الخميس، 26 أبريل 2012

النقاد ال"نص كم" يتربصون بابداع المراة .( حوار ماهر حسن )

- اخترت التعبير عن المهمشين فى أعمالى وبخاصة رواية " من حلاوة الروح " .
- أنا ضد الكتابة النسوية , لكن الديبات أكثر وعيا فى الكتابة عن تجارب المرأة .
أجرى الحوار ماهر حسن .
مجموعة من التجارب الروائية التى كتبت بالعامية سبقت رواية صفاء عبد المنعم  " من حلاوة الروح "أذكر منها " قنطرة الذى كفر " لمصطفى مشرفه , ومذكرات طالب بعثه لويس عوض , غير أن عمل صفاء جاء محملا بكل الأختلاف عما سبقه من محاولات ولذا فلقد كان هذا العمل مثار انتباه واهتمام لتمتع شخصيات العمل بمساحات متعادلة عبر حضور مونولوجى ثرى ودوران الأحداث هذه الرواية فى حقبة تاريخية مهمة من تاريخ مصر , وهى السنوات التى سبقت وفاة جمال عبد الناصر .
هذا فضلا عن الطبقة الشعبية العشوائية فى نمط حياتها التى عبرت عن همومها مجريات الرواية ولجأت لقاموسها العامى الخاص .. وأنماط حياتها وهمومها وتطلعاتها البسيطة .
وقد سبقت هذه الرواية لصفاء أربع مجموعات قصصية هى ( حكايات الليل , تلك القاهرة تغرينى بسيقانها العارية , أشياء صغيرة واليفة , بنات فى بنات ) .

* بدت لى أعمالك وبخاصة عملك الأخير كأنها تفيض بروح شعبية وتعج بما يمكن تسميته بالقاموس الشعبى فما مرد ذلك لديك ؟

** بعيدا عن نمط اجابات النجوم كانت جدتى هى الرافد الأول لهذا المذاق الشعبى فكانت حكاياتها وطرائق الحكى لديها .. بل وتجسيد لبعض الشخصيات فى حكاياتها كل هذا كان يبهرنى لدرجة أن بعض هذه الشخصيات كانت تقتحم علىّ احلامى وكأن ما كانت تقوله جدتى أشبه بتدريبات غنيه خصبت خيالى ووسعت أفقه , هذا فضلا عن أن الجماعات الشعبية بما تتميز به من سياق أخلاقى وقيمى كنت أتأملها .. واحللها فوجدتها حاملة لسر الخبرات التى تتناقل عبر الأجيال , كما تاملت ما للحكاية الشعبية من جماليات وتقنيات لم يلتفت اليها الى الان خاصة فى أطار النص الأبداعى , وباعتبار أنها أدب شفاهى , فهى تحمل جماليات الأدب الشفاهى .

* هل يمكن القول أن نتاج هذه التأملات انعكس بشكل واضح على روايتك " من حلاوة الروح " وعلى اسلوبيا وهل هذا بالتبعية يفسر الحتفاء الواسع بالرواية ؟

** اتصور ذلك بالفعل لأننى حققت الأستفادة العظم من هذه الجوانب الغنية للحكى الشعبى .. بعد تامل دقيق وطويل أضف الى ذلك أنه من اسباب الحتفاء أن الرواية استخدمت اللغة العامية حوارا وسردا عبر حكى شاعرى الطابع وحيل فى بعض من مواضع الرواية الى ما يشبه قصيدة النثر العامية واتصور ان من بين اسباب الحتفاء أيضا هو احتشادها بجملة من المونولوجات الخاصة بالشخوص مع انفتاح الفق أمامهم للبوح عن تجاربهم وهمومهم النسانية المشتبكة مع الحياة وكأنها تتم على نحو غير مدبر من الكاتب بمعنى أنه لم يكن هناك ضمير راو واحد وأنما مجموعة رواة يتحدثون عن حيواتهم دون تدخل من الكاتب ومع نفى فكرة البطل المحورى الواحد الذى تدور حوله الرواية لتصبح باقى الشخوص مجرد جوقة تخدم عليه و فجميع الشخوص أبطال .

* فلنتحدث عن الزمان والمكان فقد اخترت فترة تاريخية بعينها اما المكان محددا بتجمع شعبى وعشوائى فما مبررات اللجوء لهذا المكان وهذا الزمان دون غيرهما ؟

** ماقصدته بخصوص الزمان هو الأمساك بفترة تاريخية مهمة لم يكتب عنها من وجهة نظر المهمشين أعنى الجماعة الشعبية تحديدا . اما المكان فقد حرصت من خلال اختيارى له التعبير عن المهمشين دون مغالاة أو أسقاط أو التعسف فى الرتقاء بهم وتجميلهم مما تنافى مع الهدف الروائى العام . ولذلك كتبت الرواية بلغتهم وارائهم وعبر وؤيتهم .

