ليوم موعدنا مع الأديبة والباحثة أبنة النيل السمراء الباسمة تكتب لنا حكايات الليل من خيال أنثى تتجول في أروقة الفكر و قصص الحياة فتنسج لنا اجمل الحكايا متعة وعبرة فن وصياغة ..وبنفس الوقت هي مربية فاضلة تنشيء جيلاً وما احوجنا لفكر نيّر يقود الاجيال.
إنها الأديبة والباحثة : صفاء عبد المنعم
(نهلت من النهر المتدفق للمعرفة والادب وشربت حتى أرتويت مثل الظامئ أو نقول مثل الأرض الرملية التى شربت حتى أثمرت ).
قاصة وروائية وباحثة بالأدب الشعبى ,عضو أتحاد كتاب مصر وأتيلية القاهرة وجمعية الفولكلور ,أصدرت 6روايات و5مجموعات قصصية وكتابين للأطفال ,مديرة مدرسة بأدارة غرب القاهرة ,حاصلة على 2دراسات عليا ,نشرت الأعمال فى العديد من الجرائد والمجلات المصرية والعربية
أشتركت فى العديد من المؤتمرات فى مصر وخارجها ,كتبت العديد من الدراسات عن الأعمال الأبداعية وكذلك رسائل الدكتوراة,
ترجمت بعض الأعمال !لى الفرنسية والأنجليزية والأزوبكستناية.
من أرشيف ذاكرتها:
أحن كثيرا الى أيام مضت أيام البال الرائق والبهجة المفرطة فى الدهشة
الى أصدقائى الذين رحلوا مبكرا
أحن أليكم جميعا .
من أقوالها : كلنا لاعبين سيرك وما الحياة إلا وتر مشدود نسير عليه نقوم بالعاب خطرة في الحياة منّا من يقع ومنّا من يستمر.
ونشارككم سيرتها الذاتية التي نفخر بها
السيرة الذاتية:
الكاتبة / صفاء عبد المنعم
____________________
الاسم / صفاء عبد المنعم محمود زايد
الشهرة /صفاء عبد المنعم
الميلاد/ 27-12-1960القاهرة
المؤهلات الدراسية :
------------------
ليسانس تربية - جامعة عين شمس
دبلوم نقد فني – قسم تذوق- أكاديمية الفنون بالهرم
الدبلوم المهنية لضمان جودة المدرسة -عين شمس – كلية التربية
النشاط الثقافي
------------
-عضو نقابة المعلمين
-عضو اتحاد كتاب مصر
-عضو أتيلية القاهرة
-معتمدة بالإذاعة المصرية
-محاضر مركزي بالهيئة العامة لقصور الثقافة
-عضو الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية
التفرغ
------
حصلت على تفرغ من وزارة الثقافة
عام 1997-2004-2005-2006
التكريم
------
كرمت في مؤتمر أدباء مصر بالأقصر عام2004
كرمت من منتدى المثقفين في امريكا ودول المهجر عام 2015
الجوائز
-------
حصلت على المركز الثاني في مسابقة القصة القصيرة
على مستوى مراكز الشباب عام 1983 بمحافظة القليوبية
الجماعات الأدبية التي أنضمت !ليها :
-------------------------------
-أسرة الأدب -مركز شباب المنشية الجديدة -شبرا الخيمة 1982
-أسرة الأدب - نادى شباب بهتيم الرياضي - ببهتيم 1985
-أسرة الأدب - بيت ثقافة بهتيم - ببهتيم 1986
- جماعة بنت الأرض - بالمنصورة -1991
-أسرة الأدب - بيت ثقافة حلوان - بحلوان 2004
- جماعة رادوبيس - مجموعة أدباء – بيت ثقافة الدقي - 2006
- كتيبة طيبة - د. سمية رمضان -هو يدا صالح - 2006
- جماعة الأدب - بقصر ثقافة عين حلوان - 2008
نشاط ثقافي
----------
بدأ من 1990 - 1998 (مجدي الجابري - شحاتة العريان
- مجاهد الطيب - محمد بهنسي - مصطفى عباس – صفاء عبد المنعم _ وآخرون ) قراءة الشعر والأدب والنقد وغيره من أنواع الثقافة بشكل عام.( تم عمل ندوة لكتاب سناء المصري , خلف الحجاب ,و مجموعة منتصر القفا ش السرائر – وكتاب الثقافة المصرية لويس عوض وطه حسين وغيره ثم مناقشة بعض القصص كمسودات والأشعار كذلك.
