الجمعة، 28 أبريل 2017

رسالة إلى أبنتى

رسالة إلى أبنتى


    حبيبى ميسو .
اليوم يمر ثلاثة أيام على فراقك لى ، لقد رحلتى فى رحلة إلى الهند ، ولا أعرف لماذا ياحبيبتى تركتى الوطن والأم والحب من أجل شىء مبهم بداخلك ،تحاولين عبثاً البحث عنه ، وربما يكون هو قريبا منك هنا ، ولأنك تجهالينه تماما ، لقد حاولت مرارا أن أجعلك قوية صاخبة ، ولكن دائما كان ضعف ما بداخلك ينتصر .
عندما كنت أربت على باطن يدك بضعف وحنو أم ، وأنا أنقر تلك النقرات الخفيفة المحبة ثلاث نقرات تعنى (أنا) ثم أربع نقرات سريعات تعنى (أحبك) كنت أريد أن أجعل الرسالة سرية بيننا ، وأن الطيبة تصل أليك مثلما كان يفعل هو طوال رحلتنا سويا من مقهى البستان بوسط البلد إلى مقهى السكرية بخان خليلى بالحسين ، كنا نسير فى جموع كبيرة أو قليلة ، كان يمسك كفى الصغير ، وينقر نقرات متتاليات ، فى البداية كنت لا أفهم ، ولكن عندما أنصت إلى صوت الموسيقى والأيقاع الصادر من النقرات ، عرفت (المعنى الحقيقى) .
كان يريد أن يقول لى (أنا بحبك) كان يريد أن يجعل موسيقى الكون تسمعه ، ذالك العاشق الكبير ، كيف ألتقى البارد بالساخن ؟ أنا القوية العنيفة الغضوب ، وهو الوديع المحب المسالم .
كيف ألتقى البحران ؟ القوة والضعف ، الصمت والصخب ، الستقرار والفوضى .
كيف لطفلة فى السادسة من عمرها آن ذاك ، أن تعرف معنى الموسيقى المندفعة بعنفوان من القلب ؟
كنت عندما أمسك كفك الصغير بين كفى الكبير ونحن نعبر الشارع كى نقف أمام كافيتريا نعمة بالعجوزة ، وأشترى لك ساندوتش (الشاورما) ثم نعبر الطريق مرة أخرى ، ونجلس على شاطىء النيل أما مستشفى العجوزة مثل المحبين ، كنت أنقر تلك النقرات على كفك الصغير.
ثلاث نقرات متتاليات تعنى (أنا) ثم أتبعها بأربع نقرات سريعات تعنى (أحبك) فتصبح الكلمة كاملة (أنا أحبك) مثلما كان يفعل تماما .
وكنت أنظر أليك صامتة ، وأنتِ تقضمين ساندوتش الشاورما بشهية وأستطعام طفلة صغيرة جائعة ، وأنا أضحك من داخلى على سعادتك ( سعادة أم أستطاعت أن تدبر بحنكة ثمن ساندوتش شاورمة لأبنتها بعيداً عن مصروف البيت ، ومصاريف المدرسة الخاصة ) هناك أشياء كثيرة لا يبوح بها القلب إلا فى لحظة العطش ، خاصة من أم أرملة تحاول جاهدةً ببعض القروش القليلة أن تصنع عالماً مبهجاً لصغيرتين لا ذنب لهما فيما حدث .
كنت أمعن النظر فى وجهك الجميل المشرق ، وعينيك العسليتين بلونهما الفاتح ، والذى يشبه لون العسل الصافى ، وشعرك الكستنائى الطويل ، وأظل أقارن بين بشرتك وبين بشرته ، ترى ماذا أخذت منك أبنتك ؟ أخذت الحساسية المفرطة ، والحب ، ولون البشرة ، والشعر ، ولون العينين .
آه كم أنا وحيدة وحزينة ، ولا يستطيع نهر النيل بكل تاريخه أن يعيد إلىِ جسد أوزير الضائع .
                                                                                     28 فبراير 2017

                                    ********************

قصة قصيرة (عزيزي أصلان)

  عزيزى أصلان     الآن وللمرة الثانية انتهى من وردية ليل . لم يكن يشغل بالى سوى العم بيومى وهو يرفع وجهه ( أول دور مش تانى دور ) جملة ...

المتابعون