لا تبعد كثيرا عن البيت
عزيزى الطفل هل تعرف معنى كلمات الأم حين تقول لصغيرها وتحذرهدائما : لا
تبعد كثيرا عن البيت ، هكذا دائما كانت أم الخراف الصغيرة تحذر أبنائها الصغار
قائلة لهم جميعا : لا تبعد كثيرا عن البيت ، ولكن كان هناك خروف صغير لا يطيع أمه
ولا يسمع كلامها ، ودائما يسير بعيد بمفرده ، الحكاية أنه كان يوجد خروف صغير بنى
اللون يشبه لون قشر البندق ، وكان صوفه الرقيق على جسده يدفئه فى ليالى الشتاء
الباردة .
وذات يوم فكر الخروف الصغير أن يخرج مبتعدا
عن البيت كى يلعب فى الغابة ويجرى وراء الفراشات الملونة الجميلة ، ويجرى وراء
السنونو وهو يطير ويرفرف بجناحية ، ويحدثه بصوته الرقيق : عد أيها البنى الصغير ،
عد إلى بيتك ياقشر البندق ، ولكن الخروف الصغير كان لا يسمع الكلام ، ويقول
للسنونو : أنا أحب أن ألعب معك ، أحب أن أطير ، خذنى معك أيها السنونو الجميل ،
خذنى معك ياصديقى ، وكان السنونو يتعجب كثيرا من كلام الخروف الصغير ، ويحتار داخل
نفسه : كيف أعلمه الطيران ، وهو ليس لديه جناحين ولا ريش مثلى .
ولكن كان صوت الأم مازال يتردد فى أذنيه وهى تحذره : لا تبعد كثيرا
عن البيت ، ولا تدخل الغابة ، الغابة بها
وحوش كثيرة ومفترسة .
نسى الخروف الصغير البنى والذى يشبه قشر
البندق كلام أمه ، وكانت قدماه الصغيرتان تبتعدان بع بعيدا بعيدا عن البيت ، ويدخل
فى الغابة المظلمة ، وطائر السنونو مازال يطير عاليا ويحلق بين الأشجار ، ويحذره :
عد إلى بيتك أيها الخروف الصغير ، لا تقترب أكثر ، أنا ذاهب إلى بيتى .
وعندما
جاء الليل ، وحل الظلام فى الغابة ، كان الخروف الصغير قد توغل كثيرا ، وأصبح
وحيدا ، وأختفى طائر السنونو من أمام عينيه ، واختفت الفراشات الملونة ، وجلس
الصغير يبكى خائفا ، فى ذلك الوقت سمع صوت بكائه الذئب والثعلب والأسد وكل
الحيوانات المفترسة وظلت واقفة مكانها كى تتحين الفرصة وتنقض عليه ، ولكن الفهد
الذى كان يكمن بعيدا خلف شجرة النبق الكبيرة ، رأى بعينيه الحادتين الخروف الصغير
وهى يبكى ، وقبل أن تنقض عليه الحيوانات المفترسة، وثب الفهد وثبة قوية وسريعة ،
وخطف الخروف الصغير بين أسنانه الحادة وفر هاربا ، وفى ذلك الوقت وقفت جميع
الحيوانات فى دهشة ، وحيرة من أمر هذا الفهد السريع ، وقرر كل منهم فى سره أنه
عندما يرى فريسة جديدة ، أو خروفا صغيرا بمفرده ،لا ينتظر طويلا بل ينقض عليه
سريعا ، وسمع الصقر صوت الأم يتردد فى جنبات الغابة وهى تبحث عن صغيرها ، وطارت
البومة كى تخبرها بما حدث ، ومنذ ذلك اليوم ، وجميع الأمهات تحذر صغارها دائما :
لا تبتعد كثيرا عن البيت ، وينقبض قلبها خصوصا إذا رأت بومة تحوم وترفرف حولها .