كان كل يوم يراها والكتب تحت أبطها وهى خارجة من عند الأستاذ , ينظر !ليها بعينه اليمنى ويناديها : ياست الناظرة , أيه أخبارك ؟
تسير بخطوات بطيئة وتضحك : بخير والحمد لله .
تقترب بينهما المسافة ينظر أليها بشكل عميق : عال عال , والله ناظرة بأذن الله .
ثم يتركها ويرحل .
تضحك فى سرها ولا تصدق نبؤته , طفلة صغيرة فى الثانية عشرة من عمرها , كيف يعلم هو مافى الغيب والمصير ؟
تدخل البيت وهى مازالت تتعجب , ثم تجلس تذاكر دروسها بجد وأجتهاد , لقد أدركت بحس طفولى صادق أن الأيام تعدها بشىء سرى وغامض ومحبب لديها , فتجتهد بكل مالديها من قوة وحنين لهذا المستقبل الغامض الذى تنتظره بشغف وحب و تزداد تألقا وحيرة ولكنها تواصل ما بدأته من مغامرة المعرفة , المعرفة التى سوف تدفعها لهذا السرى الغامض .
الآن هى تعانى من هذه النبؤة القاتلة والجملة الجميلة التى ألقاها ذات يوم رجل سرى وغامض ورحل " أزيك ياست الناظرة "
النبوءات جد قاتلة ومحققة وعظيمة , ولكن من يواصل والخوف يملأه من أعماق قلبه .
تريد أن تكون عظيمة وكبيرة وقوية .
والآخرون يريدون مص كل طاقاتها من حب وأخلاص .
اليوم فقط عرفت ما تحملته من اعباء شاقة فى مواصلة الطريق وهو يدفعا بكلماته الضاحكة : أزيك ياست الناظرة .
هو كان يدرك بفطرته !
وهى تدفع بنفسها نحو هذا الطريق .
الطريق الفاصل بين كلمتين تكون أو لا تكون .