الأحد، 20 يوليو 2014

قصة للأطفال


 بيتسى بنت كوكا


بقلم / صفاء عبد المنعم

 

أنجبت القطة كوكا البيضاء الكبيرة ، قطة صغيرة لونها أصفر ذهبى .

الأم كوكا تخاف كثيرا على صغيرتها ، فتخفيها فى مكان آمن بعيدا عن العيون .

وكل يوم فى الصباح تحذر الأم كوكا طفلتها الصغيرة من الخروج بمفردها وحيدة فى غيابها ، حتى لا تضيع أو يأخذها طفل صغير ويقبض  عليها بيديه الصغيرتين ، ويغرز أظافرة الصغيرة فى ظهر بيتسى الجميلة الذهبية .

بيتسى قطة صغيرة شقية ، تحب اللعب ، وتظهر دوما بمظهر القطة الشقية المستقلة برأيها .

فعندما تخرج الأم كوكا من الصندوق للبحث عن الطعام والماء لترتوى وتأكل وتعود محملة باللبن الغزير لطفلتها الصغيرة .

تتسلل بيتسى من بين فتحات الصندوق ، وتخرج تلعب وتتقافز ، وتجرى وراء الذباب والفراشات الطائرة ، وتلهو مرحة وسعيدة .

وعندما تراها الأم كوكا وهى عائدة ، خارج البيت تنهرها بشدة ، وتزمجر وتضربها بكفها الكبير على ظهرها ، وتحذرها بشدة وعنف ، قائلة لها : بيتسى أنت صغيرة حمقاء ، لابد أن تسمعى كلام أمك الكبيرة ...

الولد  الصغير ، إذا رأكى لن يتركك ياصغيرتى ، سوف يلعب بك ، ويغرز أظافره فى شعرك الرقيق ، وربما يحضر حبلا طويلا ويربطه فى رقبتك ، ويجرجرك به على الأرض ، وقد تموتين ، فهو طفل صغير ولا يعرف الخوف ، وهو قوى ، لأنه أكبر منك يابيتسى ، ولحظتها لن استطيع أنقاذك من يديه ، لأنه سوف يصرخ ويملأ الدنيا صياحا بصوته القوى الرفيع ، وربما تطردنا أمه من البيت ، ونضيع أنا وأنت ، أو تموتين من البرد ، وأموت أنا حزنا عليك .

     بيتسى الصغيرة لا تسمع كلام أمها .

وفى كل يوم تزداد شقاوة وجمالا .

وعندما تراها الأم ربة البيت تبتسم فى صمت ، وتنظف لها الصندوق الذى تنام فيه بيتسى ، وتضع الطعام والماء للأم كوكا الكبيرة فى طبقين منفصلين.

وفى يوم من الأيام أستيقظ الطفل أحمد من النوم مبكرا ، وأخذ يبحث عن أمه فى البيت ، فرأها تقف بجوار صندوق كبير ، ترقد فيه قطة صغيرة لونها أصفر ذهبى جميل .

صاح أحمد صارخا : قطة جميلة ، قطة صغيرة ، ألعب معها ياأمى .

وأخذ يغنى لها : قطتى يامشمش ، يامحلى عينيك ، ليه بتقولى نونو ، لماذا القطة تنونو ياأمى ؟ هل هى جائعة ؟

أخذته أمه من يده وقالت له : القطة الآن نائمة وهى صغيرة ، ولا تعرف اللعب ، أتركها تكبر قليلا ، وتخرج من الصندوق ثم تلعب معك بعد ذلك ، وتمرح ، وتسعد بها ، فهى جميلة ولطيفة .

أرتدى أحمد ملابس المدرسة ، وخرج سريعا ، وركب الباص وهو سعيد ا.

وجلس بين أصدقائه الصغار ، يحدثهم عن قطته الذهبية الصغيرة .

قال له أصدقائه الصغار : الله ياأحمد ، نريد أن نرى القطة ، ونلعب معها ، مااسمها ياأحمد ؟

قال أحمد : اسمها بيتسى ، أى الجميلة .

هلل الأصدقاء فرحين ، وقالوا : يوم الجمعة القادم، نزور أحمد فى البيت ، ونلعب مع قطته الجميلة بيتسى .

    

     فى صباح يوم الجمعة ، استيقظ أحمد من النوم مبكرا على غير عادته ، سمع جرس الباب يدق بشدة ، وأصدقائه يتصايحون على السلم : أفتح ياأحمد ، أفتح ياأحمد ، لقد حضرنا جميعا ، لكى نرى القطة الصغيرة ذات اللون الأصفر الذهبى .

فتح أحمد الباب .

جرى الأطفال بسرعة وأنتشروا فى البيت يبحثون عن الصندوق الذى تنام فيه القطة الصغيرة بيتسى .

رأتهم الأم كوكا القطة الكبيرة ، وهم يقتربون بشدة من الصندوق ، فخافت على صغيرتها ، وأخذتها بين أسنانها ، وجرت بها فى البيت كى تخفيها بعيدا عن العيون ، وهى مزعورة وخائفة على صغيرتها الجميلة .

والأطفال يجرون وراءها .. وهى تجرى .. وأحمد يقف حائرا ، ماذا يفعل

أستيقظت الأم على صوت صياح شديد ، وأبواب تفتح وأبواب تغلق ، وزجاج المنضدة الكبيرة يسقط على الأرض مدويا ، ويتفتت إلى شظايا صغيرة .