تقام ندوة أسبوعية في منزل الشاعر مجدي الجابري لمناقشة الأعمال
الأدبية الجديدة - وأعمال الأصدقاء - والمسودات
نشاط ثقافي
-----------
جماعة أدبية تضم ( د.سناء عبد العزيز - سناء المصري - وغيرهن )
لمناقشة الأعمال الأدبية للكاتبات -عام 1990
الإصدارات
-----------
المجموعات القصصية
- حكايات الليل ( مجموعة مشتركة ) طبعة خاصة 1984
- تلك القاهرة تغريني بسيقانها العارية ( ديوان قصص) 1991
- أشياء صغيرة وأليفة ( قصص ) أصوات أدبية 1996
- بنات في بنات ( قصص) كتابات جديدة 2000
- بشكل أو بآخر (قصص) أصوات أدبية 2009
- سيدة المكان ( قصص ) دار الدار للنشر والتوزيع 2010
- أنثى الخيال ( قصص) اتحاد الكتاب 2010
تحت الطبع
______
مجموعة الألعاب الخطرة ( قصص )
الروايات
---------
- من حلاوة الروح ( رواية بالعامية ) رؤى للنشر - المحلة2001
- ط 2 سنابل للنشر 2005
- ريح السموم ( رواية ) مكتبة الأسرة 2003
- التي رأت ( رواية ) ميريت للنشر 2008
- قال لها يا !نانا ( رواية ) نفرو للنشر 2008
- مثل ساحرة ( رواية ) دار التلاقي للنشر 2008
- في الليل لما خلي ( رواية ) نشر عام - هيئة الكتاب 2009
- بيت فنانة ( رواية ) دار سندباد للنشر عام 2009
تحت الطبع
-----------
- مجنون نيتشة ( رواية )
- ستي تفاحة ( رواية )
كتب للأطفال
------------
- كتاب أغاني وألعاب شعبية للأطفال - دراسات شعبية - 2004
- سفينة الحلوى ( قصص للأطفال )- كتاب قطر الندى 2006
تحت الطبع
------------
- كتاب داية وماشطة ( دراسات شعبية )
- كتاب صورة المرأة في الأمثال الشعبية ( دراسات شعبية )
- كتاب أغاني أفراح ( جمع ميداني )
الموسوعات
------------
- موسوعة أغاني الأطفال - هيئة قصور الثقافة 2008
- موسوعة وصف مصر الآن - هيئة قصور الثقافة - منطقة حلايب
منطقة البواطي بالوحات البحرية عام 2008
كتبت دراسات عن :
-----------------
- ديوان صندوق الشوار - الشاعر ناجى شعيب - ندوة الأتيلية -
نشرت في مجلة الثقافة الجديدة 2003
- رواية لصوص متقاعدون - حمدي أبو جليل - نشرت في مجلة الثقافة الجديدة 2004
- شاي القمر - نعمات البحيري - نشرت في مجلة الثقافة الجديدة 2006
- أنا والآخر - رواية - 60 ش زين الدين - سعيد نوح - نشرت في مجلة الثقافة الجديدة 2007
ناقشت في ندوات بورقة عمل:
_______________
- مجموعة مطر هادئ – هناء عطية – ندوة الثلاثاء – أتيلية القاهرة
- مجموعة رائحة الورد – منى ماهر طه – ندوة الثلاثاء- أتيلية القاهرة
- مجموعة رائحة الموت – عادل – قصر ثقافة بنها والقناة السابعة
- رواية السماء لا تمطر أحبة - ابتهال سالم - ورشة الزيتون 2009
- رواية جروح الأصابع الطويلة - سهي زكى - ورشة الزيتون 2009
نشر دراسات شعبية :
------------------
- داية وماشطة الجزء 1,2,3, مجلة الفنون الشعبية 2009
- خطاب الهامش - بحث - مؤتمر الفيوم مارس 2006
حوارات في جرائد ومجلات:
--------------------------
- مجلة أفكار - الأردن - على المومنى 2007
- مجلة حواء - محمد الحمامصي 2008
- مجلة الصدى - سعيد شعيب 2002
- مجلة حريتي - يسرى حسان 2001
- مجلة الشرق- عبده الزراع 2002
- جريدة العربي الناصري - ماهر حسن 2003
- أسماء مضيئة - مجلة الثقافة الجديدة - أحمد عبد الرازق أبو العلا
- دراسة فاروق عبد القادر – مجلة وجهات نظر
دراسات في كتب:
----------------
- كتاب أفضية الذات - سيد الوكيل - دراسات نقدية 2006 - دراسات نقدية
- كتاب بلاغة السرد النسوي - د. محمد عبد المطلب2007 -دراسات نقدية
- كتاب الرواية العربية – فاروق عبد القادر – كتاب الهلال
حضور مؤتمرات :
----------------
- مؤتمر المنيا - 1995
- مؤتمر القليوبية 1999
- مؤتمر البحيرة 1999
- مؤتمر القليوبية 2000
- مؤتمر الإسكندرية 2002
- مؤتمر المنيا 2003 - شهادة
- مؤتمر القناة وسينا 2004
- مؤتمر الأقصر2004 - تكريم
- مؤ تمر القاهرة الكبرى بالفيوم – بحث
- مؤتمر سوهاج 2006
- مؤتمرالعريش2007
- مؤتمر العجيلي بالرقة - سوريا 2008 - شهادة
- مؤتمر مرسى مطروح 2008
- مؤتمر الرواية العربية الآن - المجلس الأعلى للثقافة 2004
- مؤتمر القاهرة الرابع للإبداع الروائي 2006
- مؤتمر قاسم أمين - مرور 100 عام على تحرير المرأة 2001
- ملتقى الدولي الأول للقصة القصيرة 2009
الترجمات :
----------
- مجموعة بنات في بنات - الفرنسية - الأوذباكستانية
رسائل الدكتوراة والماجستير :
---------------------------
- رسالة د. زينب العسال - كلية دار العلوم - جامعة القاهرة
- رسالة رحاب الدين الهواري - معهد النقد الفني - أكاديمية الفنون
تقول الكاتبة بداية كتاباتها إنها عندما كتبت أول قصة ( يوم عاصف ) نشرت ضمن مجموعة
( حكايات الليل 1984 ) ربما يكون حظى مدهشاً وغريباً فى نفس الوقت .
فى عام 1982 حصل ماركيز على جائزة نوبل وصدرت الأعمال الكاملة للكاتب الراحل يحيى الطاهر عبد الله ؛ ولأول مرة أمتلك مال خاص بى وغرفة خاصة بى أيضاً حيث أصبحت موظفة فى الدولة تملك راتباً شهرياً وحجرة صغيرة بعيدة عن أخوتى ، غرفة مستقلة ؛ هذا حدث لى وعرفت قيمته قبل أن أقرأ كتاب ( غرفة تخص المرء وحده ) لفرجينا وولف ترجمة د. سمية رمضان .
