الثلاثاء، 4 فبراير 2014

مكحلة أمى .

المساحيق
لا أجيد وضع المساحيق على وجهى ، وتزيين بشرتى بالألوان ، بأى لون ، سواء بوضع البودرة على الخدين ،أو كريم أساس ، ويوم أكون مدعوة فى حفلة أو فرح ، أضع فقط الروج البنى الفاتح أو الأحمر الوردى ، وقديما كنت أضع الكحل من مكحلة أمى ، ولكنى أقلعت عن هذه العادة شيئا فشيئا مع تقدم الزمن ، فأصبحت لا أتكحل مطلقا .
كانت مكحلة أمى عبارة عن قارورة صغيرة وجميلة وبداخلها مرود صغير ، كانت على هيئة طاووس ، منفوش الزيل ، وكنت أسمعها تحدث جارتنا الحاجة ( أم محمد ) التى تذهب دائما لزيارة الرسول فتوصيها بأحضار حجر الكحل .
وكانت الحاجة التى زارت الرسول أكثر من سبع مرات فى ذلك الوقت ، أحيانا تأتى لأمى من تلقاء نفسها ، فتعطيها حجر الكحل ، وطرحة الصلاة البيضاء ، وسبحة تضىء ، وسجادة عجمى للصلاة ، وتقول لها بصوت خفيض : دول من عند الغالى .
فكانت أمى بكل طيبة وحب تقبل السبحة والطرحة والسجادة ، وتدفس حجر الكحل فى صدرها ، وتقول : هدية مقبولة ياحاجة .
تقوم الحاجة واقفة للأنصراف وهى تدعو لأمى : ربنا يوعدك بزيارته يابنتى ، وتملسى على شباكه . وفى صباح اليوم التالى تقوم أمى من النوم مبكرا ، تسحق حجر الكحل وتضيف له بعض المحوجات التى أحضرتها من عند العطار ثم تضعه داخل مكحلتها الجميلة ، وكل يوم فى الصباح الباكر تغسل أمى وجهها ثم تضع الكحل الحامى فى عينيها السوداويين ، وتدمع بعض الدمعات لأن الكحل حامى ، ثم تغسل وجهها ثانية وتنظر فى المرآه وتضحك . كانت أمى تهتم بأنوثتها كثيرا رغم ريفيتها ، وتهتم بزينتها ونظافتها الشخصية ، وكان يوجد فى الحمام حجر خف صغير تحك به قدميها وكعبيها .و منذ وفاتها .
أصبحت لا أتزين مطلقا .
حتى شعرى الطويل الناعم ، أهملته فصار مجعدا ، وأعقصه فى كعكة غريبة رديئة  أعلى رأسى بعد أن قصصته عدة مرات .
كل ماكنت أحبه تركته ورائى ؟!
حتى رائحة الشانيل التى كنت أعشقها هجرتها منذ وفاة زوجى ، أستبدلتها برائحة الإمبالا ثم تركت الجميع ، ففكرة التزين أصبحت لا تجذبنى أصلا ، ولا أحتفى بجسدى مهما كانت الأسباب ، أهملت الأنثى التى كنتها ، وأسير فى الطرقات مثل ورقة شجر جافة تزروها الرياح ، أو مثل وردة حمراء جافة أطاحت بها رياح الخماسين .

قصة فأل سئ

  فأل سئ لا أعرف بالضبط ماذا حدث لي؟ منذ ليلة أمس وأنا تنتابني حالة من العراك والغضب الزائد، لقد ألغيت لقاءً كان مهما بالنسبة لي في العم...

المتابعون