* تبدو المرأة حاضرة وبقوة فى اعمالك وتبدو همومها هى المتصورة للمشهد فى العمل الروائى وهل يؤكد ذلك على مفهوم الكتابة النسوية ؟

**اولا انا ضد تسمية " الكتابة النسوية " ولكن مبرر حضور المرأة القوى فى اعمالى وفى اعمال زميلات آخريات ربما مرده أن هناك مشاعر تحملها المراة اكثر حساسية وفهما عنها لدى الرجل خاصة حينما تكون المرأة محملة باكبر قدر من التجارب والخبرات التى تخص بنات جنسها و وهنا اتصور أنه لا أحد يستطيع الكتابة فى هذه المنطقة بفهم ووعى أكثر غير المراة والتى تتمتع بوجهة نظر محددة وواضحة المعالم , حيث عين المرأة عين تفصيلية تهتم كثيرا بالتفاصيل كما أن المرأة تحمل هموما ومشاعرا أنسانية أوسع من ذلك المفهوم الضيق الذى ينطوى على التصنيف الجنسى الذى يريده لها البعض . ولم يعد النشغال بالذات المغلقة الضيقة المقهورة هو الشغل الشاغل الآن , ولكن ما يعنيها هو النشغال بالأنسانى فى العموم وتشابك العلاقات , ومايطرأ على الحياة فى مستجدات , فالمراة لم تعد ذلك الكائن البشرى المصنف بوضعه فى " الحرملك أو الخبأ " بل أصبحت ذاتا واعية قوية تعرف ما لها وما عليها .

* لكن هذا لا يمنع هناك مجموعة من الكتاب أو النقاد مازالوا يصرون على هذا التصنيف للأبداع ؟

** هذه منطقة شائكة يتربص بها فى هذه المنطقة التى تخضع لمفاهيم متوارثة ثابتة أصحاب وجهات النظر الثابتة التى مازالت تبحث داخل العمل عن المرأة كذات حاضرة داخل العمل مستضئين فى ذلك بالتجارب الشخصية للمرأة ,باعتبارها مفتاحا لشخصيتها للتعرف على او التفتيش عن سيرتها الذاتية ومغامراتها العاطفية لا تستطيع البوح عنها بشكل عاد , وغير  معتقدين أن هناك خيالا وقيما ابداعية فنية وبنية روائية مختلفة .
ومتناسين ايضا انه من الصعب ان تكون كل التجارب التى تكتبها المراة قد عاشتها حرفيا .
كذلك هناك التقييم الخلاقى الذى يتم ممارسته تحت جلد الرواية والروائية وهذا قصور فى وجهة النظر وهذا هراء ايضا .
ولعلنى اعرف بعض النقاد النص كم الذى يصنفون الكاتبات الى " كاتبات اخلاقيات , وكاتبات اباحيات " وهذا ظلم ايضا .
باعتبار هذا التصنيف القاصر لافتة لأراحة الذهن وتوفير الجهد فى التفتيش عن الجديد والمغاير فى الكتابة . كذلك فان هناك القراء " الرقباء " الذين يحملون سيف العدل والعدالة ويمارسون سلطتهم بحكم عملهم داخل المؤسسات الثقافية والذين تحولوا من موظفين الى مبدعين بقدرة قادر مصدرين قيم بلهاء ومتخلفة من خلال ابداعهم .
ليست الكتابة فى نظرهم سوى تاويل ذهنى لآمراض خاصة بهم .

* تحدثت عن الجديد والمغاير فكيف نرصد هذين الملمحين فى اعمالك ؟

** اولا هناك حلم واسع واتمنى أن احققه وهو أن انتج عملا ابداعيا ممتعا وممتلئا مثل امتلاء الحكايات الشعبية , أما ملمح المغيرة فيتمثل فى بحثى الدءوب عن تقنيات جديدة دائما , للخروج على القيم والشكال الفنيه المستقرة والسائدة , فالعمل البداعى بالنسبة لى عمل مفتوح قابل لتجدد وطرح السئلة الشائكة والمغسرة بشكل مستمر وملح , وفتح باب الخبرات النسانية باطيافها على العمل سعيا لتشكيل موقف خاص انطلق من خلاله لفهم العالم .

                                                                      ( أجرى الحوار ماهر حسن )

فصل من رواية عطية الشمس

  (عطية الشمس)  رواية صفاء عبد المنعم -----------------------   إهداء إلى/ أبطال رواية من حلاوة الروح --------------------------...

المتابعون