السبت، 8 سبتمبر 2012

أخيرا يوجد مطر

فى نهاية اليوم .
ستجلس امرأة وحيدة فى شرفة حجرتها , تحيك قميصا مبتلا , وتنزل ستائر الدنتيلا .
ستجلس تحيك قميصا مبتلا وتنزل ستائر الدنتيلا دون أن تبتهج , دون أن تنظر الى الشرفات , دون أن تدمع عيناها .
فقط تجلس تخيط قميصا .

عمودان من النور ينزلقان فوق رأسها .
تفتح عينيها فى هدوء ونعومة , تنظر الى السماء , ترى سحبا قد تجمعت .
تغلق عينيها قليلا , وتسبح مع الأحلام , مع المطر .

تنزلق من الشرفة الى الشارع , تزيح المارين أمامها .
ينزلق شعرها الأبيض منسابا , ناعما , هادئا , مبتلا .
تنزلق الأيام على تنورتها .
 فتسير عبر الطرقات , بلا تنورة , بلا حذاء , بلا أيام , بلا قميص تحيكه .

فقط تسير مع المطر .
بشعيرات بيضاء , هائمة مثل مراهقة فى الثالثة عشرة , ثهوى صيد الحكايات , وتبحث عب فتحات النوافذ والمداخل عن نظرة ناعسة تغزوها .
فتفر هاربة , منبطحة على وجهها .
يخرج المطر رائحتها ,
يخرج المطر قلبها ,
يخرج المطر ردفيها المتأرجحين فى نشوة ,
يخرج المطر ثدييها النابتين تحت القميص البفتة الأبيض ,
يخرج المطر حنينها الى طفولة بعيدة ... بعيدة .

اذا رأيت هذه المرأة العجوز / المراهقة / الطفلة .
لا تقف أمامها .
لا تسد الطريق عليها .
لا تنشر رائحتك حولها ,
لا تحاول أن تحتويها بين ذراعيك .
فقط أتركها تمر .
تمرق من أمامك .
أتركها تنشر أعضائها المبتلة عبر الشوارع والميادين .
أتركها تتخلص من أسرها ,
من قلبها ,
من نشوتها ,
من تاريخ أصابعها ,
أتركها تمرق ولا تتبعها ,
أتركها تمر من أمام الباب مبعثرة الشعر ,
تنظر الى المدخل المظلم ,
تتخيل  حبيبا يقف على مبعدة . يمد ذراعيه لأحتواءها , تحت السلم .
فتفر من أمامه هاربة .
ربما يطول قبلة أو يتركها .
ربما يجعلها تمر فرحة بأنفلاتها .
ربما يجعلها منساقة الى المجهول .
ربما لا يكون هناك حبيبا .
فقط تمر منتشية .
فاردة ذراعيها ,
فاقدة تنورتها ,
ناشرة خصلات شعرها ,
فاردة أصابعها نحو المطر .

هذه المرأة / المراهقة / الطفلة , التى تحتوى العالم , ولا تبال بك .
هى أبنة هذا العمر ,
هى أبنة الثالثة عشرة ,
هى التى تستدعى طفلة فى عينيها ,
تنشر أصابعها للمطر مبتهجة ,
تسير على سجيتها و
تحمل أنقاض العمر ,
تحمل رائحة الماضى ,
فتتخلص منه على الأسفلت ؟

المطر يغسل ملابسها ,
المطر يغسل العمر ,
المطر يمنحها قوة ,
المطر بقلبه الكبير أعطاها نشوة مفرطة , وثلاثة عشرة عاما .
أنه المطر .

فهل أنت جاهز لأستقبالها ؟
بقلب مغسول , ويدين بضتين ؟
أم تتربص فى المدخل المظلم , تحت السلم , كى ....
تنعم بقبلة حارة من شفتيها الحمراوين , المغسولتين من المطر .

أنت لك قلب رجل !
وهى لها قلب مراهقة .
أنت لك عقل رجل !
وهى لها عقل طفلة .
أنت  تنتظر أن تأتى !
وهى تسير لا مبالية .
أنت بعيدا عن المطر !
وهى قريبة منه .

المطر ينزل بغزارة .
المطر يغسل وجهها .
المطر أعطاها قلب عاشقة .
وأنت أعطاك الأنتظار .

                                                    *********************

                                                                                               يونيه 2000

قصة فأل سئ

  فأل سئ لا أعرف بالضبط ماذا حدث لي؟ منذ ليلة أمس وأنا تنتابني حالة من العراك والغضب الزائد، لقد ألغيت لقاءً كان مهما بالنسبة لي في العم...

المتابعون