كنت وأنا صغيرة فى فترة الستينات , وعندما اسمع صوت صفارة الخطر , أجرى وأختبىء فى حضن جدتى .
وهى تجمعنا حولها , وينزل سكان الأدوار العليا الى شقتنا التى كانت بالدور الأرضى , ونطفىء الأنوار عدا السهارة الجاز الصغيرة ( الوناسة ) ونغلق جميع النوافذ المدهونة باللون الأزرق , ونتأكد من وضع شكائر الرمل فوق الحائط المبنى أمام البيت .
وكانت جدتى تنتهز الفرصة حيث يتجمع أكبر عدد من السكان لشعورهم بالأمان فى بيتنا , وتفتح دولاب حكيها , وتشغل ماكينتها المبهرة فى الحكى , وتبدأ بالصلاة على النبى وأهله وصحبة , تحكى لنا تاريخا طويلا من الأحداث ..
منذ جدها الذى ذهب مع زملاءه من القرية لحفر قناة السويس , ولم يعد , وعلمت أمها أن تزوج فى بر الشام , وأستراح بعد أن هرب هو وأصدقائه من السخرة , وكيف كانوا يسيرون على أقدامهم ليلا , ويأكلون أعواد الذرة ,الى احداث ثورة 1919 وهتافها وهى صغيرة مع الأولاد فى القرية ( سعد سعد يحيا سعد ) وتنتقل بالحديث عن دوار العمدة الذى كانت تذهب اليه لسماع ( الجرمافون ) وصوت الأنسة ام كلثوم والست منيرة المهدية وصالح عبد الحى والشيح محمد عثمان ودور كدنى الهوى , ثم تتطرق بالحديث عن ,أخى زوجها المناضل الذى أنضم الى حرب فلسطين عام 1948 وتحكى وتحكى بشوق وحب و وفى حديثها وحكاياتها الأمان والأمن .
وتدور أمى على الجالسات باكواب الشاى الساخنة . وهن يدعين لها بالصحة والعافية .
هذه كانت جدتى !
وهذه كانت أمى !
وهذه هى الحكايات !
وهذا هو بيتنا !
وكانت الجارات الجميلات ( أم رومانى , وأم مينا , وأم رفعت , وأم محمد , وام حنان ..الخ ) وجميع الجارات المتحابات والله والوطن .
والمجتمعات مع بعضهن البعض الى حين تنطلق ( صفارة الأمان ) فيخرجن فرحات , سعيدات بكرم الضيافة والحب والآمان , داعيات لجدتى بطول العمر ولأمى بالصحة والعافية .
وجملة واحدة أسمعها منهن : ربنا يجعله ديمن عامر ياأم صفاء .
وتأخذنى جدتى فى حضنها الكبير الدافىء , وتقبلنى بحب وحنان : لسه خايفة ياوزة ؟
أشير بأصبعى لا
ثم أدخل فى نوم عميق على صدرها .
وهى تجمعنا حولها , وينزل سكان الأدوار العليا الى شقتنا التى كانت بالدور الأرضى , ونطفىء الأنوار عدا السهارة الجاز الصغيرة ( الوناسة ) ونغلق جميع النوافذ المدهونة باللون الأزرق , ونتأكد من وضع شكائر الرمل فوق الحائط المبنى أمام البيت .
وكانت جدتى تنتهز الفرصة حيث يتجمع أكبر عدد من السكان لشعورهم بالأمان فى بيتنا , وتفتح دولاب حكيها , وتشغل ماكينتها المبهرة فى الحكى , وتبدأ بالصلاة على النبى وأهله وصحبة , تحكى لنا تاريخا طويلا من الأحداث ..
منذ جدها الذى ذهب مع زملاءه من القرية لحفر قناة السويس , ولم يعد , وعلمت أمها أن تزوج فى بر الشام , وأستراح بعد أن هرب هو وأصدقائه من السخرة , وكيف كانوا يسيرون على أقدامهم ليلا , ويأكلون أعواد الذرة ,الى احداث ثورة 1919 وهتافها وهى صغيرة مع الأولاد فى القرية ( سعد سعد يحيا سعد ) وتنتقل بالحديث عن دوار العمدة الذى كانت تذهب اليه لسماع ( الجرمافون ) وصوت الأنسة ام كلثوم والست منيرة المهدية وصالح عبد الحى والشيح محمد عثمان ودور كدنى الهوى , ثم تتطرق بالحديث عن ,أخى زوجها المناضل الذى أنضم الى حرب فلسطين عام 1948 وتحكى وتحكى بشوق وحب و وفى حديثها وحكاياتها الأمان والأمن .
وتدور أمى على الجالسات باكواب الشاى الساخنة . وهن يدعين لها بالصحة والعافية .
هذه كانت جدتى !
وهذه كانت أمى !
وهذه هى الحكايات !
وهذا هو بيتنا !
وكانت الجارات الجميلات ( أم رومانى , وأم مينا , وأم رفعت , وأم محمد , وام حنان ..الخ ) وجميع الجارات المتحابات والله والوطن .
والمجتمعات مع بعضهن البعض الى حين تنطلق ( صفارة الأمان ) فيخرجن فرحات , سعيدات بكرم الضيافة والحب والآمان , داعيات لجدتى بطول العمر ولأمى بالصحة والعافية .
وجملة واحدة أسمعها منهن : ربنا يجعله ديمن عامر ياأم صفاء .
وتأخذنى جدتى فى حضنها الكبير الدافىء , وتقبلنى بحب وحنان : لسه خايفة ياوزة ؟
أشير بأصبعى لا
ثم أدخل فى نوم عميق على صدرها .