كان ياما كان .. فى إمبراطورية قديمة .
فتاة سمراء جميلة ، ممشوقة القوام ، تشبه عود الأبنوس
، شعرها طويل طويل وناعم ، وملامحها هادئة ، وفى عينيها ذكاء حاد ولمعة براقة ،
وكان أهم مايميز لى لى قلب الذهب هو قلبها الكبير الذى يشبه الذهب ، كانت رحيمة
تحب الكبير وتعطف على الصغير ، وتساعد المحتاج ، فأطلقوا عليها لى لى قلب الذهب .
وكانت لى لى تعيش مع والدها ليون ، الفارس الشجاع
، يتسم بالهدوء والكبرياء ، والإعتزاز بالنفس ، والعمل الصادق فى صمت ، ويتمتع
بمحبة الجميع .
وكان فى الإمبراطورية ، الأمير بطاح النطاح الشرير
، مغرور ثمين الجسد ، كريه الخلق ، يحب الأستحواذ على كل شىء يراه جميلا أو يسمع
عنه .
وسمع عن لى لى قلب الذهب أبنة الفارس ليون
الشجاع وعن قلبها الذهبى الكبير .
فقرر أن يستحوذ على لى لى ويأثرها لنفسه ،
فأرسل فى طلب أبيها ليون الفارس ، بحجة قيام الحرب على أعداء يريدون الإغارة على
الإمبراطورية .
جهز الفارس
ليون حصانه الأدهم السريع ، وجهز سيفه وحرابه أستعدادا للمعركة ، وسافر إلى
الأميرالشرير فى العاصمة .
وهو فى أثناء الطريق ، تذكر ابنته لى لى قلب
الذهب ، وكيف تركها بمفردها فى البيت .
فعاد من فوره إلى البيت ودخل صائحا ينادى :
لى لى ياقلب الذهب ، أين أنتى ياجميلتى الصغيرة ، وأخذ ينادى وينادى .
دون أن يسمع لها صوتا ، أو يرى لها وجه .
وفتح باب حجرة لى لى ودخل فرأى على الأرض ثوب
لى لى الأحمر الجميل الذى أشتراه لها من الهند والذى كانت ترتديه قبل أن يسافر
ويتركها بمفردها ، ونظر بعيدا من الشباك على الأرض فرأى فردة حذاء لى لى الجميل
والذى أشتراه لها من الصين ، ثم وجد خصلة شعر من شعر لى لى الأسود الطويل ، معلقة
على باب البيت .
فهم الفارس ليون الشجاع بذكائه وفطنته أن لى
لى ابنته خطفت واختفت من البيت ، فأخذ يسأل الجيران والأصدقاء ، فلم يعثر لها على
أثر .
وأخذ يفكر ويفكر كثيرا ويربط بين سفره واستدعائه
للحرب وأختفاء لى لى ، ففهم أنها لعبة الأمير الشرير الثمين وخطته الخبيثة ، فقرر
الذهاب إلى قصر الأمير بطاح النطاح الشرير فى الحال .
ظل الفارس الشجاع مسافرا لأيام طويلة على
صهوة جواده الأدهم ، ولا يهدأ له بال إلا بعد أن يعثر على ابنته لى لى ، وبعد عدة
أيام من السفر قرر أن يبيت فى نزل للغرباء حتى يستريح من عناء السفر ، ويريح
الحصان الأدهم صديقه .
وعندما دخل النزل ، رأى عن بعد حجرة بعيدة
مضيئة بضوء خافت ، ويصدر عنها صوت أنين خافت ، ثم رأى مجموعة من الفرسان يحرسون
مجموعة من الخيول خارج النزل ، والمكان هادىء وساكن ، أقترب من صاحب النزل وسأله
من هؤلاء الفرسان ؟
قال صاحب النزل : أنهم فرسان الأمير بطاح
النطاح الشرير ، جاءوا ليلة أمس بفتاة جميلة وحبسوها فى هذه الحجرة ، وهى الآن
تبكى وتنادى على أباها ليون الفارس الشجاع ، هل تعرفه ؟
صمت الأب برهة ، ثم توجه نحو الحجرة فى خطوات
بطيئة ، وخبط على الباب بأطراف أصابعة ثلاث خبطات متتاليات وقال بصوت خفيض : لى لى
ياقلب الذهب ، أنا أبيك ليون الفارس
الشجاع ،لا تخافى ياحبيبتى .
هدأت لى لى ، وخبطت على الباب من الداخل ثلاث
خبطات متتاليات ، وقالت : أهلا بك ياأبى .
عاد الفارس الشجاع إلى صاحب النزل وطلب منه
أن يعرفه على فرسان الملك حتى يبيت معهم الليلة ويريح حصانه من عناء السفر .
وبعد أن تعرف ليون على الفرسان غير اسمه
وانكر صفته وأدعى أنه تاجر كبير ويود زيارة الأمير بطاح النطاح حتى يعطيه هدية
غالية عنده ، ونام ليله وسط الفرسان وأكل وشرب معهم .