لقد خضت التجربة بشكل حقيقى قبل أن أقرأ تجارب الآخرين وأسعدنى الحظ ثانية عندما ذهبت إلى مكتبة مركز شباب المنشية الجديدة بشبرا كى أستعير منها الكتب لقراءتها ؛ وهناك تعرفت على مجموعة صغيرة من رواد المكتبة وبدأنا فى عمل ندوة أسبوعية لكل يوم ثلاثاء وأتسعت الندوة بشكل كبير وملحوظ ؛ وهناك تم طرح إسم ماركيز ، تشيكوف ، الأدب الروسى ، الأدب الفرنسى والأدب المصرى ، ويحيى الطاهر ويوسف إدريس وآخرين.
وأول أول قصة قرأتها وأدهشتنى حتى البكاء قصة موت موظف لتشيكوف. كذلك قصة المسخ لكافكا ؛ ثم قصة جبل الشاى الأخضر ليحيى الطاهر عبد الله.
فأصدرت مجموعة ( تلك القاهرة تغرينى بسيقانها العارية 1990 ) وتعتبر أول مجموعة صادحة فى حينها حينما تبنت فكرة ( كتابة الجسد ) كنت لحظتها أرى أن ( جسدى ) كأنثى فى مجتمع شرقى من الطبقة الوسطى مر بمراحل رهيبة من طقوس العبور.
أوضحت الكاتبة والقاصة " صفاء عبد المنعم " فكرة قصة " انثى الخيال " فقالت انها تتكلم عن " رجل قانون لا يعرف غير القانون والقراءة والكتب ، ويصادف فى يوم من الايام "انثى" تشكى له من الظلم وتستنجد به ، وتقول له ان ابيها قد قُتل وتريد حق ابيها ، فظلت الأنثى فى تفكيرة ، ليبحث لها عن حل لمشكلتها ، وهنا خرج بطل القصة من الفكر المغلق الى فكر اوسع ، وخرج من غرفته المغلقة الى الشارع وتعرف على الناس وقراءه الناس ، وقراءة الواقع ، وليس قراءة الكلمات ، فكانت هذه الأنثى هى السبب فى خروجه من الغرف المغلقة الى المجتمع الخارجى ، وكانت هذه الانثى هى أنثى الخيال التى كانت نقطه تحول فى حياته " .
ثم تقول الكاتبة والقاصة " صفاء عبد المنعم " بحديثها الى قصة اخرى بعنوان " فى المرة القادمة " وقالت ان هذه القصة تتكلم عن الفرصة والحياة فقالت ان الفرصة اذا جاءت يجب التمتع بها ومعايشتها ولا تأجلها لأجل أى شىء اخر ، لان تأجيلها يضيع أشياء كثيرة وقد لا تأتى هذه الفرصة مرة اخرى .
وتكلمت ايضاً عن مجموعتها القصصية بعنوان " الالعاب الخطرة " فقالت ان هذه القصة تتكلم عن لاعب السرك " حيث قرر لاعب السرك فى يوم من الايام ان يذهب الى مدرسة الأطفال ليستمتع الاطفال بألعابة ويفرحون بها ، فقام بالمشى على الحبل امامهم ووقع ، فأبتسم الاطفال على مافعل وفرحو بوقوع رجل السرك ، وهم لايدركون انه قد وقع بشكلٍ حقيقى ، واعتقدوا فقط انه قد وقع فقط ليضحكهم ، فقرر رجل السرك ان يحمل طفلين ويعيد المشهد مرة اخرى ويقوم بالمشى على الحبل بهما " .
وهنا هؤلاء كان الاطفال هما الدافع له ليعيد المشهد مرة اخرى وينجح فيه ، وقالت القاصة ان هذه المجموعه القصصية تحمل جميع الالعاب الخطرة المتواجده فى الحياة ، فتتميز هذه المجموعة بمزج الحس اللغوى بالحس التشكيلى ، وقالت انها استمدت بعض المشاهد من الحياة مباشرة ونهلت كذلك من عالم الفن التشكيلى المعاصر ورسمت شخوصها برؤية مفعمة بأبعاد فلسفية خفية لتحصل على سرد يخصها ويمزج بين الحوار القصير والتأمل العميق والصورة الحادة والفاعلة فى تطور السرد والذى يترك أثرا واضحا فى بنيان القصة .
بالتأكيد مقال قصير لا يكفي ولايفي ابداعاتها ....وهذه قصة قصيرة من كتاباتها
........................................................
جنة العشب
لم تكن تدرك تماما ، مدى أندهاشها ، وبهجتها ، وشغفها بطفولية لرؤية الأشياء عندما شاهدت الصحراء الممتدة فى وقار ووحشة أمامها .
ومن آن للآخر تخرج رأسها من شباك السيارة الشروكى ، ةتشير بإصبعها : شوف بابا ، الصحراء واسعة أزاى !
يهز رأسه تلقائيا دون أن ينظر : آه .. آه .. طيب .
ثم تواصل هى نظراتها وفرحها بالأمتداد والرمل الذى يبرق تلقائيا مثل التبر .
والسائق الذى لا يلتفت يمينا أو شمالا ، يسوق بهدوء منسجما مع نغمات الأغنية ( يا مسافر وحدك وفايتنى .. ليه تبعد عنى ..) كان الصوت هذه المرة هو صوت نجاة الصغيرة بحنانه ودفئه الهادىء .
تغنى بشجن زائد .
زاد من حلاوة الكلمات واللحن .
انتبهت فجأة للصوت ، وأخذت تقارن بين صوت محمد عبد الوهاب ، ونجاة الصغيرة فى الأداء والإمتاع .
نظر السائق من خلال المرآة ، وجد الرجل يغط فى نوم عميق ، وهى مازالت عيناها على الخارج ، واللحن دافئا ، رفع صوت المسجل قليلا ، وزاد من درجة التكييف ، فانبعثت رطوبة حلوة ، جعلتها تسترخى قليلا ، ومددت ساقيها .
