السبت، 9 أبريل 2022

قصة :عزيزى أصلان

 

عزيزى أصلان

-----------------------

 

   

الآن وللمرة الثانية انتهى من وردية ليل.

لم يكن يشغل بالى سوى العم بيومى وهو يرفع وجهه( أول دور مش تانى دور ).

جملة ذكرتنى بمشهد موت العم مجاهد والشيخ حسنى يجره فوق عربة الفول، وضبابية الفجر خلفهما.

أفق يفتح على أننا سوف ندفع تجاهه، واليوم ليس معى مليم، أرسل به برقية إليك، أهنئك على روايتك التى أخيرا قرأتها.

"ياه صعب قوى"

الليلة، أرتدى التيير الأخضر، والحذاء الشمواة الأخضر، أكور يدىّ، وأنفخ فيها نفسا دافئا، والبنايات العالية تتضخم أمام عينى فى شارع قصر النيل.

"ياه مجدى وحشنى قوى"

على مقهى البستان، كانا صامتين، ويدخنان بشراهة وعدم أكتراث، استدارا بوجهيهما ناحيتى.

- كان لحق يوحشك.

- أسكت أنت يا ياسر .

ليك وحشة كبيرة قوى يا يوسف، تيجو نمشى، لحسن البستان فاضى وممل.

سرنا أنا وياسر الزيات، ويوسف النجار، البرد يفجؤنا، والشوارع خالية، نكور أيدينا، وننفخ فيها، أنفخ بشدة، وأنا أجرى بينهما.

- تعرفوا.

الشرب فى الجو ده لذيذ.

- يا بنت المجنونة.

إهدى.

- يوه يا يوسف، أصل مجدى له وحشه.

- دا عشان أول مرة.

- تعالوا نرجع القهوة.

سينما قصر النيل تعرض فيلم( العسكرى الأزرق )قلة يدخلون ،لمحنا سليمان الصايغ  يقف خلف بنت سمراء ، تنظر إلى أفيشات العرض، بفستان تيل سادة ، ندهنا فى نفس واحد :

- يا سليمان .

استدار بارتباك ناحيتنا.

- أهلاً

أنا كنت فى وردية وراجع.

شُفتوا أصلان.

- تلاقيه ع القهوة.

أقترب يوسف النجار.

- تعرف ياسليمان ..

أنا كنت هناك ع القهوة.

شفت أصلان وشحاتة ، وناس كتير عاملين زينا ، واحنا بنشرب إزازتين البيرة الساقعة ، فى كشك الخواجة على حساب سليمان الصايغ، وبنضحك عيه وعلى روايح .

اقترب سليمان وسرنا.

- ياه يا يوسف ، تعرف قبل ما أجى عديت على إبراهيم فهمى صاحبنا، اللى معايا فى الشغل، فتحت عليه الأوضة، لقيته ممدد على الأرض حزين ، ومركون على جنب وميت.

سبته زى ماهو وجريت.

معرفش إيه اللى ودانى السيما وقابلتها، لابسه فستان تيل ولمة شعرها.

جت جنبى وطلبت .. ولما شدتها، رفضت تخرج للشارع، همست فى ودنى بصوت ناعم وحزين(أنا ما بروحش بيوت).

... توقفنا عن السير، كانت أندهاشة يوسف النجار أوسع من أن ندركها، ظل صامتا، ثم فاجأنا

حاسس إنى هاموت زى العم مجاهد وحدى، إمبارح أم روايح ماتت على روحها من الضحك وهى بتقوللى : يوه يا استاذ يوسف، لسك لوحدك!

منور.

ومدت إيدها تحت منها وهرشت وهيه .. بتضحك "أنا كنت بحب فاطمة وهجوزها".

 

     الليل يشعرنا بالوحدة، وقسوة الشارع، وهو يصفر حولنا، جعلت وجوهنا أكثر حميمية وأقل توترا.

- خلاص أنا تعبت.

ومترو الأنفاق خلص.

تعالو نرجع.

- خلاص نسيتى؟

- لأ.

أنا عايزة أشرب بيرة.

"على بابا" مكان ضيق وكئيب، ومبنى الجامعة الأمريكية يقف أمامنا شامخا فى وحشة.

- أزايز البيرة عملت جو.

- يعنى المخزن مش أحسن.

- يوه يا ياسر كفاية شرب.

- أنت بالذات تسكتيِ.

فاكر يا يوسف مشهد الهرم لما زنقة الشيخ حسنى فى الحمام.

أنا ساعتها مت من الضحك .. والسيما هاجت.

- المشهد اللى معشش جوايا بجد، مشهد يوسف وهو متمدد ونايم والقارب ماشى على وش المية. طول عمرى بحلم بالمشهد ده.

مية، وأنا نايم على ضهرى، وأنا .. وواحد .. واحد جميل .. جميل قوى، بنمارس جنس.

- من غير مركب.

- من غير مركب.

وعريانة.

- يا بنت المجنونة.

- الله يخرب بيتكم.

البيرة دى هايلة.

 

                                                   مايو 1994

---------------------------------------------------------------------------------------

 

 

 

 

 

فصل من رواية عطية الشمس

  (عطية الشمس)  رواية صفاء عبد المنعم -----------------------   إهداء إلى/ أبطال رواية من حلاوة الروح --------------------------...

المتابعون