خرجت الأم من حجرتها فزعة ومزعورة ، ماذا حدث فى البيت ؟ هل هناك زلزال يزلزل الأرض ؟ أم هناك حربا قامت فجأة ؟

وقفت الأم فى الصالة الواسعة ، رأت أبنها أحمد يقف حائرا ، حزينا ، صامتا ، لا يعرف كيف يوقف أصدقائه ...

والقطة تجرى مزعورة فى رعب ، وأبنتها الصغيرة فى فمها ، وتقبض عليها بفكيها الكبيرين .

والأطفال يجرون فى كل مكان .

نادت الأم على الأطفال ، لم يقف أحد فى مكانه .

ظلوا يهرولون وراء القطة الخائفة على أبنتها ، ويحاولون جذبها بقوة من زيلها ، وهى تجرى وتختبىء.

خرج الأب من حجرته ، ورأى هذا المشهد ، وقف للحظات صامتا ، ثم صفق بيديه وقال: الأطفال تجمع هنا حالا .

وقف الأطفال لدقائق ، وحاولوا الجرى وراء القطة مرة أخرى .

جرت الأم وأغلقت الباب سريعا على القطة المزعورة ، وحبستها فى حجرة النوم .

صاح الأطفال معترضين : نريد أن نرى بيتسى الصغيرة ، نحن نريد أن نلعب معها .

جمع الأب الأطفال ، وحاول تهدائتهم وقال لهم : القطة الكبيرة خافت على صغيرتها منكم ، لهذا جرت مفزوعة ، تريد أن تخفى صغيرتها وتحميها ....كان لابد من الأنتظار حتى تكبر بيتسى قليلا ، وتعرف معنى اللعب ، ولا تخاف الأم  كوكا عليها .

أحضرت الأم بعض العصائر من الثلاجة للأطفال ، وأجلستهم حولها على تربيزة السفرة ، وأخذت تحكى لهم عن خوف الأم على صغارها ، ولا بد من حمايتهم حتى يكبرون ، وذكرت كل طفل كيف كانت أمه تفعل معه وهو صغير ، وكيف كانت ترضعه ، وتغير له ملابسه ، ولا تحمله كثيرا ، بل تتركه نائما فى فراشه .

هكذا الحيوانات أيضا ، تخاف على صغارها من الأعداء  وخاصة الحيوانات المفترسة ، وتخفى صغارها فى أماكن آمنه بعيدا عن العيون .

ووعدتهم عندما تكبر بيتسى الصغيرة بعض الشىء سوف تحضرهم إلى البيت ، وتتركهم يلعبون مع القطة الصغيرة بسعادة وفرح .

وأن الأم كوكا القطة الكبيرة ، سوف تتركهم يلعبون مع صغيرتها الجميلة دون خوف ... ثم أتت الأم بالموبايل الخاص بها ، وأخذت تفتح لهم ملف الصور الخاص بالقطة كوكا وأبنتها فى لحظة الميلاد ، وكيف تتطعمها ، وكيف ترضعها ، وكيف تنظف لها جسدها الصغير ، وكيف تنام بيتسى فى حضن أمها .

وحكت لهم أن بيتسى لم تولد بمفردها ، بل كان معها قطتين صغيرتين جميلتين ، وكان لونهما أبيض جميل مثل الثلج ، يشبه لون الأم كوكا ، ولكنهما ماتتا ، ولم يبق إلا القطة الصفراء ، ولهذا تخاف أمها عليها كثيرا ، وكل فترة تخفيها بعيدا عن عيون من فى البيت ، مرة داخل دولاب الملابس ، ومرة داخل دولاب المطبخ ، والأم تبحث عنها كل يوم ، وتضع لها الطعام اللذيذ ، والماء الطازج ، حتى تشبع القطة الكبيرة ، وتطعم طفلتها الصغيرة .

فرح الأطفال بالصور التى شاهدوها فى الموبايل ، ووعدوا الأم بأن يعودوا بعد ذلك لمشاهدة القطة الصغيرة عندما تكبر .

ووعدتهم الأم بصور جديدة لبيتسى ، وبأنها سوف تقوم برفع الصور الجميلة على صفحتها فى الفيسبوك حتى يشاهدها جميع الأصدقاء ، ويفرحون معهم .. وأنها سوف تكتب قصة تروى فيها ما حدث اليوم ، وتسميها ( بيتسى أبنة كوكا ).

 

     بعد أن خرج الأطفال من البيت .

جلس أحمد بجوار أمه وأبيه وهو صامت وحزين ، ولا يعرف ماذا يقول أو كيف يكفر عن خطأه ، وما فعله أصدقائه فى البيت ، وأنهم حضروا على غفلة ، ولم يخبره أحد بحضورهم ... وأنه هو المخطىء لأنه حكى لهم عن قطته الصغيرة ، ثم أخذ يبكى .

قالت له الأم وهى تحتويه بين ذراعيها : لا تبكى ياصغيرى ، أنهم أطفال صغار يتصرفون بعفوية وطيبة وحب شديد ، ولكن أنصحهم بالأستاذان قبل الحضور إلى البيت ... حتى نكون على أستعداد للأستقبالهم .
فرح أحمد بهدوء والده ، وطيبة أمه ، وقال لهما : أنا أسف ياأبى ، أنا أسف ياأمى .. سوف أدخر من مصروفى اليومى ، وأشترى زجاجا جديدا للمنضدة التى كسرهها أصدقائى .

قصة فأل سئ

  فأل سئ لا أعرف بالضبط ماذا حدث لي؟ منذ ليلة أمس وأنا تنتابني حالة من العراك والغضب الزائد، لقد ألغيت لقاءً كان مهما بالنسبة لي في العم...

المتابعون