الخميس، 4 أبريل 2013

تفاحة

جلست تفاحة على حافة السور ، وهى واثقة مطمئنة أنها تشبه الجبل فى أرتفاعه ، والصخور فى قوتها ، والعنقاء فى تجددها ، وفينوس ربة الجمال حين خرجت من البحر بكامل أنوثتها وجمالها  ، أعطتها شالا قرمزيا ، بديعا ، ووعدتها بمغامرة حب رائعة .

القبطان العجوز فى قمرته الخاصة ، يستعيد اسماء البلاد التى مر بها باحثا عن حبيبته ، وبعينين مكللتين بالتعب ، أخذ يرسم بلادا ، وبحارا ، وسفنا غارقة ، وجابلا شاهقة ، وهو يمصمص شفتيه ن وينظر من شباك قمرته ويردد : الله يرحم زمان , وأيام زمان .

كانت تفاحة المهدود حيلها من التعب ن تبحث بعينيها فى السفن المارة أمامها عن قبطان عجوز يطل بعينين كليلتين من قمرته .
وعندما حل المساء ولم تراه .
لمت طرف الشال القرمزى حول جسدها ، وقامت واقفة نظ تخطو بخطوات بطيئة خارج الميناء ، وتتجه نحو شارع النبى دنيال ، وهى تغنى أغنية حزينة : أدعى على العايق يموت غريق ... اللى جعل بين الجبال طريقى .
كانت تسمع هذه الأغنية من أبيها وهى صغيرة ، دون أن تعرف من هو العايق ، ثم تمسح دموعها المتساقطة من عينيها ، وتدخل بيتا قديما ، يشبه بيت الحواديت فى حكايات أمنا الغولة ، حين طلبت من ست الحسن والجمال أن ترعى فرختها التى تبيض لها كل يوم بيضة ذهب .

وعندما خطت تفاحة العتبة ، نادتها امرأة عجوز ، كانت تجلس فى الظلام : أنت ياست الحسن ، حمدلله على السلامة .
خلعت تفاحة الشال عن رأسها وهى تخطو فى حذر كى لا تدهس المرأة العجوز بقدميها : سالخير ياأمه ، ثم أشعلت عود ثقاب ، ومدت يدها وأنارت اللمبة الجاز الصاروخ القابعة على الرف الكبير وسط البيت .

ثم دخلت تفاحة حجرتها ، ورمت بجسدها المنهك على حاشية من القطيفة الخضراء بجوار الحائط وهى تقاوم الدموع الغزيرة المنسابة من عينيها فى أندفاع رهيب ، وخبطت بقبضة يدها على صدرها وهى تتنهد : يارب الله يجازى اللى كان السبب .
وحين سمعت صوت أمها العجوز تناديها من الخارج : ياتفاحة ، ياست الحسن ، قابلتى يحيى ؟

قامت واقفة ، وأخذت تعدل ملابسها وشعرها وهى تمسح دموعها بكفيها : نعم ياأم .
- جعانة ياست الحسن .
أخذت تفاحة تفتش بيديها فى الأركان ، على الأرفف إلى حين عثرت على بيضتين ، أخذتهما ، وأحضرت طبقا وبه بعض الماء ، ثم أشعلت وابور الجاز ، وصنعت قرصا ساخنا ن ووضعته أمام أمها .
- كلى ياأمه بالهنا والشفا .
- والعيش ،العيش فين ياتفاحة ؟
سحبت طبقا كبيرا من الخوص ووضعته أمام أمها ، ثم قامت واقفة .
أخذت العجوز تتحسس العيش بيديها وجدته جافا .
- فين العيش الطازة ياست الحسن ؟
- خلص ، ومافيش دقيق ، الحرب أخذت كل شىء ياأمه .
ثم قامت واقفة .
- تشربى شاى  ؟

لم ترد المرأة ن ولم تعلق ، أخذت تأكل بدرديرها فى صمت .
انسحبت تفاحة ثانية الى فرشتها ، واخذت تغنى بصوت منغوم خفيض ، وتدعى بعض الأدعية بصوت خافت ، ثم نامت مكانها من كثرة البكاء والنشيج إلى أن أخترق أذان الفجر أذنيها .

قصة فأل سئ

  فأل سئ لا أعرف بالضبط ماذا حدث لي؟ منذ ليلة أمس وأنا تنتابني حالة من العراك والغضب الزائد، لقد ألغيت لقاءً كان مهما بالنسبة لي في العم...

المتابعون