكاتبة .
" أغابت تلك النار عنى ؟
أم استوطنت قلبى , لتظل تشاطرنى روحى وتستلبنى غظلى حد الجنون )
أصبح بعد الحرق لدينا أنشطار فى الذات داخليا / وخارجيا , وسلطتين تمارسان الكبت الداخلى , والعنف الخارجى , وتضغطان على الشخصية .
" وأجدنى محاصرة بين ساقى المعلقة .. وتلك العروسة الورقية البائسة المتأرجحة فى يد خالتى "
ستظل هذه الصورة الذهنية تطارد البطلة فى مرات عديدة وتحاول بقدر الإمكان السيطرة على الروح الهاربة من فتحة الساق المعلقة .
النار تطهر الروح , مثلما تطهر الجسد أثر الكى أو الحرق بعد الموت فى بعض الثقافات .
نشاذ العلاقة بين الثقافة الشعبية والورقية فى الذات المبدعة , نلاحظ أن المقطع ص14 متسق مع المفهوم الشعبى للأم والخالة والذى تتمرد عليه الطفلة .
ومقطع ( حكاية كعب أخيل ) من الوعى الثقافى الورقى القرائى للكاتبة يأتى مثل النتوء فى الجسد ( تجاور الثقافتين من الوعى الحاضر و ثم تعود للثقافة الشعبية فى لعبة ( ياعم ياجمال ) لأنه هو الطاغى والأقوى فى الوعى الطفولى .
المهمش الأيجابى والمهمش السلبى فى فصل ( حصان يخصنى وحدى ) صـ29
كانت دائما تسأل , كيف تصنع لنفسها مساحة من الوجود المتصالح مع الذات والآخريين .
وتريد أن تصنع مساحة للوجود والمتعة والحلم فى قلب ذه الحياة الهامشية التى تحياها دون قصد .
المهمش الأيجابى
هو المجدد الفائق صانع المستقبل , المتخطى للحاضر , المشرق والرؤيوى .
المهمش السلبى
هو الضعيف العاجز المزاح بعيدا عن أفق النظر و المحروم , المكبوت , وقد يكون المجرم الخاطىء .
الأيجابى دائما يرنو إلى الخير والعدل والحرية .
والمهمش داخل البيئة أو الأسرة فهو السلبى .
والأديب بوصفه مهمش فهو متكلم يبوح بهاميشيته بخطاب ذاتى ( يلأتينى الشاطر حسن فى أحلامى , يداعبنى , يبهجنى بنشر الزهور حولى كلما خطوت , فتتورد أيامى , هكذا كنت وكان حالى ..)
للهروب من الخارج الضاغط غلى الداخل الحانى فى حالة حلم رومانسى بالشاطر حسن الذى سوف يخطفها ويخلصا من الضغط