الجمعة، 15 أغسطس 2025

قصة قصيرة (عزيزي أصلان)

 

عزيزى أصلان

   

الآن وللمرة الثانية انتهى من وردية ليل .

لم يكن يشغل بالى سوى العم بيومى وهو يرفع وجهه ( أول دور مش تانى دور ) جملة ذكرتنى بمشهد موت العم مجاهد والشيخ حسنى يجره فوق عربة الفول ، وضبابية الفجر خلفهما .

أفق يفتح على أننا سوف ندفع تجاهه ، واليوم ليس معى مليم ، أرسل به برقية إليك ، أهنئك على روايتك التى أخيرا قرأتها .

" ياه صعب قوى "

الليلة ، أرتدى التيير الأخضر ، والحذاء الشمواة الأخضر ، أكور يدىّ ، وأنفخ فيها نفسا دافئا ، والبنايات العالية تتضخم أمام عينى فى شارع قصر النيل .

" ياه مجدى وحشنى قوى "

لى مقهى زهرة البستان ، كانا صامتين ، ويدخنان بشراهة وعدم أكتراث ، استدارا بوجهيهما ناحيتى .

كان لحق يوحشك .

أسكت أنت ياياسر .

ليك وحشة كبيرة قوى يايوسف ، تيجو نمشى ، لحسن البستانفاضى وممل .

سرنا أنا وياسر الزيات ، ويوسف النجار ، البرد يفجؤنا ، والشوارع خالية ، نكور أيدينا ، وننفخ فيها ، أنفخ بشدة ، وأجرى بينهما .

تعرفوا ..

الشرب فى الجو ده لذيذ .

يابنت المجنونة .

أهدى .

يوه يايوسف ، أصل مجدى له وحشه .

دا عشان أول مرة .

تعالوا نرجع القهوة .

سينما قصر النيل تعرض فيلم ( العسكرى الأزرق ) قلة يدخلون ، لمحنا سليمان يقف خلف بنت سمراء ، تنظر إلى أفيشات العرض ، بفستان تيل سادة ، ندهنا فى نفس واحد :

ياسليمان ..

استدار بارتباك ناحيتنا .

أهلا

أنا كنت فى وردية وراجع .

شفتوا أصلان .

تلاقيه ع القهوة .

أقترب يوسف .

تعرف ياسليمان ..

أنا كنت هناك ع القهوة .

شفت أصلان وشحاتة ، وناس كتير عاملين زينا ، واحنا بنشرب غزازتين البيرة الساقعة ، فى كشك الخواجة على حساب سليمان الصايغ .

وبنضحك عيه وعلى روايح .

اقترب سليمان وسرنا .

ياه يايوسف ، تعرف قبل ما أجى عديت على إبراهيم فهمى صاحبنا ، اللى معايا فى الشغل ، فتحت عليه الوضة ، لقيته ممدد على الأرض حزين ، ومركون على جنب وميت .

سبته زى ماهو وجريت .

معرفش إيه اللى ودانى السيما وقابلتها ، لابسه فستان تيل ولمة شعرها .

جت جنبى وطلبت .. ولما شدتها ، رفضت تخرج للشارع ، همست فى ودنى ( أنا ما بروحش بيوت )

... توقفنا عن السير ، كانت أندهاشة يوسف النجار أوسع من ان ندركها ، ظل صامتا ، ثم فاجأنا .

حاسس إنى هاموت زى العم مجاهد وحدى ، إمبارح أم روايح ماتت على روحها من الضحك وهى بتقوللى : يوه يااستاذ يوسف ، لسك لوحدك !

منور .

ومدت إيدها تحت منها وهرشت وهيه ..بتضحك .

أنا كنت بحب فاطمة وهجوزها .

     الليل يشعرنا بالوحدة ، وقسوة الشارع ، وهو يصفر حولنا ، جعلت وجوهنا أكثر حميمية واقل توترا .

خلاص أنا تعبت .

ومترو النفاق خلص .

تعالو نرجع .

خلاص نسيتى ؟

لأ

أنا عايزة اشرب .

" على بابا " مكان ضيق وكئيب ، ومبنى الجامعة الأمريكية يقف أمامنا شامخا فى وحشة .

أزايز البيرة عملت جو .

يعنى المخزن مش أحسن .

يوه ياياسر كفاية شرب .

أنت بالذات تسكتى .

فاكر يايوسف مشهد الهرم لما زنقة الشيخ حسنى فى الحمام .

أنا ساعتها مت من الضحك .. والسيما هاجت .

المشهد اللى معشش جوايا بجد ، مشهد يوسف وهو متمدد ونايم والقارب على وش المية .

طول عمرى بحلم بالمشهد ده .

مية ، وأنا نايم على ضهرى ، وانا .. وواحد .. واحد جميل .. جميل قوى ، بنمارس جنس .

من غير مركب .

من غير مركب .

عريانة .

يابنت المجنونة .

الله يخرب بيتكم .

البيرة دى هايلة .

                                                   مايو 1994

                                                       (من مجموعة أشياء صغيرة وأليفة )

                                                                        صدرت عام 1996 

                                                                       سلسلة أصوات أدبية 

                                                                    الهيئة العامة لقصور الثقافة  

                         *************************************

 

 

قصة قصيرة (عزيزي أصلان)

  عزيزى أصلان     الآن وللمرة الثانية انتهى من وردية ليل . لم يكن يشغل بالى سوى العم بيومى وهو يرفع وجهه ( أول دور مش تانى دور ) جملة ...

المتابعون