سمعها تردد بصوت خفيض : الله الدنيا حلوة بشكل ، ليه حرمتنى منها كل السنين دى ؟
رن الموبايل ، فتحت الخط ، وأخذت تتحدث ، وتهز رأسها نفيا وإيجابا ، ثم انفعلت ، واغلقت الخط ، واغمضت عينيها وهى تستمتع بالصوت الهادىء الحنون لنجاة ، فمصمصت شفتيها مندهشة : الله صوتها جميل .
وامتلأت عيناها بالدموع فجأة ، ثم نزلت على خديها مثل دش ساخن .
مازال السائق يراقبها صامتا من خلال المرآة ، والطريق أمامه طويل لا ينتهى .
والأب يغط فى نوم عميق .
مد يده إلى علبة المناديل ، وأخرج منديلا وأعطاه لها : ولا يهمك ياهانم ، بكره يرجع لوحده .
احمرت عيناها ، واخذت المنديل ، ومسحت الدموع .
الأولاد وحشونى قوى .. وهو عنيد .
وجد السائق منفذا للحديث معها ، فكم نظر إليها طويلا وهو يراها تكبر وتنمو أمام عينيه .
ياست من باعك بيعه .
مش بالبساطة دى .
كانت الأشياء فى الخارج تتوارى وتجرى أمام عينيها فى سرعة ، وعندما اقتربوا من مكان به بعض الأشجار المزروعة والمعتنى بها ،ركن السائق العربة ، وقال لها : إيه رأيك ياهانم فى شوية شاى معتبرين .
وافقت بهزة من رأسها ، ثم ايقظت أباها .
بابا .. بابا تعال نشرب شاى .
نزلوا جميعا من العربة ، وجلسوا على كراسى من الجريد ، وتقدم منهم شاب ، فطلبوا جميعا شايا ، هز راسه ، ومسح المنضدة بفوطة فى يده ، أخذت هى تطرقع أصابعها وهى تنظر فى دهشة إلى المكان والهدوء والصمت والصحراء الشاسعة حولهم ، تنهدت : يابخت اللى عايشين هنا !
ضحك السائق بصوت مرتفع : مش قوى كدا ، الصحراء هى الصحراء ، المهم الناس .
لم تعجب افجابة ميرام ، وتنهدت : الناس خدنا منهم إيه غير المرارة ووجع القلب .
ضحك السائق بصوت أكثر أرتفاعا ، وخبط كفا بكف : الجنة من غير ناس ماتنداس .
زهق الأب من حديثهما ، وقام واقفا ، وهو يتجه نحو العربة : يالله بينا الدنيا حر .
عادوا جميعا إلى العربة ثانية ، وكل منهم بداخله هواجسه الخاصة به ، والتكييف يبعث طراوة صناعية هادئة ، وعيناها مازالتا على الخارج ، تتابع مرور الصحراء من أمامها ، تذكرت وقفته طويلا أمام المرآة وهو يستعرض جماله والأزرار والنجوم الذهبية على كتفيه .
كانت البنات فى المدرسة الثانوى يتحدثن سرا ويتهامسن بينهن : يابختها .. اتخطبت لظابط .. جتنا نيلة فى حظنا الهباب .
وتقترب إحدهن منها وهى تملس على شعرها الطويل بخفة .
ألا قوليلى ياميرام ، هتكملى تعليمك ؟
تهز ميرام رأسها غير واثقة : ما عرفش بابا هيعمل إيه ؟
تضحك البنت باستخفاف، وتغمز للبنات بعينها : بابا ولا ماما ؟
مش العريس قريبكم .
تهز ميرام رأسها بطيبة : آه قريبنا من بعيد ، أبن عمة ماما .
تصنع البنات دائرة حولها ، وهن يضحكن على طيبتها التى تصل إلى حد السذاجة .
آه من بعيد .. بتحبيه ياميرام .
ياعنى .
ياعن إيه ؟
شكله مش بطال .
تنظر إحدهن فى عيني ميرام التى شردت بعيدا ، ثم تشير بيدها : على فكرة ياميرام جسمك ينفع مانيكان ، موديل ، أنا أبن عمى أستاذ دكتور فى كلية الفنون الجميلة ، إيه رأيك تيجى معايا تشوفى المرسم بتاعه ؟
ميرام المبهورة الآن بالصحراء والهدوء والعزلة ، وصوت الراديو يبعث فيها حنينا ما ، وتيارا من الشعور الدافىء الغامض لا تستطيع السيطرة عليه .
منذ عشرين عاما ، لم تكن تعرف ماذا تريد بالضبط ، لم تكن تشكلت ذائقتها ، واراؤها ، كانت تعامل على أنها طفلة جميلة لا تعرف مصلحتها .
الآن أدركت تماما ، مدى القسوة التى كانت تعامل بها فى نهميش مشاعرها ، فهى تدرك جيدا الآن ، ماذا تريد ؟ وماذا تفعل ؟
الجسدية المحققة لديها .
فى ليلة كانت عائدة من حفل عيد زواج إحدى قريباتها ، ورأت .. كما يرى النائم وجها بشعا لرجل لم تعرفه ، والكرباج فى يده ، يضرب به الجناينى بكل قوة وعنف لم تعهدها فيه من قبل ، داخل الرقة والطاعة المصطنعة والتى يظهرها دائما أمام الناس .
أمسكت الكرباج من يده ، وصرخت فيه : كدا حرام ، دا مهما كان بنى آدم .
ضحك ضحكة أستفزتها : دول حمير ياروحى ، والكرباج دواهم ، أدخلى أنت جوه ، فلاح جنس ملاعين .
ثم واصل ضربه للرجل .
منذ هذه اللحظة ، كشف عن وجه آخر لا تعرفه .
