إن عظامك لن تفنى
-------------------------
بدءاً من الآن.
سترى بعينيكَ عبر هذا الزجاج نوعاً جديداً من الضوء،
يتسرب إلى داخلكَ.. بكل دقة.. تعانى كثيراً من الصداع.
عندكَ بعض من الوقت لاجتذاب آخر نفس فى سيجارتك، ستحاول
مراراً أن ترتدى سترة تقيكً هذا البرد، ستؤجل مشاوير عدة، ستنتظر أن يحل الضوء
فيكَ، فتبدل عظامكَ.
فجوة بين رأسكَ والوسادة.
لا تأكل أظافركَ، كثيراً تمارس هذه العادة – ترقد
والنافذة على أخرها – لا تغلق الباب.
تضع رأسكَ تحت الوسادة(ترقص جنية فى عينيكَ، تريدها ملء
يدكَ، تمسكها)تلقى بنفسكَ كاملاً فىَ. تصل إلى حيث يكون هناك عالم واسع وعميق.
تهزنى : أف الدنيا حر.
تقذفنى للشارع(أنتَ سمج)خطوة أولى، ومساء أول(امرأة تدجج
البيت بالحب، ورجل يقطف الشهوة)تسرق عينىَ، تخبىْ عينيكَ.
- ما كان لى أن أراكِ هكذا.
وأنتِ تنظرين إلىَ كالمسموم.
الواقفون هناك ضد وجهى، وضد عينى والهواء. كل يوم يزداد
قلقى تجاه مواقفى، والطيبون البسطاء لا يعرفوننى، وأنا أنجو من داخلى بحصارها داخل
دفتى كتاب"ثمة تيار خفى فى ذلك السلوك، إطلاق غازات المعدة فى صالون برجوازى،
ثمة جمال فى جملة ركيكة، ثمة جمال فى فعل فبيح".
ليبدأ الجحيم عند السرة.
وأنا خراء.
- إلى هذا الحد أجدكَ داخلى!
فى الراسائل المتبادلة بينكَ وبين نفسكَ شرحت أن أنهيار
العالم، يبدأ من ذاتكَ، وأنكَ منذ أيام لم تأكل، وليال كثيرة، ترقد عارياً، تفتح
النافذة على آخرها ترشق عينيكَ فى وجه الله.
وتحدثنى : متى نكون كما نحن؟
هكذا عرايا.
ونرى الله واضحاً؟
الجرزان مهيئة للخروج، والليل وحشى أمامكَ(أنتَ فأر
صغير).
فى خطابك السابق على هذا قررت أن تكتب كل شىء، طريقة
نومكَ، قلقك، حبك لى.
وأنكَ تعانى من قلة الأصدقاء.
عصفور صغير ينقر رأسك، والبول المحتبس داخلكَ – لأنك لا
تفرغ المثانة جيداً – يهيؤك إلى حالة جنسية تصل إليه.
تقف على بابه عارياً :
ياالله.
امرأتى شهية وما أنا بقادر.أفعل.
- ما أنا بقادر.
* أفعل.
- ما أنا بقادر.
* أفعل.
- الأصدقاء قلة ويزدادون قلقاً وتوتراً.
وأقراص المنوم
صارت قليلة المفعول.
* أفعل.
- المبانى تتضخم أمام عينىَ.
* أنهائى هذا.
- كل يلوذ بما لا يلاذ به.
والجو ملىء
بالخرافة والمطر، ودخان السجائر.
(إن عظامك لن تفنى، ولحمكَ لن يمرض، واعضاءكَ ليست بعيدة
عنكَ).
الشارع فى التاسعة، يصبح لنا. تطلقين النارعلى آخرها،
أنتِ شرهة فى الأكل والمضاجعة، والنظر إلى النساء.
خائب يحتك بكِ قاصداً، وأنتِ تدفعين ثمن التذكرة، ستون
مليوناً يندسون داخلكِ فى أكلات العدس، والفول، والبصارة، وكعك العيد.
طازج يومك حين يبدأ فى السادسة صباحاً.
الآن لا جنة فى شىء، فى الضحك، فى الصمت، مد التلاميذ
على قدميهم، هزر الواقفة فى الفصل المقابل لكِ(صباح الخير ياوزة).
تشاجرتى معه حين أراد تصويب فتحة فمه نحو عينيكِ ليصب
فيهما هزراً خفيفاً(شنبك طلع).
أنتظرى لا تغلقى الباب.
المسافة الفاصلة بينى وبينكَ على السرير، تسع لشيطان
يرقد، ويستغل حركتكَ البطيئة تجاه الحائط ويفترسني.
فى هذه اللحظة، تود أن تمشى من التحرير إلى المطرية،
تأكل حمص الشام ـ رغم أنك لا تفعل ـ تدخل، يترك لك المخدع، يرفس الحوريات، تخجل،
تنتظر، تضع يدك على أول ملمس ناعم فى جسدك، وتدسه فى الواقفة أمامك بالضبط.
"يالله"
"ياراجل أعدل نفسك"
"تصبحى على خير"
أغسطس
1992
*********************************