كان ياما كان فى سالف العصر والأوان .
أميرة صغيرة تسمى زهرة الكمثرى لشدة شبهبها
بهذه الفاكهة الجميلة .
وكان أخواتها الأمراء الكبار يهزئون بها
وبشكلها الفريد والغير متناسق كثيرا .
وكانت الأميرة الصغيرة ، تحب أباها حبا جما ،
وتجلس إلى جواره فى الليل وهو يحكى لها الحكايات .
وتضحك الأم كثيرا سعيدة وفرحة بزهرة الكمثرى
وعطف والدها عليها .
وفى يوم من الأيام أغتاظ أخواتها من حب أبيهم
لزهرة الكمثرى ، فقالوا لها : تعال معنا إلى الغابة يازهرة الكمثرى حتى نصطاد
اليعاسيب الجميلة ، ونلعب بها ، وكانت زهرة الكمثرى الطيبة ، تحب أخواتها الكبار ،
وتخشى غضبهم وغيرتهم ، فذهبت معهم إلى الغابة ، وعندما جاء المساء ، نامت زهرة
الكمثرى من شدة التعب واللعب والجرى وراء اليعاسيب .
وهنا أنتهز أخواتها الفرصة ، وعادوا بمفردهم
إلى أبيهم يبكون ويدعون أن زهرة الكمثرى أختفت فى الغابة ، وأنهم لا يعرفون طريقها
، وأخذوا يبكون ويبكون ، ولكن قلب الأب الحنون لم يصدق هذه الحكاية ، فأمر الحراس
أن يشعلوا المشاعل ، ويذهبون معه إلى الغابة كى يبحثوا عن زهرة الكمثرى الصغيرة .
وعندما ذهب الحراس ، وتوغلوا فى الغابة رؤا
عن بعد ضوء شديد الوضوح يضىء على شكل زهرة الكمثرى ، فجرى الأب بقلبه الملهوف نحو
الضوء ، فوجد زهرة الكمثرى تغط فى نوم عميق ، والقمر واقفا حولها حارسا .
فحملها الأب ، وعاد بها إلى القصر دون أن
يخبر اولاده ، وأمر الحراس بألا يفشوا سر عودة زهرة الكمثرى الصغيرة ، ونامت زهرة
الكمثرى على السرير الحرير داخل القصر بجوار والدها .
وكل ليلة يحكى لها حكاية مختلفة عن الحيوانات
والطيور ووحوش الغابة الكثيرة ، ومازالت زهرة الكمثرى نائمة لم تستيقظ طوال هذه
الأيام ، فقال الأب لزوجته : إن زهرة الكمثرى غاضبة ولن تستيقظ حتى يعترف أخواتها
بالحقيقة ، ويعتذرون لها ، ويحبونها كما هى تحبهم .
فقالت الأم : وماذا نفعل أنهم ينكرون الحقيقة
، ولم يعرفوا بعودتها حتى الآن ؟!
قال الأب : لا بد أن نفكر فى حيلة تجعلهم
يقوقون الحقيقة ويعترفون بغلطهم نحو أختهم الصغيرة .
وفى صباح اليوم التالى .
نادى الأب على أولاده وقال لهم : ما رأيكم
ياأولادى ، نذهب اليوم إلى الغابة ؟!
كى نصيد اليعاسيب الجميلة معا .
فقال أكبرهم : لا ياأبى نحن نخاف ان ندخل
الغابة ، ونضيع مثل زهرة الكمثرى .
ضحك الأب وقال : لا تخافوا ، فأنا معكم ،
وكنت أحب صيد اليعاسيب الجميلة وأنا صغير مثلكم ، هيا بنا هيا .
قال الأخ الأوسط : لا ياأبى لن أذهب معكم حتى
لا أضيع مثل زهرة الكمثرى .
قال له الأب : لا تخف ياأميرى الصغير ، فأنا
معكم ، وحتى إذا نام أحدكم فى الغابة فلن أتركه وحيدا وسط الوحوش فى الليل بمفرده
، بل سوف أحمله على كتفى مثل طفل رضيع ، واعود به إلى القصر .. فأنت ابنى حبيبى
مثل زهرة الكمثرى الصغيرة .
وهنا أنفجر الأخوة الثلاثة فى بكاء شديد ،
وتذكروا زهرة الكمثرى الصغيرة ، وحكوا كيف تركوها بمفردها نائمة فى الغابة ،
وأخذوا يبكون ويبكون بحرقة وألم .
وهنا قال لهم الأب : لماذا تبكون الآن هناك
سر كبير وراء هذا البكاء الشديد .
قال الأخ الصغر : أغفر لنا ياابى لقد كذبنا
عليك ، لقد تركنا زهرة الكمثرى فى الغابة بمفردها وهى صغيرة ، وكذبنا وعدنا
بمفردنا إلى القصر ونحن سعداء ، إننا كنا حاقدين عليها من شدة حبك لها ، سامحنا
ياأبى .
ضحك الأب ، واخذ أبنائه الثلاثة فى حضنه
الكبير ، وقال لهم : الآن شفيت زهرة الكمثرى بأعترافكم بالذنب وقلتم الحقيقة .
ثم أخذ أولاده الثلاثة إلى حجرة النوم ،
ورأوا زهرة الكمثرى تضحك وهى نائمة فى حضن أمها على السرير الحرير .
قفزوا جميعا إلى جوارها وهم يبكون ويتأسفون لها
ويقبلون أيديها الصغيرة .
وجلس
الأب بينهم وهو سعيد ، واخذ يحكى لهم الحكايات المسلية عن الحيوانات والطيور فى
الغابة ، وزهرة الكمثرى تضحك وهى سعيدة .