وجه مغلف بالضحك والأبتسام ، مثل الشمع بارد لا حرارة فيه ، وكشفت مدى كرهها له ، وانها كانت لم تعرفه جيدا .
............................................................
— مع الكاتبة صفاء عبد المنعم.
إنها الأديبة والباحثة : صفاء عبد المنعم
(نهلت من النهر المتدفق للمعرفة والادب وشربت حتى أرتويت مثل الظامئ أو نقول مثل الأرض الرملية التى شربت حتى أثمرت ).
قاصة وروائية وباحثة بالأدب الشعبى ,عضو أتحاد كتاب مصر وأتيلية القاهرة وجمعية الفولكلور ,أصدرت 6روايات و5مجموعات قصصية وكتابين للأطفال ,مديرة مدرسة بأدارة غرب القاهرة ,حاصلة على 2دراسات عليا ,نشرت الأعمال فى العديد من الجرائد والمجلات المصرية والعربية
أشتركت فى العديد من المؤتمرات فى مصر وخارجها ,كتبت العديد من الدراسات عن الأعمال الأبداعية وكذلك رسائل الدكتوراة,
ترجمت بعض الأعمال !لى الفرنسية والأنجليزية والأزوبكستناية.
من أرشيف ذاكرتها:
أحن كثيرا الى أيام مضت أيام البال الرائق والبهجة المفرطة فى الدهشة
الى أصدقائى الذين رحلوا مبكرا
أحن أليكم جميعا .
من أقوالها : كلنا لاعبين سيرك وما الحياة إلا وتر مشدود نسير عليه نقوم بالعاب خطرة في الحياة منّا من يقع ومنّا من يستمر.
ونشارككم سيرتها الذاتية التي نفخر بها
السيرة الذاتية:
الكاتبة / صفاء عبد المنعم
____________________
الاسم / صفاء عبد المنعم محمود زايد
الشهرة /صفاء عبد المنعم
الميلاد/ 27-12-1960القاهرة
المؤهلات الدراسية :
------------------
ليسانس تربية - جامعة عين شمس
دبلوم نقد فني – قسم تذوق- أكاديمية الفنون بالهرم
الدبلوم المهنية لضمان جودة المدرسة -عين شمس – كلية التربية
النشاط الثقافي
------------
-عضو نقابة المعلمين
-عضو اتحاد كتاب مصر
-عضو أتيلية القاهرة
-معتمدة بالإذاعة المصرية
-محاضر مركزي بالهيئة العامة لقصور الثقافة
-عضو الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية
التفرغ
------
حصلت على تفرغ من وزارة الثقافة
عام 1997-2004-2005-2006
التكريم
------
كرمت في مؤتمر أدباء مصر بالأقصر عام2004
كرمت من منتدى المثقفين في امريكا ودول المهجر عام 2015
الجوائز
-------
حصلت على المركز الثاني في مسابقة القصة القصيرة
على مستوى مراكز الشباب عام 1983 بمحافظة القليوبية
الجماعات الأدبية التي أنضمت !ليها :
-------------------------------
-أسرة الأدب -مركز شباب المنشية الجديدة -شبرا الخيمة 1982
-أسرة الأدب - نادى شباب بهتيم الرياضي - ببهتيم 1985
-أسرة الأدب - بيت ثقافة بهتيم - ببهتيم 1986
- جماعة بنت الأرض - بالمنصورة -1991
-أسرة الأدب - بيت ثقافة حلوان - بحلوان 2004
- جماعة رادوبيس - مجموعة أدباء – بيت ثقافة الدقي - 2006
- كتيبة طيبة - د. سمية رمضان -هو يدا صالح - 2006
- جماعة الأدب - بقصر ثقافة عين حلوان - 2008
نشاط ثقافي
----------
بدأ من 1990 - 1998 (مجدي الجابري - شحاتة العريان
- مجاهد الطيب - محمد بهنسي - مصطفى عباس – صفاء عبد المنعم _ وآخرون ) قراءة الشعر والأدب والنقد وغيره من أنواع الثقافة بشكل عام.( تم عمل ندوة لكتاب سناء المصري , خلف الحجاب ,و مجموعة منتصر القفا ش السرائر – وكتاب الثقافة المصرية لويس عوض وطه حسين وغيره ثم مناقشة بعض القصص كمسودات والأشعار كذلك.
