ضيعة القطط البيضاء
رواية للأطفال من 10 إلى 14
للكاتبة صفاء عبد المنعم
2014
الحكاية الأولى
................
كان ياما كان فى سالف العصر والأوان ..
كان هناك ضيعة صغيرة ، صغيرة جدا ، تقع فوق
ربوعة عالية ، محصورة بين جبلين كبيرين ، تعيش فى هذه الضيعة مجموعة من القطط البيضاء
ذات الشعر الكثيف ، وكانت تحكم هذه الضيعة جدة عجوز حكيمة هى أكبر القطط سنا وخبرة
.
وكانت القطط الصغيرة تحب أن تلعب حول الجدة
العجوز سعيدة ومبتهجة بشروق الشمس صباحا ، وخيوطها الذهبية الحمراء ترسل لهم الدفء
والنور ، وتضحك مع الصغار وترسل لهم قبلات طيبة كل صباح ..
- صباح الخير ياصغارى .
- صباح الخير أيتها الشمس الكبيرة .. أنعم الله عليك بالصحة والعافية ..
أيتها الطيبة الجميلة .
- شكرا ياصغارى شكرا .
- وتضحك الجدة العجوز حاكمة الضيعة فى ود وصفاء ، وترسل إشارة من رأسها
الكبير تحية للشمس على حبها للصغار .
- وفى الليل .. تجمع الصغار حولها ، وتحكى لهم الحكايات القديمة المسلية عن
الضيعة وعن الأجداد وتاريخ البطولات القديم حتى يعود الكبار من العمل وجمع الطعام
.
- وكان دائما هناك فراشات بيضاء وأخرى ملونة بألوان زاهية ترفرف حول الجدة .
وفى يوم من الأيام غابت الشمس ، واشتد البرد
على الصغار ، ولم تستطع الأمهات تدفئة صغارهن من البرد ، وأخذ يتضرع الكبار إلى
الله أن يرسل لهم الشمس الكبيرة كى تنتشر أشعتها الذهبية لتدفىء الأرض الباردة .
وأصبح الثلج يزحف تدريجيا على الضيعة الصغيرة
ويغطى قمم الجبال العالية ، واختفت الفراشات البيضاء ولم تعد تزهر ولا تطير حول الجدة
العجوز .
هرعت القطط الكبيرة نجو الجدة الحكيمة حاكمة
الضيعة وسألتها : ماذا نفعل ياأمنا الحكيمة ، الأطفال الصغار سوف تتجمد من البرد ،
ونحن لم نعد نخرج للبحث عن الطعام ، فسوف نهلك جميعا من الجوع .
قالت الجدة الحكيمة : ياصغارى هذا أختبار وبلاء
، علينا بالصبر والدعاء والتضرع إلى الله .
قالت قطة حزينة : لقد دعونا وصلينا كثيرا ،
ولكن شتاء هذا العام قارص وشديد البرودة ، والصغار سوف يتجمدون .
وقالت أخرى :أنظرى ياحكيمة حولك الثلوج تغطى
الجبال من حولنا لابد من الهجرة .
قالت قطة شجاعة : نهجر أرضنا ، ومكان أجدادنا
، وأحفادنا الصغار أين يعيشون ؟!
قالت الجدة الحكيمة :المكان ياأولادى ليس
مساحة من الأرض نعيش عليها ، المكان ذكريات وتراث وعظام أجدادنا .
قالت قطة باكية : لابد من وجود حل سريع ،
بدلا من الرحيل وترك المكان .
وهنا تدخل قط شاب وشجاع قائلا : ياجدتنا
الحكيمة ، أنعم الله علينا بالخير والسلام منذ سنين طويلة ، وعشنا هنا حياة كريمة
رغدة وسعيدة ، يجب أن نرضى الله بالعمل كى يرضى عنا .
قال قط آخر : نحن تعودنا معشر القطط ذات
الشعر الأبيض الكثيف على الراحة والهدوء ، وكنا نجد طعامنا بسهولة ويسر حولنا فى
كل مكان ، فلابد من التعاون ، وتقسيم العمل بيننا .
ردد الجميع : رأى صائب ، نعم لابد من تقسيم
العمل بيننا .
قال القط الشاب الشجاع : مجموعة تحرس القطط
لاصغيرة وتدفئها .
ومجموعة تبحث عن الطعام .
ومجموعة تحرس حدود الضيعة من الأعداء .
ومجموعة كبار القطط الأجداد والجدات يصلون
ويبتهلون إلى الله كى يرضى عنا ويرسل لنا الشمس الكبيرة الدافئة .
قالت القطة الحكيمة : رأى صائب أيها الشاب
الشجاع ، لابد من تقسيم العمل والتعاون بين الجميع .
ومنذ هذا اليوم ياصغارى القطط ، أصبح للضيعة
الصغيرة المحصورة بين جبلين كبيرين والتى يسكنها القطط البيضاء ذات الشعر الكثيف
قانون ينظم الحياة بين الجميع .
وبعد ثلاثة أيام من تاريخ هذا الإجتماع أرسل
الله الشمس الكبيرة المشرقة الطيبة .
والشمس أرسلت ضفائرها الذهبية الحمراء
الطويلة ، لتشع لنا الدفء والضوء ، واعتذرت لنا أسفة وقالت : أنا أسفة جدا ياصغارى
لأننى غبت عنكم كثيرا ، ولكننى كنت فى عمل شاق وبعيد ، كنت أدفىء الجزء الثانى من
كوكب الأرض .. أنا اسفة .
وأعتبرنا هذا اليوم عيدا للضيعة الجميلة ،
وعادت الفراشات البيضاء والملونة ترفرف من جديد .
ومرت الأيام وأيام ، والقطط تعيش فى سعادة
وهناء بفضل وجود قانون ينظم العمل والتعاون بين الجميع وكبر القطط الصغار وصاروا
شبابا .
وقررت قبل أن ارحل ياصغارى ، وأدخل عند
الضيعة السوداء المجهولة و البعيدة والتى توجد خلف الشمس أن نختار من بيننا رئيسا
جديدا لهذه الضيعة الجميلة ، وأنتم ياصغارى سوف تصبحون فى المستقبل شبابا يافعين ،
وتختارون من بينكم حاكما لكم ، يحكم بينكم بالعدل .
قال الصغار مبتهجين : مارأيك ياحكيمة فى
الشاب الشجاع الذى أقترح نظام تقسيم العمل
، فهو الآن كبيرا ويملك عقلا راجحا ومفكرا ذكيا .
قالت القطة الحكيمة حاكمة الضيعة : أطلبوا
منه أن يرشح نفسه مثل غيره ، وسوف يتم القتراع بالعدل .. أذهبوا إليه .