السبت، 23 يونيو 2012

قصة متحف من مجموعة الألعاب الخطرة

متحف
كان يكتسب أهميته من طريقة الوقفة , فاتحا قدميه على شكل حرف v , ومن العنجهية والتوتر وهو يشعل سيجارته ثم يلقى بعود الثقاب على الأرض , بعد أن يحركه فى الهواء عدة مرات فينطفىء .
ثم يبدأ الحوار بصوت خافت وناعم ولذيذ , يجعل خدرا ما يسرى فى كيانها , بعد أن تشرب فنجان القهوة المصنوعة بالروم على نار هادئة , فيحتويها بعينيه الضيقتين واللتين ازدادتا حدة وضيقا و فيخرج منهما شعاعا نافذا يخترق قلبها ويشل أفكارها .
وهو ينظر اليها بحنان واستعطاف طفل يتيم . فكادت أن تزهق روحها وهى تنتظر خروج الكلمات التى سوف يتبعها بعد ذلك سيلا طويلا من اللعاب فى حالة أخذ ورد و فتبتلع ريقها جيدا وهى تتذكر رباعيات الخيام ( أطفىء لظى القلب بشهد الرضاب ) .
فتثار وتصبح شهوانية , عندما يهمس لها : هاتى لسانك .
هنا الأذابة والنشوة والتعلق برقبته الى مالانهاية .

قال مدرس الرسم وهو يشرح للطالبات فى المتحف عن تمثالين جميلين لزوج وزوجته من العصر الفرعونى : " أن براعة المثال المصرى القديم تظهر فى جودة هذا العمل , لأن جسد الزوجه اكتسى باللون الوردى , وجسد الزوج أكتسى باللون البنى , دليلا على ان لوحته الشمس " .

عندما كانت تنظر الى ظهره بعينيها التى كانت تصر على أن يظلا مفتوحتين اثناء الحب , كانت ترى نهرا فياضا من الخمر يتصبب منه , فتشرب حتى ترتوى , وجسده الأبيض يشبه الحليب الطازج .



قال المدرس مرة اخرى , وهو يعرض أمام طالباته على الاب توب صورتين من اعمال صلاح عنانى , الأولى الراقصة والطبال و والثانية صورة تذكارية , واخذ يشرح عبقرية التعبير وتداخل جسد الراقصة وذراعيها وقدميها فى لحم الطبال , وهو يحنو عليها بعينيه الواسعتين و ويلتهم جسدها وهى ترفع راسها تجاهه , وتدق بصاجها دقا متواصلا .
وقال : أن هذا التلاحم يعطى اهمية للحركة و وضرورة كل منهما للآخر .. لأنهما لا ينفصلان , فالطبال لن ينجح الا برقصات الراقصة وهى لن تنجح الا بايقاعاته , أما صورة تذكارية فهيمنة الرجل - الزوج - بادية فى الشكل الهرمى الذى يعطى الثبات والقوة , وهو يضع اطراف أصابعه بترفع على الزوجة , وهى ساكنة الى صدره براسها فى وداعة وصمت , ولون فستانها الأحمر طاغى على اللوحة .

كانت تقول له فى كل مرة : بحبك .
ثم تمسك يده اليمنى وتقبلها جيدا , وتقول له فى وداعة : أشكرك على هذا اليوم الجميل .
وبقوة العادة اصبحت مدفوعة تجاهه لا تستطيع ايقاف اندفاعها او التحكم فى مشاعرها نحوه , لم تتحكم بجد وقوة فى عواطفها , فصارت تشبه الريشة الخفيفة التى يطوحها الهواء بعيدا , فتعلو وتعلو وتعلو .

قال مدرس الرسم : ان ما يعيب هذه الأعمال هو سيمترية الألوان .
فالأزرق والأحمر دائما لونان يتكرران فى جميع اللوحات , ثم اتجهوا بعد ذلك الى راس نفرتيتى و فأخذ المدرس يصف جمال وروعة الفن المصرى ثم اخذوا يتجولون كثيرا فى الطرقات .

كان كل مرة بقف عند أقرب بائع يشترى لها زجاجة عصير لتروى الظمأ وهو يشترى علبة سجائر وزجاجة مياة معدنية , ثم يلقى فى حجرها باكو شيكولاته كبيرا , فتاكل فى تلذذ , وتذوب مع طعمها الحلو .

جاءها خاطرا الآن , لماذا لا تسير بمفردها فى منتصف الليل , حيث الشوارع تكاد أن تخلو من المارة , وبرد ديسمبر يبعث لها ببعض الوخزات الخفيفة من أسفل اليشارب , وفتحات معطفها , والخدر اللذيذ مازال يملأ جسدها .

وقف المدرس عند باب المتحف وقال لتلميذاته : الآن ننصرف . فجهزت كل منهن نفسها لعبور الشارع , ولم اطراف الشيلان على اكتافهن وانصرفن .

قال لهن لصوته العالى قبل أن تبتعد عن عينيه صورتهن : اللقاء القادم فى متحف الفن الحديث .
هزت كل منهن رأسها و وصرن يضحكن مقهقات , والبرد يرسل لهن وخزات خفيفة , خفيفة ومنعشة .

قصة فأل سئ

  فأل سئ لا أعرف بالضبط ماذا حدث لي؟ منذ ليلة أمس وأنا تنتابني حالة من العراك والغضب الزائد، لقد ألغيت لقاءً كان مهما بالنسبة لي في العم...

المتابعون