علاقة
فى البدء كانت ..
لم تكن تعرف أن لكل شىء بكارته واللون قبل أن
يمزج بين الأرجوانى والحمر تتعلق بشفتيها كلمتان .. ثم تصمت، تتشمم يدها، يبق
المكان برائحة خاصة، تعرفها، وكم .. تحسستها كثيرا وهى تلمس جسدها مرتعشة،
ولللأماكن الداكنة مذاق حلوُ .
قال الجد سلطان وهو يضرب عياراً فى الهواء :
ياناس (شوبش)
قال آخر متحمساً : الجدعان .
وهى فى طريقها إلى هناك عند المنحنى حيث يقطن
– كانت تنظر فى شحوب كامل – وكل الطرق تفتح ذراعيها وتستقبلها، وهى تخطو بخطواتها
نحو مكان بعيد . تحاول الضغط منكمشة، سمعت صوتاً يردد : اطمئنى .
فنامت .
لم تكن تعرف أن للأبيض لوناً آخر، غير أنه لا
يأتى من شىء .
وهو يضمها لصدره، برفق قالت : لو تركتنى
سأقتلك .
يضمها أكثر : لن يحدث .
طارت وحلقت، وعادت، تضمه فى موكب من القبلات،
ثم جلست قبالته، تهامسا طويلاً، أحست بخدر ما يتسرب إليها، فى براءة قالت : لا
تتركنى .
أجابها ببطء، وهو ينسحب فى تثاقل : كلما
تشعرين بحاجة إلى .. سأجدك أمامى .
وخرج .
صغيرة كانت ..
والعالم يشكل جدرانا أربعة، وحديثا طويلا .
.. حين يغلق الباب، وتصبحين وحيدة .. اعلمى
جيداً أن كل شىء مباح .
فى القدم قالت لأمها : رأيت لولا والأولاد
يدسون أصابعهم داخلها .
لطمتها وقالت : اخرسى .
كان الأحمر متدفقا لزجا، نسيت وجوههم، إلا
فتحة ما،تعودت أن تغلق الباب، وتلعق يدها .
فى ايامها الأولى، كانت الجدران تتسع ..
وتتسع، تتشمم عطرا يخنقها .
وللأشياء وجهها غير المألوف، حين عادت تنظر
جيدا .
قالت : أمى الجدار ينشق .
وجلست .
حزينة كبئر ساكن تلقى فيه بعض الحصوات من وقت
إلى آخر فى تتابع رتيب، تمتلىء القاعدة، ويطفو الماء غامراً السطح، والحصوات تلقى
وتلقى .. فى تتابع .
بتدرج الأصوات فى الدخول للنوم، كانت
المسافات داخلها تتقارب، ولأول مرة تتحسس الأشياء فتلمسها برفق .
فى رحلة المدرسة الأخيرة، وقعت فوقه، احتفظت
ببقعتين فى قميص مشجر، انقلبت على وجهها – عرفت أنه توجد متعة ما لم تكتشف بعد،
وعرفتها – وهى تودعه عند الباب قالت : إنى أخونك .
فقال مبتسما : وأنا أمنحك قلبى .
فشجت رأسها، وكان صوته مازال يمنحها التحرك .
بين
مزيج من الرعب واللذة، كانت تصرخ، وتضحك، وتمد يدها تحتضنه .
- ألا توجد مرآة خلفنا .
- سوف ترين نفسك .
- وأراك .
صرخ فيها : اصمتى شىء بأسفلى يتحرك .
وهى تلقى بملابسها لتستحم قالت للأم : اعطنى
ظهرك .
رمقتها ضاحكة : كبرتِ !
صرخت : ابتعد .
ورسمت سهما يتقاطع مع آخر ووجهته لأسفل،
وصنعت علامة تحذير وبقعتين،
وقالت : أمى الجدار يلتئم .
فى الصغر والأطفال يتحلقون حول البنت
الجميلة،
قالت لهم : أنا أحلى .
لم يتحلقوا .
ماتت داخل جلدها .
وأستاذ الطبيعة يثرثر : الأسود يمتص الألوان
كلها، ويدصر لونه، بينما الأبيض ..
أجابت محتدة : كل الألوان غير صافية .
لم تكن تعرف الأسابيع والسنين السابقة
لاحتوائها للمرة الأولى، وهى تقضم لقمة خالية من الغموس، وتقضمها بقوة، كانت تشعر
أن لا أحد يسكن داخلها، فارغة كانت .. إلا من هواء رئتيها .
نوفمبر 1987
**************************