السبت، 6 أبريل 2019

حوار معى

الكاتبات المصريات في البداية كن قلة.. لأسباب الواقع المجتمعي والتعليمي، ولكن مع ظهور الجامعة المصرية أصبح هناك إرهاصات قليلة وأنا من عشاق (سهير القلماوي، ولطيفة الزيات، ورضوى عاشور وغيرهن).. وكان هناك مشروع مهم كان يصدر عن الهيئة العامة للكتاب ضمن مشروع مكتبة الأسرة (الأدب النسوي).. حيث تعرفنا من خلاله على بعض الكاتبات المجهولات بالنسبة لنا، نعم يتم تهميش وإهمال الكثير من الكاتبات وربما يسقطن من ذاكرة الكتابة بعد رحيلهن.. فأتمنى عودة هذا المشروع ثانية حتى ولو بشكل جديد ويتم فيه طباعة الأدب النسوي منذ عصر مصر القديمة وحتى الآن ويكون هذا مشروع دولة أو مؤسسة.


لدى مشاريع كثيرة خاصة فيما يتعلق بجمع التراث الشعبي وقد صدر لي كتاب (أغاني وألعاب شعبية للأطفال) وهناك كتاب (داية وماشطة) قيد النشر، وهو تجميع لعمل (الدايات من بعض الأقاليم في مصر).. وكنت قد قمت بتجميع أغاني الأفراح ولكن المخطوطة ضاعت، وأقوم بإعادة الجمع ثانية من محافظات الوجه البحري.. وكذلك كتاب (صورة المرأة في المثل الشعبي) قراءة في الأمثال الشعبية. 

نعم الحال مختلف اختلاف جذري.. الكاتب العربي لابد أن يعمل عملاً غير الإبداع حتى يستطيع العيش، لأن الإبداع لا يدر دخلاً، بل بالعكس الكاتب يصرف على الكتاب من نشر وحفل توقيع وشراء نسخ للأصدقاء.. الكتابة ليست مهنة ولا يستطيع أي كاتب أن يحمل هوية (شاعر أو قاص أو روائي ..الخ) على العكس تماماً في الغرب هناك (الوكيل) الذي يقوم بكل شئ (طباعة وبيع وحفلات توقيع ونقد وأفلام ومسلسلات ومسرح) يشترى العمل ويسوقه ويدر دخلاً للكاتب.. ويمكن أن يتفرغ للإبداع من دخل كتاب أو كتابين، ويصبح لديه الكثير من الأموال. 

نعم أحرص على تفتيح ذهنية الطفل من خلال الحكي ومن خلال طرح الأسئلة في نهاية الحكاية.. وأحياناً اترك للأطفال حرية أن يضعوا النهاية المناسبة للحكاية من وجهة نظرهم، فتكون المفاجأة مدهشة، يضعون نهايات جديدة ومختلفة عن الأصل.. أحياناً تكون مفاجأة وفي اتجاه مختلف وهذا ينمي لديهم الخيال والوعي وتكوين الصور الذهنية الجديدة للحكايات القديمة. 

فكرة الجوائز في حد ذاتها فكرة جيدة.. وتعدد الجوائز يعطى فرصة كبيرة للمبدع بالحلم ومناخ طيب، وأتمنى أن يكون عندنا جائزة كبرى مثل (جائزة نوبل) يجتمع ويشترك فيها عديد من الدول المحبة والمشجعة للثقافة والإبداع.. ولكن الجوائز أحياناً تكون لعبة توازنات وليست لجودة الأعمال، خصوصاً لو كان المبدع المتقدم يعرف أعضاء لجنة التحكيم أو تربطه بهم علاقات أخرى. 


البيئة الشعبية التي تربيت فيها.. كان لها تأثيراً كبيراً من حيث ثراء وغنى الشخصيات المحيطة بي، وهذا ظهر في رواية (من حلاوة الروح)، فأنا مغرمة بالشخصيات التي أراها ولها تأثير واضح أو ملمح مختلف عمن حولها وحدث أيضاً في رواية (التي رأت).. والحروب التي حدثت (حرب 67، وحرب الاستنزاف، وحرب 73) في طفولتي شكل وعياً مختلفاً.. وعى بالهزيمة ووعى بالانتصار، وضرب مصنع أبى زعبل ومدرسة بحر البقر والرعب الذي حدث في طفولتنا له أثر كبير، وشخصية الزعيم “جمال عبد الناصر” وحب الشعب له وتأثيره في الروح الوطنية، كل هذا شكل عندي وعياً مختلفاً خصوصاً في البداية في فترة الستينيات وهى فترة خصبة وثرية في تاريخ مصر بما حققته من إنجازات وهزيمة، وضرب المشروع الناصري بعد ذلك.. ثم الحكايات الشعبية التي كانت تحكيها لنا جدتي قبل النوم (حدوتة قبل النوم) شكلت عندي معنى البطل الفرد وحب الحكايات والمغامرات وصناعة البطل (الشاطر حسن).. كل هذا جعل لدى مخزوناً كبير من الخيال والحلم والرؤية.

كان حلمي أن أدرس الفلسفة في كلية الآداب.. ولكن للأسف درست في كلية التربية جامعة عين شمس.. ولكن هذا لم يثنينِ عن عشقي للفلسفة، وواظبت على القراءة المنظمة فيها منذ زمن بعيد، وكنت أحضر جلسات الفلسفة مع بعض الأصدقاء، وأنا شغوفة أيضاً بقراءة التاريخ، لأن من وجهة نظري المبدع الذي يكون له منهجاً فلسفياً ويبدع شعر أو قصة، يكون مختلفاً وعميقاً وله نظرة أكثر بعداً وعمقاً لقراءة الواقع.. مثلاً هناك بعداً فلسفياً واضحاً عند الكاتب العالمي “نجيب محفوظ” وخصوصاً في رواية “قلب الليل” وغيرها.

رواية “من حلاوة الروح” كتبت باللغة العامية التي تفهمها وتتحدث بها شخصيات العمل.. لأن ثقافتهم نابعة من ثقافة العامة، فهم مجموعة من الهامشيين يعيشون في بيت كبير عبارة عن حجرات متراصة إلى جوار بعضها، وكان يعيش في هذا البيت العديد من الأسر الفقيرة والنازحة من القرى والنجوع سعياً وراء الرزق، فكان لابد أن تكتب الرواية باللغة التي يتحدثون بها.. وكنت دائماً أحلم بأن أكتب رواية مثل مصطفى مشرفة “قنطرة الذي كفر” وكنت من أشد المعجبين بها.. وعندي المادة الخام لصناعة عمل مماثل.

فصل من رواية عطية الشمس

  (عطية الشمس)  رواية صفاء عبد المنعم -----------------------   إهداء إلى/ أبطال رواية من حلاوة الروح --------------------------...

المتابعون