العيد
ليلة العيد . كنت أرتدى ملابسى الجديدة ، والتى أشتريتها أنا وامى وجدتى .
ودائما كنت أختار فستانا أحمر بزهور صغيرة ،
وحذاء لونه أسود ، وشراب ابيض بكور صغيرة ملونة على الجانبين .
وفى الليل أرتدى الفستان الجميل والشراب
الجديد ، وأمى تسرح لى شعرى على هيئة ذيل حصان طويل ، وأنام جوار جدتى التى كانت
تعطينى العيدية ( بريزة جديدة لنج) واضعها فى شنطتى الصغيرة ، وفى الصباح ، أصحو
مع جدتى ، واسمع معها تكبيرات العيد المبهجة (الله أكبر ، الله أكبر ..) واسمع
جدتى تردد معهم ، أجلس غلى جوارها ، وارفع يدىّ الصغيرتين إلى السماء ، وادعو
مثلها ، واردد الله أكبر ، الله أكبر كبيرا ..
ثم بعد ذلك ، تصنع لى كوبا من الشاى باللبن ،
وتضع أمامى طبقا كبيرا من الكعك اللذيذ .
أأكل فى سرعة ، ثم اقبلها : كل سنة وانت طيبة
ياتيتا .
تقبلنى وهى سعيدة وفرحة : عيد سعيد ياقطتى .
ثم أخرج مع البنات صديقاتى إلى الحديقة
الواسعة .
وكانت عبارة عن ( مخبأ) قديم مزروع فوقه بعض
الحشائش والزهور ، وكنا نشاهد الأراجوز ، وصندوق الدنيا ، والحاوى ،والقرداتى وهو
يرقص القرد ويلعب نوم العازب وعجين الفلاحة ، ثم نصفق له ونعطيه بعض القروش القليلة
ونحن فرحين .
ثم نركب المراجيح ، وكنت دائما أختار (
الزقازيق) وهى خيمة كبيرة بها علقات معلق بها أحصنة خشب وعربات صغيرة وطائرات
مكتوب عليها اسم الدول العربية .
كنت اختار دائما طائرة سوريا ولبنان ، ولا
أعرف لماذا؟
كنت أحب هذه الطائرة بلونها الخضر الزاهى ومرسوم
عليها شجر الأرز الجميل .
وكان صاحب المراجيح رجل عجوز ومعه ابنه الشاب
وزوجته ينادى بصوت جهورى من يحب الذهاب إلى تونس ، المغرب ، الجزائر ويظل ينادى ،
والأطفال يتوافدون مهللين فرحين : أنا تونس ، وأنا الجزائر ، وانا المغرب وهكذا
حتى تمتلىء جميع الطائرات والعربات والأحصنة الخشبية .
ثم يدفع المرجيحة بقوة وعزم فتدور بنا ونحن
فرحين ثم يبدأ النقر على طبلة كبيرة ، تشبه طبلة المدرسة فى طابور الصباح ، ثم
يغنى ونحن نردد وراءه :
على عليوه
ياللى
ضرب الزميره
ياللى
ضربها حربى
ياللى
نطت فى قلبى
ياللى
وهكذا حتى آخر الغنية ونحن نعلو بصوتنا
الطفولى ، والمرجيحة تدور ، ثم يقول : اللى يحب النبى يقول :
هيه
هييييييييييييه
ونحن فى سعادة وفرح وضحكات بريئة من القلب
الصغير .
وتقف المرجيحة وننزل ،واحيانا كان يساعد
الطفال الصغار ، خصوصا راكبى الحصنة الخشبية .
وتدور رؤسنا التى دارت من كثرة اللفات
والغناء بصوت مرتفع ، وكنا نتبارى من صوته أعلى البنات أم الصبيان ، واليام
الجميلة الممتعة .