جلست تفاحة على حافة السور ، وهى واثقة مطمئنة أنها تشبه الجبل فى أرتفاعه ، والصخور فى قوتها ، والعنقاء فى تجددها ، وفينوس ربة الجمال حين خرجت من البحر بكامل أنوثتها وجمالها ، أعطتها شالا قرمزيا ، بديعا ، ووعدتها بمغامرة حب رائعة .
القبطان العجوز فى قمرته الخاصة ، يستعيد اسماء البلاد التى مر بها باحثا عن حبيبته ، وبعينين مكللتين بالتعب ، أخذ يرسم بلادا ، وبحارا ، وسفنا غارقة ، وجابلا شاهقة ، وهو يمصمص شفتيه ن وينظر من شباك قمرته ويردد : الله يرحم زمان , وأيام زمان .
كانت تفاحة المهدود حيلها من التعب ن تبحث بعينيها فى السفن المارة أمامها عن قبطان عجوز يطل بعينين كليلتين من قمرته .
وعندما حل المساء ولم تراه .
لمت طرف الشال القرمزى حول جسدها ، وقامت واقفة نظ تخطو بخطوات بطيئة خارج الميناء ، وتتجه نحو شارع النبى دنيال ، وهى تغنى أغنية حزينة : أدعى على العايق يموت غريق ... اللى جعل بين الجبال طريقى .
كانت تسمع هذه الأغنية من أبيها وهى صغيرة ، دون أن تعرف من هو العايق ، ثم تمسح دموعها المتساقطة من عينيها ، وتدخل بيتا قديما ، يشبه بيت الحواديت فى حكايات أمنا الغولة ، حين طلبت من ست الحسن والجمال أن ترعى فرختها التى تبيض لها كل يوم بيضة ذهب .
وعندما خطت تفاحة العتبة ، نادتها امرأة عجوز ، كانت تجلس فى الظلام : أنت ياست الحسن ، حمدلله على السلامة .
خلعت تفاحة الشال عن رأسها وهى تخطو فى حذر كى لا تدهس المرأة العجوز بقدميها : سالخير ياأمه ، ثم أشعلت عود ثقاب ، ومدت يدها وأنارت اللمبة الجاز الصاروخ القابعة على الرف الكبير وسط البيت .
ثم دخلت تفاحة حجرتها ، ورمت بجسدها المنهك على حاشية من القطيفة الخضراء بجوار الحائط وهى تقاوم الدموع الغزيرة المنسابة من عينيها فى أندفاع رهيب ، وخبطت بقبضة يدها على صدرها وهى تتنهد : يارب الله يجازى اللى كان السبب .
وحين سمعت صوت أمها العجوز تناديها من الخارج : ياتفاحة ، ياست الحسن ، قابلتى يحيى ؟
قامت واقفة ، وأخذت تعدل ملابسها وشعرها وهى تمسح دموعها بكفيها : نعم ياأم .
- جعانة ياست الحسن .
أخذت تفاحة تفتش بيديها فى الأركان ، على الأرفف إلى حين عثرت على بيضتين ، أخذتهما ، وأحضرت طبقا وبه بعض الماء ، ثم أشعلت وابور الجاز ، وصنعت قرصا ساخنا ن ووضعته أمام أمها .
- كلى ياأمه بالهنا والشفا .
- والعيش ،العيش فين ياتفاحة ؟
سحبت طبقا كبيرا من الخوص ووضعته أمام أمها ، ثم قامت واقفة .
أخذت العجوز تتحسس العيش بيديها وجدته جافا .
- فين العيش الطازة ياست الحسن ؟
- خلص ، ومافيش دقيق ، الحرب أخذت كل شىء ياأمه .
ثم قامت واقفة .
- تشربى شاى ؟
لم ترد المرأة ن ولم تعلق ، أخذت تأكل بدرديرها فى صمت .
