الجمعة، 8 مايو 2015

قصة قصيرة

عزيزى أصلان
   

الآن وللمرة الثانية انتهى من وردية ليل .
لم يكن يشغل بالى سوى العم بيومى وهو يرفع وجهه ( أول دور مش تانى دور ) جملة ذكرتنى بمشهد موت العم مجاهد والشيخ حسنى يجره فوق عربة الفول ، وضبابية الفجر خلفهما .
أفق يفتح على أننا سوف ندفع تجاهه ، واليوم ليس معى مليم ، أرسل به برقية إليك ، أهنئك على روايتك التى أخيرا قرأتها .
" ياه صعب قوى "
الليلة ، أرتدى التيير الأخضر ، والحذاء الشمواة الأخضر ، أكور يدىّ ، وأنفخ فيها نفسا دافئا ، والبنايات العالية تتضخم أمام عينى فى شارع قصر النيل .
" ياه مجدى وحشنى قوى "

لى مقهى زهرة البستان ، كانا صامتين ، ويدخنان بشراهة وعدم أكتراث ، استدارا بوجهيهما ناحيتى .
كان لحق يوحشك .
أسكت أنت ياياسر .
ليك وحشة كبيرة قوى يايوسف ، تيجو نمشى ، لحسن البستانفاضى وممل .
سرنا أنا وياسر الزيات ، ويوسف النجار ، البرد يفجؤنا ، والشوارع خالية ، نكور أيدينا ، وننفخ فيها ، أنفخ بشدة ، وأجرى بينهما .
تعرفوا ..
الشرب فى الجو ده لذيذ .
يابنت المجنونة .
أهدى .
يوه يايوسف ، أصل مجدى له وحشه .
دا عشان أول مرة .
تعالوا نرجع القهوة .
سينما قصر النيل تعرض فيلم ( العسكرى الأزرق ) قلة يدخلون ، لمحنا سليمان يقف خلف بنت سمراء ، تنظر إلى أفيشات العرض ، بفستان تيل سادة ، ندهنا فى نفس واحد :
ياسليمان ..
استدار بارتباك ناحيتنا .
أهلا
أنا كنت فى وردية وراجع .
شفتوا أصلان .
تلاقيه ع القهوة .
أقترب يوسف .
تعرف ياسليمان ..
أنا كنت هناك ع القهوة .
شفت أصلان وشحاتة ، وناس كتير عاملين زينا ، واحنا بنشرب غزازتين البيرة الساقعة ، فى كشك الخواجة على حساب سليمان الصايغ .
وبنضحك عيه وعلى روايح .
اقترب سليمان وسرنا .
ياه يايوسف ، تعرف قبل ما أجى عديت على إبراهيم فهمى صاحبنا ، اللى معايا فى الشغل ، فتحت عليه الوضة ، لقيته ممدد على الأرض حزين ، ومركون على جنب وميت .
سبته زى ماهو وجريت .
معرفش إيه اللى ودانى السيما وقابلتها ، لابسه فستان تيل ولمة شعرها .
جت جنبى وطلبت .. ولما شدتها ، رفضت تخرج للشارع ، همست فى ودنى ( أنا ما بروحش بيوت )
... توقفنا عن السير ، كانت أندهاشة يوسف النجار أوسع من ان ندركها ، ظل صامتا ، ثم فاجأنا .
حاسس إنى هاموت زى العم مجاهد وحدى ، إمبارح أم روايح ماتت على روحها من الضحك وهى بتقوللى : يوه يااستاذ يوسف ، لسك لوحدك !
منور .
ومدت إيدها تحت منها وهرشت وهيه ..بتضحك .
أنا كنت بحب فاطمة وهجوزها .

     الليل يشعرنا بالوحدة ، وقسوة الشارع ، وهو يصفر حولنا ، جعلت وجوهنا أكثر حميمية واقل توترا .
خلاص أنا تعبت .
ومترو النفاق خلص .
تعالو نرجع .
خلاص نسيتى ؟
لأ
أنا عايزة اشرب .
" على بابا " مكان ضيق وكئيب ، ومبنى الجامعة الأمريكية يقف أمامنا شامخا فى وحشة .
أزايز البيرة عملت جو .
يعنى المخزن مش أحسن .
يوه ياياسر كفاية شرب .
أنت بالذات تسكتى .
فاكر يايوسف مشهد الهرم لما زنقة الشيخ حسنى فى الحمام .
أنا ساعتها مت من الضحك .. والسيما هاجت .
المشهد اللى معشش جوايا بجد ، مشهد يوسف وهو متمدد ونايم والقارب على وش المية .
طول عمرى بحلم بالمشهد ده .
مية ، وأنا نايم على ضهرى ، وانا .. وواحد .. واحد جميل .. جميل قوى ، بنمارس جنس .
من غير مركب .
من غير مركب .
عريانة .
يابنت المجنونة .
الله يخرب بيتكم .
البيرة دى هايلة .

                                                   مايو 1994 

قصة قصيرة (عزيزي أصلان)

  عزيزى أصلان     الآن وللمرة الثانية انتهى من وردية ليل . لم يكن يشغل بالى سوى العم بيومى وهو يرفع وجهه ( أول دور مش تانى دور ) جملة ...

المتابعون