تقام ندوة أسبوعية في منزل الشاعر مجدي الجابري لمناقشة الأعمال
الأدبية الجديدة - وأعمال الأصدقاء - والمسودات
نشاط ثقافي
-----------
جماعة أدبية تضم ( د.سناء عبد العزيز - سناء المصري - وغيرهن )
لمناقشة الأعمال الأدبية للكاتبات -عام 1990
الإصدارات
-----------
المجموعات القصصية
- حكايات الليل ( مجموعة مشتركة ) طبعة خاصة 1984
- تلك القاهرة تغريني بسيقانها العارية ( ديوان قصص) 1991
- أشياء صغيرة وأليفة ( قصص ) أصوات أدبية 1996
- بنات في بنات ( قصص) كتابات جديدة 2000
- بشكل أو بآخر (قصص) أصوات أدبية 2009
- سيدة المكان ( قصص ) دار الدار للنشر والتوزيع 2010
- أنثى الخيال ( قصص) اتحاد الكتاب 2010
تحت الطبع
______
مجموعة الألعاب الخطرة ( قصص )
الروايات
---------
- من حلاوة الروح ( رواية بالعامية ) رؤى للنشر - المحلة2001
- ط 2 سنابل للنشر 2005
- ريح السموم ( رواية ) مكتبة الأسرة 2003
- التي رأت ( رواية ) ميريت للنشر 2008
- قال لها يا !نانا ( رواية ) نفرو للنشر 2008
- مثل ساحرة ( رواية ) دار التلاقي للنشر 2008
- في الليل لما خلي ( رواية ) نشر عام - هيئة الكتاب 2009
- بيت فنانة ( رواية ) دار سندباد للنشر عام 2009
تحت الطبع
-----------
- مجنون نيتشة ( رواية )
- ستي تفاحة ( رواية )
كتب للأطفال
------------
- كتاب أغاني وألعاب شعبية للأطفال - دراسات شعبية - 2004
- سفينة الحلوى ( قصص للأطفال )- كتاب قطر الندى 2006
تحت الطبع
------------
- كتاب داية وماشطة ( دراسات شعبية )
- كتاب صورة المرأة في الأمثال الشعبية ( دراسات شعبية )
- كتاب أغاني أفراح ( جمع ميداني )
الموسوعات
------------
- موسوعة أغاني الأطفال - هيئة قصور الثقافة 2008
- موسوعة وصف مصر الآن - هيئة قصور الثقافة - منطقة حلايب
منطقة البواطي بالوحات البحرية عام 2008
كتبت دراسات عن :
-----------------
- ديوان صندوق الشوار - الشاعر ناجى شعيب - ندوة الأتيلية -
نشرت في مجلة الثقافة الجديدة 2003
- رواية لصوص متقاعدون - حمدي أبو جليل - نشرت في مجلة الثقافة الجديدة 2004
- شاي القمر - نعمات البحيري - نشرت في مجلة الثقافة الجديدة 2006
- أنا والآخر - رواية - 60 ش زين الدين - سعيد نوح - نشرت في مجلة الثقافة الجديدة 2007
ناقشت في ندوات بورقة عمل:
_______________
- مجموعة مطر هادئ – هناء عطية – ندوة الثلاثاء – أتيلية القاهرة
- مجموعة رائحة الورد – منى ماهر طه – ندوة الثلاثاء- أتيلية القاهرة
- مجموعة رائحة الموت – عادل – قصر ثقافة بنها والقناة السابعة
- رواية السماء لا تمطر أحبة - ابتهال سالم - ورشة الزيتون 2009
- رواية جروح الأصابع الطويلة - سهي زكى - ورشة الزيتون 2009
نشر دراسات شعبية :
------------------
- داية وماشطة الجزء 1,2,3, مجلة الفنون الشعبية 2009
- خطاب الهامش - بحث - مؤتمر الفيوم مارس 2006
حوارات في جرائد ومجلات:
--------------------------
- مجلة أفكار - الأردن - على المومنى 2007
- مجلة حواء - محمد الحمامصي 2008
- مجلة الصدى - سعيد شعيب 2002
- مجلة حريتي - يسرى حسان 2001
- مجلة الشرق- عبده الزراع 2002
- جريدة العربي الناصري - ماهر حسن 2003
- أسماء مضيئة - مجلة الثقافة الجديدة - أحمد عبد الرازق أبو العلا
- دراسة فاروق عبد القادر – مجلة وجهات نظر
دراسات في كتب:
----------------
- كتاب أفضية الذات - سيد الوكيل - دراسات نقدية 2006 - دراسات نقدية
- كتاب بلاغة السرد النسوي - د. محمد عبد المطلب2007 -دراسات نقدية
- كتاب الرواية العربية – فاروق عبد القادر – كتاب الهلال
حضور مؤتمرات :
----------------
- مؤتمر المنيا - 1995
- مؤتمر القليوبية 1999
- مؤتمر البحيرة 1999
- مؤتمر القليوبية 2000
- مؤتمر الإسكندرية 2002
- مؤتمر المنيا 2003 - شهادة
- مؤتمر القناة وسينا 2004
- مؤتمر الأقصر2004 - تكريم
- مؤ تمر القاهرة الكبرى بالفيوم – بحث
- مؤتمر سوهاج 2006
- مؤتمرالعريش2007
- مؤتمر العجيلي بالرقة - سوريا 2008 - شهادة
- مؤتمر مرسى مطروح 2008
- مؤتمر الرواية العربية الآن - المجلس الأعلى للثقافة 2004
- مؤتمر القاهرة الرابع للإبداع الروائي 2006
- مؤتمر قاسم أمين - مرور 100 عام على تحرير المرأة 2001
- ملتقى الدولي الأول للقصة القصيرة 2009
الترجمات :
----------
- مجموعة بنات في بنات - الفرنسية - الأوذباكستانية
رسائل الدكتوراة والماجستير :
---------------------------
- رسالة د. زينب العسال - كلية دار العلوم - جامعة القاهرة
- رسالة رحاب الدين الهواري - معهد النقد الفني - أكاديمية الفنون
تقول الكاتبة بداية كتاباتها إنها عندما كتبت أول قصة ( يوم عاصف ) نشرت ضمن مجموعة
( حكايات الليل 1984 ) ربما يكون حظى مدهشاً وغريباً فى نفس الوقت .
فى عام 1982 حصل ماركيز على جائزة نوبل وصدرت الأعمال الكاملة للكاتب الراحل يحيى الطاهر عبد الله ؛ ولأول مرة أمتلك مال خاص بى وغرفة خاصة بى أيضاً حيث أصبحت موظفة فى الدولة تملك راتباً شهرياً وحجرة صغيرة بعيدة عن أخوتى ، غرفة مستقلة ؛ هذا حدث لى وعرفت قيمته قبل أن أقرأ كتاب ( غرفة تخص المرء وحده ) لفرجينا وولف ترجمة د. سمية رمضان .
لقد خضت التجربة بشكل حقيقى قبل أن أقرأ تجارب الآخرين وأسعدنى الحظ ثانية عندما ذهبت إلى مكتبة مركز شباب المنشية الجديدة بشبرا كى أستعير منها الكتب لقراءتها ؛ وهناك تعرفت على مجموعة صغيرة من رواد المكتبة وبدأنا فى عمل ندوة أسبوعية لكل يوم ثلاثاء وأتسعت الندوة بشكل كبير وملحوظ ؛ وهناك تم طرح إسم ماركيز ، تشيكوف ، الأدب الروسى ، الأدب الفرنسى والأدب المصرى ، ويحيى الطاهر ويوسف إدريس وآخرين.
