الخميس، 6 ديسمبر 2012

صفارة الخطر

كنت وأنا صغيرة فى فترة الستينات , وعندما اسمع صوت صفارة الخطر , أجرى وأختبىء فى حضن جدتى .
وهى تجمعنا حولها , وينزل سكان الأدوار العليا الى شقتنا التى كانت بالدور الأرضى , ونطفىء الأنوار عدا السهارة الجاز الصغيرة ( الوناسة ) ونغلق جميع النوافذ المدهونة باللون الأزرق , ونتأكد من وضع شكائر الرمل فوق الحائط المبنى أمام البيت .
وكانت جدتى تنتهز الفرصة حيث يتجمع أكبر عدد من السكان لشعورهم بالأمان فى بيتنا , وتفتح دولاب حكيها , وتشغل ماكينتها المبهرة فى الحكى , وتبدأ بالصلاة على النبى وأهله وصحبة , تحكى لنا تاريخا طويلا من الأحداث ..
منذ جدها الذى ذهب مع زملاءه من القرية لحفر قناة السويس , ولم يعد , وعلمت أمها أن تزوج فى بر الشام , وأستراح بعد أن هرب هو وأصدقائه من السخرة , وكيف كانوا يسيرون على أقدامهم ليلا , ويأكلون أعواد الذرة ,الى احداث ثورة 1919 وهتافها وهى صغيرة مع الأولاد فى القرية ( سعد سعد يحيا سعد ) وتنتقل بالحديث عن دوار العمدة الذى كانت تذهب اليه لسماع ( الجرمافون ) وصوت الأنسة ام كلثوم والست منيرة المهدية وصالح عبد الحى والشيح محمد عثمان ودور كدنى الهوى , ثم تتطرق بالحديث عن ,أخى زوجها المناضل الذى أنضم الى حرب فلسطين عام 1948 وتحكى وتحكى بشوق وحب و وفى حديثها وحكاياتها الأمان والأمن .
وتدور أمى على الجالسات باكواب الشاى الساخنة . وهن يدعين لها بالصحة والعافية .
هذه كانت جدتى !
وهذه كانت أمى !
وهذه هى الحكايات !
وهذا هو بيتنا !
وكانت الجارات الجميلات ( أم رومانى , وأم مينا , وأم رفعت , وأم محمد , وام حنان ..الخ ) وجميع الجارات المتحابات والله والوطن .
والمجتمعات مع بعضهن البعض الى حين تنطلق ( صفارة الأمان ) فيخرجن فرحات , سعيدات بكرم الضيافة والحب والآمان , داعيات لجدتى بطول العمر ولأمى بالصحة والعافية .
وجملة واحدة أسمعها منهن : ربنا يجعله ديمن عامر ياأم صفاء .
وتأخذنى جدتى فى حضنها الكبير الدافىء , وتقبلنى بحب وحنان : لسه خايفة ياوزة ؟
أشير بأصبعى لا 
ثم أدخل فى نوم عميق على صدرها .

قصة فأل سئ

  فأل سئ لا أعرف بالضبط ماذا حدث لي؟ منذ ليلة أمس وأنا تنتابني حالة من العراك والغضب الزائد، لقد ألغيت لقاءً كان مهما بالنسبة لي في العم...

المتابعون