وفى الصباح الباكر ..
وقف ليون الفارس الشجاع وقال : من يريد أن
يعرف الهدية التى سوف أعطيها للأمير فليتقدم .
تقدم فارس أحمق وقال : أنا .
قال له ليون : شرط أن تبارزنى لتأخذ الهدية .
قال الفارس الأحمق : موافق .
تبارز ليون والفارس الأحمق وهزمه فخسر الهدية
.
ثم تقدم فارس وفارس وفارس إلى أن خسروا جميعا
، إلا فارسا عنيدا ذو لحية مجعدة حمراء ، وشعر أشعث ، ظل واقفا عن بعد يشاهد
المبارزة بين ليون والفرسان ، فأعجب بشجاعته وقوته .
وتقدم وقال لليون : ماهى هديتك الغالية حتى
تقاتل وتبارز من أجلها هؤلاء الفرسان ؟
قال ليون : لى لى قلب الذهب .
تعجب الفارس العنيد وقال : أمن أجل قلب ذهب
تحارب كل هذه الحروب ؟!
قال ليون : نعم ، إنه قلب يستحق المغامرة .
غضب الفارس العنيد وقال : نذهب عند الأمير
أولا ، ثم نتبارز امامه وإن كسبت أستحق قلب الذهب ، وإن خسرت سوف أتتركك ترحل فى
سلام .
وافق ليون ، وسافر مع الفارس العنيد ذو
اللحية الحمراء عند الأمير بطاح النطاح الشرير ، وفى الطرق مرض ليون مرضا شديدا ،
وتوفى على إثره .
وحزنت لى لى حزنا شديدا على أبيها ، وهى فى
الطريق قالت : ياحظ لى لى العاثر ، مات أبوها قبل أن يكسب الرهان ، وظلت تبكى
وتبكى إلى أن سمعها الفارس العنيد ، وسألها : لماذا تبكين أيتها الجميلة ؟
قالت : أبكى على ليون الفارس الشجاع الذى مات
، وحكت له الحكاية ، وفتش فى متاع ليون ووجد الفستان الأحمر ، وفردة الحذاء ،
وخصلة الشعر الطويلة .
وعرف الحكاية من لى لى وأنها هى قلب الذهب
التى تحدث عنها والدها .
قال لها الفارس العنيد : لا تحزنى ، لن نصل
عند الأمير بطاح النطاح الشرير ، بل أنت أصبحتى وديعتى وهديتى من ليون .
قالت لى لى : لن يتركك الأمير الشرير ، ولن
يجعلك تتمتع بهديتك ، سوف يأخذنى بالقوة منك ، فهو الأمير ، وأرسلك كى تأتى بى له
.
قال لها الفارس العنيد : نعم نعم ، وماذا
نفعل ؟
قالت له : أقتل الأمير ، أقتل الشر ، وانقذنى
منه ، وسوف أكون هديتك ويرتاح ليون الشجاع فى قبره .
قال الفارس العنيد : كيف أقتله وهو الأمير ،
وأنا فارس من فرسانه الأقوياء الشجعان ، وعنده من أمثالى كثيرين .
قالت له لى لى : أقتله بالحيلة ، أحتال عليه
، وانا أساعدك ، عندما تريد قتل الثعبان أضربه على رأسه ، أعرف المواضع الحيوية عن
الأمير وأضربه فيها ، فأنت لا تحارب عدوا ، بل تحارب ما حوله ، إن الأمير سمع عن جمالى ، ولكنه لم يران.
فأحضرت لى لى مقصا كبيرا ، وقصت به شعرها
الطويل ، وأعطته للفارس العنيد ، وقالت له : أحتفظ بشعرى كى ندفنه مع جسد ليون أبى
الفارس الشجاع ، ثم أحضرت ثيابا من الخيش وأرتدتها ، وكانت لى لى تجيد التمثيل ،
فمثلت دور أنها امرأة عجوز بلهاء ، وقالت سوف أصعد إلى قصر الأمير بطاح النطاح ،
وأحكى له ماحدث مع أبى ليون ، على أنه حدث لأبنتى لى لى الجميلة قلب الذهب ، وأدله
على قبرها ، وعندما يأتى لزيارتها ، سوف أشرط عليه أن يأتى بمفرده ، وفى هذه
اللحظة ، تظهر أنت وتقتله ، ونعود بجسد ليون على أنه جسد الأمير بطاح النطاح ،
وندفنه فى حديقة القصر كرامة له ، وتصبح أنت الأمير من بعده ، وتتولى حكم البلاد وتصلح حال الرعية ، وتعاملهم بحب ، وقلب الذهب
سوف تقف إلى جوارك .
أعجب الأمير العنيد ، بفكرة لى لى الماكرة ،
وفعل الحيلة كما قالت له ، وقتل الأمير ، وانتصر على الشر ، وأصبح حاكما عادلا
للمدينة ، وتزوج لى لى قلب الذهب .