وأول أول قصة قرأتها وأدهشتنى حتى البكاء قصة موت موظف لتشيكوف. كذلك قصة المسخ لكافكا ؛ ثم قصة جبل الشاى الأخضر ليحيى الطاهر عبد الله.
فأصدرت مجموعة ( تلك القاهرة تغرينى بسيقانها العارية 1990 ) وتعتبر أول مجموعة صادحة فى حينها حينما تبنت فكرة ( كتابة الجسد ) كنت لحظتها أرى أن ( جسدى ) كأنثى فى مجتمع شرقى من الطبقة الوسطى مر بمراحل رهيبة من طقوس العبور.
أوضحت الكاتبة والقاصة " صفاء عبد المنعم " فكرة قصة " انثى الخيال " فقالت انها تتكلم عن " رجل قانون لا يعرف غير القانون والقراءة والكتب ، ويصادف فى يوم من الايام "انثى" تشكى له من الظلم وتستنجد به ، وتقول له ان ابيها قد قُتل وتريد حق ابيها ، فظلت الأنثى فى تفكيرة ، ليبحث لها عن حل لمشكلتها ، وهنا خرج بطل القصة من الفكر المغلق الى فكر اوسع ، وخرج من غرفته المغلقة الى الشارع وتعرف على الناس وقراءه الناس ، وقراءة الواقع ، وليس قراءة الكلمات ، فكانت هذه الأنثى هى السبب فى خروجه من الغرف المغلقة الى المجتمع الخارجى ، وكانت هذه الانثى هى أنثى الخيال التى كانت نقطه تحول فى حياته " .
ثم تقول الكاتبة والقاصة " صفاء عبد المنعم " بحديثها الى قصة اخرى بعنوان " فى المرة القادمة " وقالت ان هذه القصة تتكلم عن الفرصة والحياة فقالت ان الفرصة اذا جاءت يجب التمتع بها ومعايشتها ولا تأجلها لأجل أى شىء اخر ، لان تأجيلها يضيع أشياء كثيرة وقد لا تأتى هذه الفرصة مرة اخرى .
وتكلمت ايضاً عن مجموعتها القصصية بعنوان " الالعاب الخطرة " فقالت ان هذه القصة تتكلم عن لاعب السرك " حيث قرر لاعب السرك فى يوم من الايام ان يذهب الى مدرسة الأطفال ليستمتع الاطفال بألعابة ويفرحون بها ، فقام بالمشى على الحبل امامهم ووقع ، فأبتسم الاطفال على مافعل وفرحو بوقوع رجل السرك ، وهم لايدركون انه قد وقع بشكلٍ حقيقى ، واعتقدوا فقط انه قد وقع فقط ليضحكهم ، فقرر رجل السرك ان يحمل طفلين ويعيد المشهد مرة اخرى ويقوم بالمشى على الحبل بهما " .
وهنا هؤلاء كان الاطفال هما الدافع له ليعيد المشهد مرة اخرى وينجح فيه ، وقالت القاصة ان هذه المجموعه القصصية تحمل جميع الالعاب الخطرة المتواجده فى الحياة ، فتتميز هذه المجموعة بمزج الحس اللغوى بالحس التشكيلى ، وقالت انها استمدت بعض المشاهد من الحياة مباشرة ونهلت كذلك من عالم الفن التشكيلى المعاصر ورسمت شخوصها برؤية مفعمة بأبعاد فلسفية خفية لتحصل على سرد يخصها ويمزج بين الحوار القصير والتأمل العميق والصورة الحادة والفاعلة فى تطور السرد والذى يترك أثرا واضحا فى بنيان القصة .
بالتأكيد مقال قصير لا يكفي ولايفي ابداعاتها ....وهذه قصة قصيرة من كتاباتها
........................................................
جنة العشب
لم تكن تدرك تماما ، مدى أندهاشها ، وبهجتها ، وشغفها بطفولية لرؤية الأشياء عندما شاهدت الصحراء الممتدة فى وقار ووحشة أمامها .
ومن آن للآخر تخرج رأسها من شباك السيارة الشروكى ، ةتشير بإصبعها : شوف بابا ، الصحراء واسعة أزاى !
يهز رأسه تلقائيا دون أن ينظر : آه .. آه .. طيب .
ثم تواصل هى نظراتها وفرحها بالأمتداد والرمل الذى يبرق تلقائيا مثل التبر .
والسائق الذى لا يلتفت يمينا أو شمالا ، يسوق بهدوء منسجما مع نغمات الأغنية ( يا مسافر وحدك وفايتنى .. ليه تبعد عنى ..) كان الصوت هذه المرة هو صوت نجاة الصغيرة بحنانه ودفئه الهادىء .
تغنى بشجن زائد .
زاد من حلاوة الكلمات واللحن .
انتبهت فجأة للصوت ، وأخذت تقارن بين صوت محمد عبد الوهاب ، ونجاة الصغيرة فى الأداء والإمتاع .
نظر السائق من خلال المرآة ، وجد الرجل يغط فى نوم عميق ، وهى مازالت عيناها على الخارج ، واللحن دافئا ، رفع صوت المسجل قليلا ، وزاد من درجة التكييف ، فانبعثت رطوبة حلوة ، جعلتها تسترخى قليلا ، ومددت ساقيها .
