الخميس، 18 أكتوبر 2012

رجل من السماء

يهبط الى الأرض .
على غفلة من أهلها , يدخل مهرولا الى جانب جدار قديم , جلس ينتظر بزوغ الفجر .
بعد لحظات .
شعر بضيق شديد , تخرج أنفاسه من صدره بصعوبة , قام يتحسس الطريق , وصل الى بيت قريب , طرق الباب طرقا خفيفا .
فتح الباب .
خرج عليه رجلا شبه عارى , دفنت عظامه فى لحم متكدس على كتفيه , أردافه مترهلة , متكاسل فى خطواته , يمضغ بقايا طعام .
سأله متهكما : ماذا تريد ؟
فى حالة ذعر , طلب منه جرعة ماء .
ولى وجهه , ضحك ساخرا , ركل الباب فى وجهه .
أرتد مرتاعا , زلفت قدماه الى بيت آخر , خشى أن يطرقه .
اذا بكهل يتوكأ على عكاز , يفتح له , فى يده كوبا ماء , أقترب منه , على آخر رمق تجرعه فىعجل , شعر بأرتواء , سار بخطواته , وهو يبتلع ريقه .
على مقربة من باب المدينة , رأى أناسا فى حالة ذعر .
أخذ يرقبهم الى حين و رأى أحدهم مكبلا بالأغلال , آخر مبتور الساعدين , آخر مكمم .
لاذ بالصمت .
أخرون يشبهون الموتى , وراءهم رجل غليظ يدفعهم الى الأمام , على بعد وجد آخر يتأوه من أثر الطعنات .
أقترب منه .
سأله . لكنه لم يجب .
أشار بيده الى شارع طويل ,حمله , سار به , وجد زحاما شديدا .
وجوه متراصه , أجسادا متراكمة , لايستطيع رؤيتها مختلطه كأنها لفت فى ثوب واحد .
يبرز منها وجوه عديدة شاحبة .
على مقربة رأى مبنى قديما , متهالكا , تفوح منه رائحة كريهة .
بقايا آدميين .
جثث موتى متناثرة .
تنبش فيها ذئاب ضارية .
تحير الفكر , شرد , ترك مابين يديه , سقط منه , فبات مكتوم الأنفاس .
شعر بجوع شديد , أخذ يتلصص بين الجدران , شم رائحة شواء , أمتلأ فمه بلعاب , تذكر جثث الموتى فى الطرقات , فر هاربا .
يطرق الأبواب , يوقظ الضعفاء .
خرجوا منزعجين , ألتفوا حوله , أنتشروا فى الأرض , صاروا كتلة واحدة , من زحام ملفوف .
سار أمامهم , يتجول فى المدينة .

( سطعت الشمس , فنمت حبات العرق , فسقطت على الأرض ترويها .)

                                    **********************************

                                                                                         أغسطس 1983
                                                                           فازت بالمركز الثانى فى مسابقة القصة القصيرة على مستوى محافظة
                                                                           القليوبية عام 1984

كتاب داية وماشطة

  (مقدمة  ثانية) مع أنتشار مهنة الطب والوعى الصحى بين النساء فى المدينة والقرية ، وانتشار الوحدات الصحية التى تقدم خدماتها للنساء ، بدأت ت...

المتابعون