الفتى الذى صبح فنانا
كان
علاء فتى جميلا وسيما ، يحبه كل الجيران لأنه كان يساعد الآخرين ، ويحب الخير لهم ،
ويمد يد العون للضعيف والمحتاج من أصدقائه .
وفى يوم من الأيام ، جاء إلى الشارع ولد صغيراسمه
حامد ، وكان هذا حامد لا يستطيع الحركة بسهولة ، وكان والده يعمل بناء ، فرح حامد
كثيرا بالبيت الجديد ، وكان كل يوم يقف فى النافذة يطل على الشارع ، ويشاهد
الأطفال وهم يجرون ويلعبون ، وكان يتمنى أن يلعب معهم لولا عجزة الشديد ، كانت
تدمع عيناه بعض الدمعات ، فتنزل دموعه على خديه ، ويمسحها بظهر يده ، ثم يعاود
النظر مرة أخرى .
وكان الأطفال كل صباح وهم ذاهبون إلى المدرسة
فى نشاط وحيوية ، والنشنط الثقيلة على ظهورهم بداخلها الأقلام والكراسات ، وكتب
جديدة مليئة بالحكايات المسلية ، كان
الأطفال لا يقتربون من النافذة المطل منها حامد عليهم وهوينظر نحوهم بعينيه
الصغيرتين ويتمنى أن يذهب معهم إلى المدرسة ، ويجرى ويلعب مثلهم ،ولا يحيونه
قائلين : صباح الخير ياحامد ، حزن حامد كثيرا ، ووقف فى الشرفة يبكى .
الأطفال وهم يلعبون ويجرون ويمرحون وراء
بعضهم البعض ويلعبون لعبة الغميضة ، وكيكا على العالى والسبع طوبات ، لا ينظرون
نحو حامد أطلاقا وهم مشغلون باللعب والجرى .
وفى يوم عاد الأب مبكرا إلى البيت .
ولكنه رأى أبنه واقفا فى النافذة يبكى ،
وعندما سأل الأم عن سبب بكائه ، حكت له مايفعله حامد طوال نهاره ، يقف فى النافذة
ويتابع الأطفال بعينيه الحزينتين ، فهو يريد أن يجرى ويلعب مثل الأطفال .
حزن الأب عندما سمع الحكاية من الأم ، وقرر
أن يشترى لبنه كلبنا صغيرا يلعب معه ويخفف عنه الحزن .
فى اليوم التالى عاد الأب إلى البيت ومعه
كلبا صغيرا ، وأخذ ينادى بصوت مرتفع فرحا
: ياحامد ، ياحامد ، تعال أنظر ، لقد اشتريت لك اليوم كلبا صغيرا وجميلا ، أنظر .
وفى صباح
اليوم التالى ، جلس حامد فى النافذة وإلى جواره الكلب الصغير ، يلاعبه
ويلاطفه ، وينادى عليه باسمه ، فأخذ الأطفال ينظرون إلى الكلب بشكله البنى الجميل
، ثم أخذوا يحركون أيديهم له فى الهواء ، وهو يهز ذيله سعيدا ، وينبح بصوت ضعيف :
هوهو .
فرح حامد الذى كان حزينا بالأطفال الصغار وهم
يقفون تحت نافذته ينادون على الكلب الصغير ويلعبون معه .
وفى يوم وقف علاء أسفل النافذة ، واخذ ينادى
على حامد وقال له : أنا اسمى علاء ، طالب بالصف السادس الإبتدائى فى المدرسة
القريبة من هنا ، سوف أأتى كل يوم إلى البيت كى أذاكر لك بعض الدروس .
فرح حامد كثيرا ، وأخذ يلاعب كلبه صغير وهو
سعيدا .
قال علاء
: لماذا لا تخرج من البيت وتلعب معنا .
قال حامد : للأسف أنا مريض ولا استطيع المشى
بسهولة ، ويداى قصيرتان لا استطيع تحريكهما أيضا ، لذا لم أذهب إلى المدرسة مثلكم
، رغم أننى أحب الكتب والرسم والألوان الجميلة .
قال علاء : لا تحزن سوف أشترى لك بعض الألوان
، وكراسة رسم كبيرة ، واعلمك كيف ترسم مثلما تعلمت أنا فى المدرسة من معلمة الرسم .
كل يوم بعض صلاة المغرب سوف أحضر أحكى لك
حكاية ونرسم هذه الحكاية الجميلة .
فرح حامد كثيرا بوجود صديقه الجديد .
وكان كل يوم يأتى علاء إلى بيت حامد ، يجلسان
معا ، يتعلم حامد القراءة والكتابة ، ويرسم بالألوان الجميلة فى كراسة الرسم ، وقد
حفظ حامد الأناشيد والأغانى التى علمها له علاء ، وكان كل يوم يقف فى النافذة
صباحا يسمع طابور الصباح من المدرسة القريبة ، ويحى العلم مع التلاميذ ، ويغنى
معهم نشيد بلادى بلادى .
وقرر حامد أن يكون رساما مشهورا، مثل الرسامين الذين سمع عنهم كثيرا من صديقة
علاء ، مثل حامد ندا ، وبيكاسو ، وفان جوخ ، وغيرهم ، لأنه أحب الرسم كثيرا ، وأول
صورة رسمها كانت صورة علاء صديقة والتى أعطاها له هدية .
فرح علاء بالصورة كثيرا ، وقد أتفق مع الأطفال
فى الشارع ، أن يرسم حامد لهم بعض الصور،
مقابل مبلغا من المال ، ووافق الأطفال ، وأخذ حامد كل يوم يرسم صورة لطفل ، وعلاء
يأخذ المال إلى أن تجمع مبلغا كبيرا .
وفى يوم من الأيام دخل علاء ومعه والده وهو
يجر كرسيا جديدا بعجل لحامد كى يجلس عليه ، ويخرج من البيت ، ويلعب مع الأطفال .
ومن يومها صار حامد رساما كبيرا ، يرسم صورا
جميلة ويبيعها لأهل الحى والأصدقاء ، وأقام معرضا جميلا فى حجرته بالبيت الجديد ،
وحضر جميع الأطفال ، ومعهم الهدايا والورود الجميلة لحامد ، ومن يومها لم يعد حامد
يشعر بالوحدة ، ولا يقف بالنافذة يبكى .