سمعها تردد بصوت خفيض : الله الدنيا حلوة بشكل ، ليه حرمتنى منها كل السنين دى ؟
رن الموبايل ، فتحت الخط ، وأخذت تتحدث ، وتهز رأسها نفيا وإيجابا ، ثم انفعلت ، واغلقت الخط ، واغمضت عينيها وهى تستمتع بالصوت الهادىء الحنون لنجاة ، فمصمصت شفتيها مندهشة : الله صوتها جميل .
وامتلأت عيناها بالدموع فجأة ، ثم نزلت على خديها مثل دش ساخن .
مازال السائق يراقبها صامتا من خلال المرآة ، والطريق أمامه طويل لا ينتهى .
والأب يغط فى نوم عميق .
مد يده إلى علبة المناديل ، وأخرج منديلا وأعطاه لها : ولا يهمك ياهانم ، بكره يرجع لوحده .
احمرت عيناها ، واخذت المنديل ، ومسحت الدموع .
الأولاد وحشونى قوى .. وهو عنيد .
وجد السائق منفذا للحديث معها ، فكم نظر إليها طويلا وهو يراها تكبر وتنمو أمام عينيه .
ياست من باعك بيعه .
مش بالبساطة دى .
كانت الأشياء فى الخارج تتوارى وتجرى أمام عينيها فى سرعة ، وعندما اقتربوا من مكان به بعض الأشجار المزروعة والمعتنى بها ،ركن السائق العربة ، وقال لها : إيه رأيك ياهانم فى شوية شاى معتبرين .
وافقت بهزة من رأسها ، ثم ايقظت أباها .
بابا .. بابا تعال نشرب شاى .
نزلوا جميعا من العربة ، وجلسوا على كراسى من الجريد ، وتقدم منهم شاب ، فطلبوا جميعا شايا ، هز راسه ، ومسح المنضدة بفوطة فى يده ، أخذت هى تطرقع أصابعها وهى تنظر فى دهشة إلى المكان والهدوء والصمت والصحراء الشاسعة حولهم ، تنهدت : يابخت اللى عايشين هنا !
ضحك السائق بصوت مرتفع : مش قوى كدا ، الصحراء هى الصحراء ، المهم الناس .
لم تعجب افجابة ميرام ، وتنهدت : الناس خدنا منهم إيه غير المرارة ووجع القلب .
ضحك السائق بصوت أكثر أرتفاعا ، وخبط كفا بكف : الجنة من غير ناس ماتنداس .
زهق الأب من حديثهما ، وقام واقفا ، وهو يتجه نحو العربة : يالله بينا الدنيا حر .
عادوا جميعا إلى العربة ثانية ، وكل منهم بداخله هواجسه الخاصة به ، والتكييف يبعث طراوة صناعية هادئة ، وعيناها مازالتا على الخارج ، تتابع مرور الصحراء من أمامها ، تذكرت وقفته طويلا أمام المرآة وهو يستعرض جماله والأزرار والنجوم الذهبية على كتفيه .
كانت البنات فى المدرسة الثانوى يتحدثن سرا ويتهامسن بينهن : يابختها .. اتخطبت لظابط .. جتنا نيلة فى حظنا الهباب .
وتقترب إحدهن منها وهى تملس على شعرها الطويل بخفة .
ألا قوليلى ياميرام ، هتكملى تعليمك ؟
تهز ميرام رأسها غير واثقة : ما عرفش بابا هيعمل إيه ؟
تضحك البنت باستخفاف، وتغمز للبنات بعينها : بابا ولا ماما ؟
مش العريس قريبكم .
تهز ميرام رأسها بطيبة : آه قريبنا من بعيد ، أبن عمة ماما .
تصنع البنات دائرة حولها ، وهن يضحكن على طيبتها التى تصل إلى حد السذاجة .
آه من بعيد .. بتحبيه ياميرام .
ياعنى .
ياعن إيه ؟
شكله مش بطال .
تنظر إحدهن فى عيني ميرام التى شردت بعيدا ، ثم تشير بيدها : على فكرة ياميرام جسمك ينفع مانيكان ، موديل ، أنا أبن عمى أستاذ دكتور فى كلية الفنون الجميلة ، إيه رأيك تيجى معايا تشوفى المرسم بتاعه ؟
ميرام المبهورة الآن بالصحراء والهدوء والعزلة ، وصوت الراديو يبعث فيها حنينا ما ، وتيارا من الشعور الدافىء الغامض لا تستطيع السيطرة عليه .
منذ عشرين عاما ، لم تكن تعرف ماذا تريد بالضبط ، لم تكن تشكلت ذائقتها ، واراؤها ، كانت تعامل على أنها طفلة جميلة لا تعرف مصلحتها .
الآن أدركت تماما ، مدى القسوة التى كانت تعامل بها فى نهميش مشاعرها ، فهى تدرك جيدا الآن ، ماذا تريد ؟ وماذا تفعل ؟
الجسدية المحققة لديها .
فى ليلة كانت عائدة من حفل عيد زواج إحدى قريباتها ، ورأت .. كما يرى النائم وجها بشعا لرجل لم تعرفه ، والكرباج فى يده ، يضرب به الجناينى بكل قوة وعنف لم تعهدها فيه من قبل ، داخل الرقة والطاعة المصطنعة والتى يظهرها دائما أمام الناس .
أمسكت الكرباج من يده ، وصرخت فيه : كدا حرام ، دا مهما كان بنى آدم .
ضحك ضحكة أستفزتها : دول حمير ياروحى ، والكرباج دواهم ، أدخلى أنت جوه ، فلاح جنس ملاعين .
ثم واصل ضربه للرجل .
منذ هذه اللحظة ، كشف عن وجه آخر لا تعرفه .
وجه مغلف بالضحك والأبتسام ، مثل الشمع بارد لا حرارة فيه ، وكشفت مدى كرهها له ، وانها كانت لم تعرفه جيدا .
............................................................
اتمنى ان اكون اوفيت جزء من عطاءها الفذ.
اعداد- غاده عريم