السبت، 3 أبريل 2010

المكتنزة البيضاء

أحب النظر !لى المارة , والشارع , والبنات الصغيرات فى نهاية اليوم الدراسى , وهن عائدات , تحمل كل منهن على كتفها نهاية يوم طويل من الأسئلة , وشنطة مليئة بالكراسات , وأصابع باردة من كثرة الوضوء . كل هذا يجعلنى أشعر بلذة الحياة فى نهاية القرن العشرين , وسطوة الموت خطف أخى الصغير , ثم أختى الصغيرة , التى تمنيت طويلا أن يمنحنى الله أياها , وكانت بيضاء جميلة , شعرها أسود طويل , تشبه ( مى ) فى خفة دمها , وسكارة ريقها اللذيذ الذى كلما أشرب منه لا أرتوى , ريق يبعث فيك الحياة والطمأنينة , وأنك لن تغادر هذا المكان الجالسة فيه قبل أن تعبئ بطنك , وتملأ رئتيك من هواء زفيرها .
البنات الصغيرات لهن روائح خاصة , لاهى بالزهور , وى بالعطر , روائح اللبن الممزوج برائحة برازهن وعرق الجلد وبودرة التلك .
رائحة تجعلك تمد أنفك طويلا بين ثنيات رقابهن , وتتشمم طويلا , فتصدر عنك آه طويلة , وتظل عيناك مسبلتين وتردد :الله .. الله عسل وسكر ,وتشم , تشم ,تشم .
البنات الصغيرات يخبئن اللبن داخل أثدائهن لسنوات قادمة .
( كنز اللبن المخبأ لمصه , وكنز الدم المخبأ لفضه , وكنز القلوب المراهقة للحب , وكنز التصورات والتخيلات عن حصان أبيض وفارس جميل يشبه أبو زيد فى جسارته وعنتر فى حبه , والشاطر حسن خطفه لست الحسن )
كنوز مخبأة داخل جونلات الصف الخامس والسادس , وصوت جمال عبد الناصر فى .. " باسم الأمة وباسم الشعب وباسم الحرية " .
الولد الشقى ابن الجيران الجالس فى المقعد المقابل للبنت المكتنزة البيضاء التى ينز عرقها برائحة البيض المسلوق والعيش الفينو . يعطيعها صورة العذراء والمسيح والملائكة .
البنت البيضاء المكتنزة المحملة برائحة الكبدة المحمرة بالبصل والثوم , تعطى الولد الشقى سندوتشات البيض مقابل صورة العذراء والملائكة , تجمع كل هذه الصور داخل قلبها ولا تفرغها !لا

فصل من رواية عطية الشمس

  (عطية الشمس)  رواية صفاء عبد المنعم -----------------------   إهداء إلى/ أبطال رواية من حلاوة الروح --------------------------...

المتابعون