انسحبت تفاحة ثانية الى فرشتها ، واخذت تغنى بصوت منغوم خفيض ، وتدعى بعض الأدعية بصوت خافت ، ثم نامت مكانها من كثرة البكاء والنشيج إلى أن أخترق أذان الفجر أذنيها .
القبطان العجوز فى قمرته الخاصة ، يستعيد اسماء البلاد التى مر بها باحثا عن حبيبته ، وبعينين مكللتين بالتعب ، أخذ يرسم بلادا ، وبحارا ، وسفنا غارقة ، وجابلا شاهقة ، وهو يمصمص شفتيه ن وينظر من شباك قمرته ويردد : الله يرحم زمان , وأيام زمان .
كانت تفاحة المهدود حيلها من التعب ن تبحث بعينيها فى السفن المارة أمامها عن قبطان عجوز يطل بعينين كليلتين من قمرته .
وعندما حل المساء ولم تراه .
لمت طرف الشال القرمزى حول جسدها ، وقامت واقفة نظ تخطو بخطوات بطيئة خارج الميناء ، وتتجه نحو شارع النبى دنيال ، وهى تغنى أغنية حزينة : أدعى على العايق يموت غريق ... اللى جعل بين الجبال طريقى .
كانت تسمع هذه الأغنية من أبيها وهى صغيرة ، دون أن تعرف من هو العايق ، ثم تمسح دموعها المتساقطة من عينيها ، وتدخل بيتا قديما ، يشبه بيت الحواديت فى حكايات أمنا الغولة ، حين طلبت من ست الحسن والجمال أن ترعى فرختها التى تبيض لها كل يوم بيضة ذهب .
وعندما خطت تفاحة العتبة ، نادتها امرأة عجوز ، كانت تجلس فى الظلام : أنت ياست الحسن ، حمدلله على السلامة .
خلعت تفاحة الشال عن رأسها وهى تخطو فى حذر كى لا تدهس المرأة العجوز بقدميها : سالخير ياأمه ، ثم أشعلت عود ثقاب ، ومدت يدها وأنارت اللمبة الجاز الصاروخ القابعة على الرف الكبير وسط البيت .
ثم دخلت تفاحة حجرتها ، ورمت بجسدها المنهك على حاشية من القطيفة الخضراء بجوار الحائط وهى تقاوم الدموع الغزيرة المنسابة من عينيها فى أندفاع رهيب ، وخبطت بقبضة يدها على صدرها وهى تتنهد : يارب الله يجازى اللى كان السبب .
وحين سمعت صوت أمها العجوز تناديها من الخارج : ياتفاحة ، ياست الحسن ، قابلتى يحيى ؟
قامت واقفة ، وأخذت تعدل ملابسها وشعرها وهى تمسح دموعها بكفيها : نعم ياأم .
- جعانة ياست الحسن .
أخذت تفاحة تفتش بيديها فى الأركان ، على الأرفف إلى حين عثرت على بيضتين ، أخذتهما ، وأحضرت طبقا وبه بعض الماء ، ثم أشعلت وابور الجاز ، وصنعت قرصا ساخنا ن ووضعته أمام أمها .
- كلى ياأمه بالهنا والشفا .
- والعيش ،العيش فين ياتفاحة ؟
سحبت طبقا كبيرا من الخوص ووضعته أمام أمها ، ثم قامت واقفة .
أخذت العجوز تتحسس العيش بيديها وجدته جافا .
- فين العيش الطازة ياست الحسن ؟
- خلص ، ومافيش دقيق ، الحرب أخذت كل شىء ياأمه .
ثم قامت واقفة .
- تشربى شاى ؟
لم ترد المرأة ن ولم تعلق ، أخذت تأكل بدرديرها فى صمت .
انسحبت تفاحة ثانية الى فرشتها ، واخذت تغنى بصوت منغوم خفيض ، وتدعى بعض الأدعية بصوت خافت ، ثم نامت مكانها من كثرة البكاء والنشيج إلى أن أخترق أذان الفجر أذنيها .