الأربعاء، 8 أغسطس 2012

اسمه النهر ( قصة قصيرة أغسطس 1986 )

                                                -1-

تركت شهرعا الفاحم مسترسلا خلف ظهرها يرفرف فى الهواء .
ونطت داخل العربة , قالت : صباح الخير .
جلست , وتبعتها الخريات , سلمن باطراف أصابعهن دون حرارة .
ألصقت ظهرها للمقعد .
أنطلقت العربة .
طوال الطريق كانت تنظر الى الناس بعينين شاخصتين , تجحظ أحيانا عندما ترى عربة بها رجال تسير خلفهم .
قالت : رغم أننى أتيت هنا كثيرا , لم أشعر بسعادة مثل هذا اليوم !
الأخريات يتحدثن , يثرثرن . وهى تنظر حولها فى استمتاع , وتتلفت عندما ترى رجلا وتواصل : أتيت الى هنا كثيرا, رغم هذا لم أشعر بسعادة .

عند القناطر الخيرية . توقفت العربة . نزل بعضهن . جلست ترقب الولد حين جاء ينظف العربة , قال لها : صباح الخير ياست .
مدت يدها أعطته نقودا . نظر قائلا : بريزة .
مدت الجالسة أمامها يدها وأعطته ( ريال ) ألتقطه فى سرعة . نظرت له فى حده . ابتسم وتركها .

                                         - 2-
عندما جلست على شاطىء البحر . كان يرسم ضحكة كبيرة ووجهها ذو التجاعيد الرفيعة قد تورد تماما .
الى جوارها جاء بعض الصبية , يمسكون السنانير . أخذت من كبيرهم السنارة وقالت : تسمح .
تحررت من الحذاء , وأرست قدميها فى الماء . الماء يأتى اليهما , يداعبهما , تبتسم .
يضع الموج قبلة ويرحل معه دقات قلبها , وهى تشيعه فى صمت .
قالت داخلها : ربما يأتى يوما و ويتذكر قبلاته فيأخذنى معه .
السنارة على سطح الماء تطفو فى هوادة , تغمز , تهتز يدها , تصيح : السنارة غمزت . ترفعها , تحملق : ياخسارة , السمك أكل الطعم , تنادى على الولد : يا .. بس  بس .
تسمح , حط لى طعم .
ياسلام المياة جميلة .
لو أعرف أنه يوجد بحر , كنت أحضرت مايوه .
يبتسم : انزلى كدا .
أنا .
لا ..لا
الجلوس على الشاطىء افضل .
شكرا يا.. اسمك ايه .
- ياسين . اسمى ياسين .
يغطس فى الماء , تظهر تموجات و ثم تختفى .
تناديه : يا ... ياسين , أنا .. أنا بهية .

                                              -3-
كانوا فى المندرة البحرية , يتسامرون , ويتحدثون عن اليام الفائته , والنهر الذى يرغب فى الزواج و وأخذ ياسين معه .
سقط كوب الشاى من يدها , قالت : خير .
ردت الجدة : النهر ( بيتوحم ) عايز عروسة .
أجاب البن الكبر : النهر حزين , منذ هجره الطمى والسمك , واعطاها كوبا آخر من الشاى .

                                   -4-
مازال الشاطىء , تحت قدميها ممتدا , وهى تضحك .
- الله الماة جميلة .
تأتى طفلة من خلفها : الغدا جاهز .
- شوفى أصتدت سمكه .
- شاطره , الغدا جاهز .
- لالالا المياة جميلة . والسمك شكله حلو , لو كنت أعرف أن البحر جميل !
- ده اسمه النهر . مش بحر .
- بصى السنارة غمزت , غمزت . أيدك قربى , شدى , شدى معايا , ياه .. ياه ..
الحقونى .

                                 *************
                                                             أغسطس 1986

فصل من رواية عطية الشمس

  (عطية الشمس)  رواية صفاء عبد المنعم -----------------------   إهداء إلى/ أبطال رواية من حلاوة الروح --------------------------...

المتابعون